الصورة: جين ماري لوبين، أحد الزعماء التاريخيين لليمين المتطرف الفرنسي يعتقد أن شارلي إيبدو من صنع أجهزة المخابرات
ترجمة من الفرنسية وتحرير نون بوست
القراءات الأكثر جنونًا والتي تعتمد على نظرية المؤامرة انتشرت بسرعة على الإنترنت خلال الساعات التي تلت الهجوم على شارلي إيبدو، عملية لأجهزة المخابرات، أم مؤامرة إعلامية ضد المسلمين؟
كما حصل بعد أحداث 11 سبتمبر مباشرة إثر انتشار الصور الأولى لإطلاق النار على قنوات المعلومات وشبكة الإنترنت بدأت آلة صنع الإشاعات بالعمل بأقصى ما تملك، ومن بين الشائعات الأكثر انتشارًا: استعمال الأخوين كواشي لأكثر من سيارة وهذا ما تدعمه صورة المرايا العاكسة للسيارة التي استعملاها والتي ظهرت باللون الأبيض في صورة أولى قريبة من مكان العملية وظهرت بلون أسود في صورة أخرى بعد ذلك حين كانا بصدد مغادرة المكان، ولكن طراز السيارة التي استعملاها له مرايا عاكسة مطلية بمعدن “الكروم” يتغير لونها حسب الضوء، هذا ما أكده الخبراء.
بطاقة الهوية التي أضاعها أحد الأخوين كواشي، والمكالمة التي لم يتم قطعها من قِبل أميدي كوليبالي في متجر “إيبار كاشاي”، أو المسار الذي رسمته مسيرة الجمهورية يوم الأحد في باريس والتي ترسم حدود إسرائيل: كل ذلك يساعد على تصديق النظريات الأكثر جنونًا.
حسب ما صرح به آمانويل طيب، البروفيسور في معهد الدراسات السياسية بـ “ليون” فرنسا لوكالة “فرنس بريس”، فإن الهجوم على شارلي إيبدو، هو حدث هزّ النظام الاجتماعي والسياسي، ويجب أن نحاول الإجابة على هذه الصدمة من خلال تفسيرات عديدة، وأضاف متوجها بكلامه للذين يعتقدون دائمًا بأن السبب في كل ما يحدث جمعيات سرية أو مؤامرة يهودية – ماسونية: “الفرضية الغالبة والتي قدمتها الشرطة وقدمها السياسيون والمحللون اعتُبرت ضعيفة ومخيبة للأمل، هي إذن ملغاة أو هي موضع تساؤل مقابل تحليل آخر جذاب وأقل إثارة للشكوك”.
ويضيف: “نظرية المؤامرة رائجة خصوصًا بين أبناء الأجيال الشابة والتي وُلدت مع الإنترنت الذي أصبح مصدر معلوماتها الأساسي، رغم أننا نجد فيه الشيء وضده في نفس الوقت”.
دور الشبكات الاجتماعية
محمد ترية، 49 سنة، إطار في شركة ورئيس فريق كرة القدم بمنطقة “دوشار” (حي في المنطقة الإدارية التاسعة بمدينة ليون) يعتقد أن تفسيرات الأحداث التي حصلت في الأسبوع الماضي تختلف جدًا في هذه الأحياء، قائلاً: لقد جمعت في ناديّ ما يقارب عن 40 طفلاً عمرهم بين 13 و16 سنة وقد أذهلني ما سمعت، لم يسمعوا بالخبر عبر الجرائد بل عبر الشبكات الاجتماعية، وهي المصدر الوحيد الذي يمكنهم الوصول إليه وهم يعتقدون أن تلك هي الحقيقة، نظرية المؤامرة الكبيرة، واجهوني بها بشدة”.
يوم الاربعاء الماضي، خلال مائدة مستديرة نظمها مواطنو مدينة سارسيل قال أحد المربين: منذ 30 سنة تمثل نسبة ما يتعلمه الأطفال من والديهم 90% من معارفهم، وأما الآن فالأمر عكس ذلك، يتعلم الأطفال من شبكات التواصل الاجتماعي على الإنترنت.
غيوم بروسارد، الشريك المؤسس لموقع “hoaxbuster.com” (موقع يعمل على التحقق من صحة الأخبار التي تروج عبر الإنترنت، قال: “المراهقة هي فترة نريد فيها أن نؤكد ذاتنا وأن نثور على البالغين وعلى النظام العام و علىالمجتمع وما إلى ذلك، وبالتالي فإن النظريات البديلة تمثل للبالغين مجالاً ممتعًا للتعبير”، ثم أضاف الانفجار الكبير الذي حدث في عالم الشبكات الاجتماعية حوّل النقاشات التي تدور في ساحات المعاهد إلى “تويتر” و”سناب شات” و”إنستغرام”، ومستخدمو الإنترنت الذين يتمكّنون من الوصول إلى محتويات طالما أراد البالغون في كل أنحاء العالم إخفاءها عن أبنائهم أصبحوا محميين بصفة وقتية من خلال الهواتف الذكية”.
وبالنسبة لأوليفياي آرتزشايد، الأستاذ المحاضر في علوم المعلوماتية بجامعة نانت، فإن “الإعلام المؤسساتي، مثل صحيفة لوموند كانت له إجابة سريعة نوعًا ما عبر الشبكات الاجتماعية من أجل الرّد على الشائعات التي راجت، ومثل هذا التفاعل ضروري جدًا”.
لكن هذه النظريات لا تضلل الشباب فقط، هذا ما أثبتته حالة أستاذة تم توقيفها عن العمل في مدينة “بوبيني” أو حالة عمال البلدية المعاقبين في مدينة “ليل”: كلهم يعتقدون في وجود مؤامرة وراء الهجوم على شارلي إيبدو.
وقبل الاعتراض على ما يُنسب إليها، وجدت نظرية المؤامرة شخصية هامة تتبناها وهو الرئيس الشرفي لحزب الجبهة الوطنية واليميني المتطرف جان ماري لوبان، الذي اعتبر، في محادثة نُشرت في صحيفة “كومسومولساكا رافدا” الروسية يوم الجمعة، أن الهجوم “يحمل توقيع أجهزة المخابرات”.
المصدر: إيكو ريبابليكان