واجهت تركيا وإيران منذ انتهاء الحرب الباردة خصوصًا بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 سلسلة من التحديات الجيوسياسية التي أجبرتهما على التعاطي معها لضمان وجودهما المؤثر ولتحقيق مصالحهما في ظل فقدان توازن القوى في جوارهما الإقليمي.
ومن خلال تعاطيهما المتعدد الصفحات استطاع البلدان ربما دون أن يقصدا أن يطرحا نموذج علاقة تساوم إقليمي في التعاطي مع تحديات محلية وإقليمية ودولية نجح البلدان من خلاله في عبور أزمات مفتوحة في عالم يعيش فاصلة تاريخية في الانتقال من نظام إلى آخر على المستوى الدولي والإقليمي والمحلي.
وقد يصلح هذا النموذج أن يكون قاعدة للدول الأخرى، وكذلك يصلح منصة للانتقال به من نموذج التساوم إلى نموذج تحالف ظل بعيدًا ومتعسرًا بين الطرفين منذ القرن السادس عشر.
وقبل أن ندلف إلى لُب الموضوع لابد من استطراد سريع لطبيعة العلاقة بين تركيا وإيران منذ ولدا متجاورين في القرن السادس عشر الميلادي، لقد كانت موقعة جالديران بين الطرفين في 23أغسطس 1514 ليس فقط يوم ولادة الجوار الإقليمي للبلدين بل ولادة الشرق الأوسط الذي نعرفه الآن، إذ ظل الشرق الأوسط كما هو وظل البلدان عاملاً فاعلاً فيه حتى اليوم، فانتقلت علاقتهما من صراع مسلح إلى تنافس إقليمي بعد توقيع اتفاقية قصر شيرين في 1639 التي رسمت الحدود بينهما والتي لم تتغير حتى يوم الناس هذا، واستمر التنافس الإقليمي بينهما حتى عشرينيات القرن العشرين الذي نقلهما من عالم التنافس إلى عالم التعاون بظل رعاية بريطانية بعد الحرب العالمية الأولى مع انتقال البلدين من نظام إمبراطوري إلى نظام الدولة – الأمة، ثم انتقلت العلاقة بينهما إلى عالم التساوم في ظل رعاية أمريكية بعد الاحتلال الأمريكي للعراق في 2003، ترسيخ هذه المرحلة من التساوم بين البلدين برعاية أمريكية ربما تنقله لاحقًا إلى مرحلة تحالف ثلاثي أمريكي تركي ايراني يتحكم بالشرق الأوسط ويستبدل تحالفات قديمة هيمنت على الشرق الأوسط منذ نهاية الحرب العالمية الأولى.
القسم اللأول: دور القاعدة في نموذج التساوم التركي الإيراني في العراق بعد 2003
نحن هنا حين نتعرض لتأثير كل تحدي من التحديات الأربعة نفترض أن كلا منهما يضرب بشكل مستقل كلا البلدين، فيستجيب كل منهما لتداعيات هذا التحدي سواء بإعادة ترتيب سياستهما أو تحالفاتهما الداخلية والخارجية وهذا يساعدنا في توضيح طبيعة المساومة تعاونًا وتنافسًا، وفي بيان أن الأحداث لا تحدث بشكل عشوائي وإنما هناك طراز محدد تجري ضمنه وهو أشبه ما يكون بما يسمى نمط السبب والنتيجة.
لماذا تنظيم القاعدة هنا؟
تنظيم القاعدة مشروع سياسي – ديني تم توظيفه دوليًا لكسر أسس النظام العالمي الحالي وتفتيت أسس السياسات المحلية والإقليمية كيف؟ من خلال نقل سلطة الدول الوطنية وقوتها إلى سلطات جماعات عابرة للحدود الوطنية من جهة ومن جهة أخرى إلى جماعات وهويات فرعية داخلية، ولقد أدت هجمات 11 سبتمبر إلى تحالفات دولية بقيادة أمريكا.
دون قرار من مجلس الأمن لأن الواقع الدولي فقد فيه توزان القوى دوليًا لصالح أمريكا منذ 1990.
ولابد هنا من الإجابة عن سؤال ماذا حصل؟
غزو أمريكي للعراق أضعف هوية العراق الوطنية وعمق الانقسام الطائفي وحفز عملية تنافس بين أربعة نماذج هي نموذج الولايات المتحدة ونموذج تركيا وإيران ونموذج تنظيم القاعدة، هذه النماذج الأربعة تختلف في هياكلها وجداول أعمالها والأهداف، وعملية التنافس منذ بدأت لم تنته بعد وهي كما يبدو عملية لا نهاية لها بين نماذج مختلفة من الحكم، ونجد أنه وعلى عكس نموذج الولايات المتحدة ونموذج تنظيم القاعدة ونموذج إيران يبدو النموذج التركي معاكسًا لمسار النماذج الثلاثة الأخرى؛ فهو الوحيد الذي يجمع بين الديموقراطية والتدين بما يؤهله أن يقف بوجه نظرية صدام الحضارات لفوكوياما والتي شكلت أحداث 11 سبتمبرنموذجًا عمليًا وصورة ذهنية لها، كما أن النموذج التركي لديه القدرة على تقليل الاستقطاب بين الإسلام والغرب بخلاف باقي النماذج، ومع ذلك فإن المنافسة التركية الإيرانية هي نتيجة طبيعية في عملية التنافس الإقليمي والعالمي التي انطلقت في العراق والمنطقة منذ 11 سبتمبر.
وعلى عكس تركيا نجد أن إيران قد أعدت نفسها جيدًا قبل ربع قرن من أحداث 11 سبتمبر لمواجهة آثار العوامل العابرة للحدود على نحو سليم وفعّال من خلال تحالف إقليمي مع عوامل مشابهة لها في المنطقة مثل حزب الله مثلاً في لبنان، في حين نجد أن تركيا واجهت عملية المنافسة مع النماذج الأخرى من خلال أصول القوة الناعمة والتي عادة لا تعمل في ظروف فوضوية كالتي شهدها العراق بعد الاحتلال الأمريكي ولازال، على عكس إيران التي تستخدم القوة الناعمة والصلبة في منافستها للقوى والنماذج الأخرى، فضلاً عن تقارب عملي لنموذج إيران مع نموذج القاعدة ضد باقي النماذج رغم التباعد الفكري بينهما، واتجهت إيران وتركيا بفعل عامل القاعدة إلى عملية مساومة مع أمريكا لتخفيف التنافس البيني لأنهما واجها تدخلا لقوة عظمى وشكلت المساومة أساسًا لتقارب ثلاثي بعيد المدى في الشرق الأوسط بين كل من إيران وأمريكا وتركيا تصاعد تدريجيًا ولازال في غياب أي دور للعرب بعد 2003، كما أن عامل القاعدة اضطر تركيا وإيران كذلك لإعادة رسم مسار سياستهما الخارجية مثل إقامة تحالفات مع حلفاء إقليميين لاحتواء تحديات القاعدة، كما نجد أن تركيا وإيران اتجهتا إلى زيادة في مستوى علاقات الدولتين دبلوماسيًا واقتصاديًا للتخفيف من آثار المنافسة التي يسببها نموذج القاعدة، المهم هنا نجاح البلدين من خلال نموذج المساومة من التعامل مع عامل القاعدة وتجاوز أخطاره محليًا وإقليميًا ودوليًا، في حين فشلت دول أخرى إقليمية في التعاطي معه.
القسم الثاني: غزو الولايات المتحدة للعراق في نموذج التساوم التركي الإيراني في العراق بعد 2003
غزو الولايات المتحدة للعراق بأجندة بوش المعروفة في إعادة صياغة ليس دور وشكل العراق بل صياغة شرق أوسط جديد ثم انسحابها منه ونموذج عراق 2003 الذي أنشأه بين الغزو والانسحاب يعتبر عامل آخر مستقل ومؤثر على نموذج التساوم في العلاقة التركية الإيرانية في الشرق الأوسط الجديد ضمن عملية المنافسة المحلية والإقليمية والعالمية بعد الحادي عشر من سبتمر 2001، وهذه العلاقة هي عملية ثلاثية بين الولايات المتحدة وإيران وتركيا أكثر منها بين تركيا وإيران فحسب، ومن خلال عملية المساومة هذه حاولت الولايات المتحدة احتواء السياسات التركية والإيرانية وهي الأقدر باعتبارها دولة عظمى بخلاف تركيا وايران إذ هما دول متوسطة القوة.
ومرت عملية التساوم بثلاث مراحل؛ بدأت المرحلة الأولى بالاحتلال، حيث رفضت تركيا السماح لمرور قوات الغزو عبر أراضيها في حين تعاونت إيران بسرور مع أجندة الاحتلال رغم قلقها أنها ربما تكون الهدف التالي لأمريكا بعد العراق؛ وأدى ذلك إلى تقارب تركي إيراني لتجاوز تحديات الغزو على مصالحهما وسياستهما الخارجية ولحرص إيران على تحييد الدور التركي عن التأثير في نموذج عراق 2003، ولقد أدى عامل الاحتلال إلى اجتثاث الدولة في العراق وكسر همزة التوازن الإقليمي بين تركيا وإيران، وجعل العراق منصة لتساوم مفتوح ومنصة لتقاطع أجندات، وأدت السياسات التركية – الإيرانية المتقاربة والمتعددة الأوجه في نهاية المطاف إلى توقيع اتفاقية الصوفا في 2008 للانسحاب مفتتحة المرحلة الثانية من عملية المساومة، وإذا كان عامل الغزو قد مهد الطريق للتقارب التركي الإيراني، فإن عامل الانسحاب قد فعل العكس ومقارنة بسيطة بين دعوة زعماء السنة العرب إلى أنقرة في عام 2005 من قبل أحمد داود أوغلو لإقناعهم بضرورة المشاركة الواسعة في العملية السياسية وبين زيارته غير العادية لكركوك في أغسطس 2012 دون إذن من بغداد يدل أن عامل الانسحاب لم يتسبب فقط في زيادة المساومة التركية الإيرانية بل غير طبيعتها واتجاهها، لكن المساومة التركية – الإيرانية مع ذلك لم تؤد لا إلى صراع مسلح تركي – إيراني ولا لتحالف تركي – إيراني.
بعد الانسحاب ومع غياب الدور العربي في العراق من 2003 حتى 2013 استطاع نموذج عراق 2003 إحداث تداعيات جيوسياسية في الوسط الإقليمي كان الربيع العربي من أبرز آثاره، ففتح الربيع العربي ضد أنظمة الحكم العربي مرحلة ثالثة في التساوم التركي الإيراني، ومكّن لعملية التساوم الثلاثية الجارية بين الولايات المتحدة وإيران وتركيا منذ 2003 لتتعمق وتتوسع أكثر ولتتحول ربما مستقبلاً إلى تحالف إقليمي ثلاثي في شرق أوسط انعدم أو قل فيه تأثير الدول العربية، وهنا أيضًا استطاعت تركيا وإيران من خلال نموذج المساومة الثنائي والثلاثي من تجاوز أجندة الاحتلال الأمريكي لجوارهما الإقليمي بل والنجاح أيضًا في تأسيس نموذج علاقة متميزة قد تنقلها لفضاء أوسع في محيط سائب لا تستطيع الدول الأخرى التأثير فيه فضلاً عن الصمود وسط فوضاه.
القسم الثالث: المسألة الكردية في نموذج التساوم التركي الإيراني في العراق بعد 2003
المسألة الكردية هي لعبة حرب وسلام، محليًا وإقليميًا ودوليًا، ولقد كانت سياسات الانتداب البريطاني بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية قد مهدت الأرض في العراق لخلق الهوية الكردية كما مهدت الأرضية لخلق الهوية الطائفية في العراق أيضًا، ومنذ بلقنة الكورد وتوزيعهم على أربع دول هي تركيا وإيران والعراق وسوريا بعد الحرب العالمية الأولى لم يعد باستطاعة هذه الدول منع تحويل الأثر المحلي لهذه القضية إلى أثر إقليمي وبالعكس، وأصبحت بذلك هذه القضية مهدد إقليمي كبير في القرن العشرين جعل منها أيضا أساس في شرق أوسط القرن الواحد والعشرين، والنتيجة هي ما وجدناه بعد الغزو الأمريكي للعراق في 2003 من دعم لا محدود من قبل الولايات المتحدة للكورد في العراق وصل لحد إقامة أقليم كردستان دستوريًا في عراق 2003؛ مما دفع تركيا وإيران للتقارب والمساومة لمنع تداعيات هذا العامل الإقليمي الفاعل على حدودهما، ولقد دفعت قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة في عام 1991، والغزو الأمريكي في عام 2003، وانسحابها في عام 2011 المساومة التركية الإيرانية حول المسألة الكوردية إلى مستويات غير مسبوقة، وفي الوقت نفسه، مهدت الطريق لحل إقليمي للمسألة الكردية.
وكانت سياسات الاحتواء والتقارب التركي الإيراني ليست كافية للقضاء على تهديدات المسالة الكردية العابرة للحدود ولذلك أطلقت تركيا بعد 2007 سلسلة من الإصلاحات لمعالجة المسألة الكردية داخليًا وإقليميًا، في حين واصلت سياسة إيران أجنداتها القمعية على الرغم من فشل سياسة الاحتواء التركية -الإيرانية من وقف مخاطر التهديد الكوردي العابر للحدود بفعل النسبة الكبيرة لنفوس الكورد في تركيا عنهم في إيران، حيث شهد النصف الثاني من العقد الأول من القرن الواحد والعشرين تحولات تركية من التقارب مع إيران إلى التقارب مع العوامل الوطنية والإقليمية الكردية، ففتحت بذلك تركيا موجة جديدة في المنافسة التركية – الإيرانية، وزادت المنافسة التركية الإيرانية مع مرور الوقت منذ عام 2008، وتصاعدت مع انسحاب الولايات المتحدة في 2011، ووصلت إلى ذروتها مع الأزمة السورية بعد 2011.
ولابد هنا من القول إن الانسحاب الأمريكي حصل من دون حل مشكلة المادة 140 من الدستور الخاصة بكركوك لأنها قد تمهد الطريق لاحتمال إعلان الأكراد من جانب واحد الاستقلال وحرب لاحقة من أجل الاستقلال الكردي وهذا ما كاد يحصل بعد أحداث نينوى في يونيو 2014، وبانتظار مآلات الأزمة السورية وعلاقة حكومة إقليم كردستان بالعراق فإن تركيا وإيران والشرق الأوسط يمر عبر نقطة تحول تاريخية تجعلهما أقوى دولتين وتجعل من الكورد نواة في شرق أوسط جدي، نجحت ايران وتركيا من التعاطي مع حل المشكلة الكوردية وهي أهم مشكلة منذ 1920، وهنا أيضا توجت المساومة التركية – الإيرانية في التعامل مع القضية الكوردية ليس في تجاوز أخطارها فحسب بل في بناء نموذج عراق 2003، حيث اتضح أن عراق 2003 بفعل هذه المساومة أصبح متمثلاً في نموذج من شقين أحدهم في بغداد والآخر في أربيل، فتركيا نجحت في أربيل ونموذج بغداد غدا أقرب لإيران، وهذا نجاح متقدم لنموذج المساومة التركي الإيراني في تجاوز التحديات وتحقيق نفوذ إقليمي وفي حل لمشكلة كبيرة يساعدها مستقبلاً في المشاركة في حل مشكلة مزمنة في الشرق الأوسط كالقضية الفلسطينية وهذه لها حديث آخر.
القسم الرابع: العامل الطائفي في نموذج التساوم التركي الإيراني في العراق بعد 2003
الاحتلال البريطاني للعراق في 1920 أسس لعراق جديد على اساس هوية وطنية، لكنه زرع بذور نموذج عراق 2003 أيضًا، ولما جاء احتلال 2003 أكمل شكل العراق ودوره وهويته، فإن كان احتلال 1920 قد خط حدوده الخارجية فإن احتلال 2003 قد خط حدوده الداخلية على أساس هوياته الفرعية، أسس احتلال 1920 لبذرة طائفية من خلال قانون الجنسية العراقي في 1924 الذي صنفهم على أساس المواطنة العثمانية أو الإيرانية التي كانوا عليها سابقًا، وأصبح عراق 2003 بنموذجيه بغداد الطائفي وأربيل الكوردي هو جوهر عراق 2003 الذي تأسس أصلاً في 1920 وظهر واضحًا في نموذج 2003 من خلال مجلس الحكم الانتقالي الذي شرعن الطائفية السياسية تمامًا، وكان تأثير ذلك واضحًا على نموذج المساومة التركية الإيرانية في العراق في أكثر من مستوى سياسي وتنفيذي مع تحالف كردي شيعي همش دور السنة العرب خصوصًا مع غياب أي دور عربي بعد الاحتلال ثم تداعيات هذا النموذج الإقليمية التي تسببت في انتفاضات عربية قلبت المشهد الإقليمي رأسًا على عقب كما فعل الاحتلال.
استجابت المساومة التركية الإيرانية لتحديات هذا العامل الطائفي وعملت على المحافظة على وحدة العراق، لكنهما اختلفا في طريقة التنفيذ إذ إن إيران تريد عراقًا ضعيفًا تابعًا وموحدًا، في حين أن تركيا تريده قويًا موحدًا مستقلاً؛ مما أدى في النتيجة إلى قرب نموذج بغداد من إيران وقرب نموذج أربيل من أنقرة، ولغياب دور العرب والتشرذم السياسي للعرب السنة لم تستطع تركيا أن تكون مؤثرة في تقوية دور السنة العرب في العراق، إضافة للتهميش السياسي وغير السياسي الذي أصاب بنية العرب السنة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بفعل سياسات حكومة بغداد الطائفية الممنهجة التي طالت المشاركين والمعارضين من السنة العرب في العملية السياسية.
خلاصة الأمر هنا أن المساومة بين تركيا وإيران على شكل وهوية ودور العرق التي أثمرت نموذجي بغداد وأربيل أظهرت بنفس الوقت تنافسًا بين نموذج الحكم في البلدين، أيهما يصلح نموذجًا للاقتداء الإقليمي وهذا طموح مشروع أكد نفسه من خلال نموذج المساومة وأحد أهم ثمراتها.
خاتمة
ونحن إذ نبين نموذج علاقة مساومة بين بلدين مهمين في الشرق الأوسط يتعرضان معًا لأربع عوامل فاعلة بصورة متزامنة منذ 2003 استطاعا من خلالها منع الانزلاق إلى حرب بينهما كان من الممكن أن تحصل في منعطفات كثيرة.
وإن استطاع هذا النموذج منعهما من الانزلاق إلى حرب، فإنه منعهما أيضا من التحالف في مواجهة التحديات، كذلك منح هذا النموذج في العلاقة كلا البلدين من تبادل النجاح في تأثير نموذج كل منهما على محيطهما الإقليمي، بخلاف الدول العربية التي غابت عن المشهد وأصبحت ساحة لتأثر كلا النموذجين التركي والإيراني، وأرى أن تركيا وإيران بحاجة إلى تغيير هيكلي في نظمهما السياسية والاقتصادية ليتمكنا من الانتقال من حالة المساومة إلى حالة التحالف في ظل فاصلة تاريخية دولية وإقليمية نهايتها وتحدياتها لاتزال مفتوحة على كل الاحتمالات وربما لا يكفي نموذج التساوم هذا من تجاوزها، لكنه يبقى نموذج جدير بالدراسة والاهتمام الأكاديمي والسياسي.