أثارت استقالة المذيع المخضرم جيم كلانسي، من عمله في شبكة CNN الأمريكية تساؤلات واسعة حول حدود حرية الإعلام الحقيقية في الإعلام الأمريكي، وما هي الأسقف التي ما إن تخطاها أي صفحي أو مذيع فإن مصيره سيكون الاستغناء عنه مهما كان حجم الأعمال التي قدمها خلال مسيرته المهنية.
فجيم كلانسي المذيع الشهير في الشبة الأمريكية الأعرق، استقال من عمله بدون توضيح الأسباب التي دفعته لإنهاء مسيرته التي دامت على مدار أكثر من ثلاثة عقود مع CNN، والشبكة من ناحيتها أيضًا لم توضح أية أسباب لتلك الخطوة.
لكن أغلب التقارير الإعلامية التي حللت استقالة كلانسي تربط بين ما حدث وبين تجاوزه لخط أحمر في الإعلام الأمريكي وهو دولة الاحتلال الإسرائيلي، وأن استقالته تلك ما هي إلا خطوة في ظاهرها تبدو أنها طبيعية لكنها تخفي وراءها إقالة أو ضغطًا مارسته إدارة الـ “سي إن إن” على كرانسي من أجل أن يخرج بصورة غير مثيرة للجدل بعد الذي صدر منه على حسابه الخاص على موقع تويتر والذي عارض فيها مؤيدي دولة الاحتلال.
كانت النقاشات قد بدأت على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” بعد نشر كلانسى لتغريدة على حسابه الخاص معلقًا فيها على حادثة شارلي إيبدو ووضح فيها أن الرسوم الكاريكاتورية التي نشرتها مجلة “شارلى إيبدو” الفرنسية لم تستهزأ بالنبى محمد – صلى الله عليه وسلم – ولكنها استهزأت “بالجبناء الذين حاولوا تشويه كلمته”، وذلك في إشارة منه إلى الجماعات المتطرفة الإسلامية.
فرد عليه أورن كيسلر اليهودي الأمريكي، وهو محلل مختص بقضايا الشرق الأوسط ونائب مدير مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، حيث نشر رده على تويتر موضحًا أن المجلة تم استهدافها في السابق أيضًا لنشرها صور تستهزأ بالنبي محمد.
فقام بعدها كلانسي بشن هجومه على المناصرين لدولة الاحتلال بالعديد من التغريدات والتي اتهمهم فيها باستغلال أحداث “شارلي إيبدو” لتشويه صورة المسلمين وتعميم فكرة أن جميع المسلمين إرهابيين، ورد على أورن كيسلر بكلمة واحدة “هاسبارا”، وهي تسمية لسياسة إسرائيل في نشر رسالتها إعلاميًا.
الجدير بالذكر أن تلك الحادثة ليست الأولى من نوعها، فالمؤسسات الإعلامية الأمريكية لها تاريخ واسع مع الصحفيين الذين يتخطون سقف إسرائيل؛ ففي عام 2010 تم فصل الإعلامية اللبنانية الأمريكية “أوكتافيا نصر” من شبكة “سي إن إن” أيضًا في حادثة مشابهة وذلك بسبب تعليقها العلني على حسابها في تويتر الذي أظهرت فيه الاحترام للمرجع الشيعي محمد حسين فضل الله.
وهناك العديد من الأسماء الأخرى التي تم التخلي عنها أو نقلها من التغطية في غزة إلى أماكن أخرى وذلك بسبب الآراء والتدوينات التي كتبوها حول ما يصدر من جانب جيش الاحتلال الإسرائيلي تجاه أهالي قطاع غزة ومنهم المراسل الصحفي أيمن محي الدين الذي كان يعمل مراسلًا لحساب NBC في قطاع غزة، والذي تم إبعاده بشكل مفاجئ عن القطاع بعد نقله لشهادته للقتل العمد الذي قام به جنود جيش الاحتلال في حق أربعة أطفال فلسطينيين، وجاء تبرير القناة لنقله المفاجئ هو الدواعي الأمنية.
جاءت استقالة جيم لتشكل حلقة جديدة في تلك السلسلة التي لن تنتهي فقد أكدت الرسالة المفتوحة التي قامت مؤسسة عائلة رودرمان اليهودية بكتابتها لقناة “سي إن إن” أن ما حدث مع كلانسي ما هو إلى تعزيز لحد هام من حدود حرية الرأي والتعبير المزعومة في الإعلام الأمريكي.
وجاء في الرسالة على لسان مدير مؤسسة رودمان “جاي رودرمان” استياء المؤسسة من تعليقات كلانسي والتي قال في إحداها إن مسؤولين إسرائيليين يحاكمون بتهم “جرائم حرب” مما أثار غضبهم فاستمر الضغط على كلانسي حتى بدأ في حذف بعض تعليقاته ومن ثم حذف حسابه على تويتر بالكامل.