في السابع عشر من يناير الجاري، كشف قائد عسكري في كتائب عز الدين القسام، الذراع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، أن الكتائب تسعى في الفترة الحالية إلى تجنيد أكبر عدد من الأشبال في قطاع غزة، من خلال ترغيبهم في الانضمام إلى مخيمات التدريب الشعبي، التي افتتحتها في الحادي عشر من الشهر الجاري، تحت اسم “طلائع الفتوّة العسكرية”، في أثناء فترة الإجازة الشتوية.
وكانت “القسام” أعلنت عبر المساجد والأماكن العامة، وكذلك عبر موقعها الرسمي، فتح باب التسجيل للمخيمات، التي انطلقت بالفعل يوم الثلاثاء وتستمر لمدة أسبوع، وتستهدف الفئة العمرية ما بين 15-21 عاماً.
وستشمل المخيمات تدريبات ومهارات العسكرية، ومهارات في الرماية بالذخيرة الحيّة، ومهارات كشفية ومواعظ، ودورات في الدفاع المدني، والإسعافات الأولية.
فيما يرى مراقبون مقربون من الحركة أنه بهذه الخطوة تتجاوز حماس البعد التنظيمي، وتُحول الجهد من حزبي جزئي لجمعي متكامل، وتهدف لاستنفار قوى قطاع غزة ورفعها لمستوى التحديات، وتعكس ما يحمله العقل الواعي للمقاومة من مشروع بصير ومتمكن متجاوز للمعيقات والتفاصيل الصغيرة التي تدفع المشهد للضبابية والتوهان، فتجعله واضح بين ناصع البياض من غير شوائب وتداخلات سخيفة، يجمع الكل الفلسطيني على اختلاف ألوانهم واشكالهم.
وشوهدت في شوارع غزة خيام نصبتها كتائب القسام كنقاط تسجيل في هذه المخيمات، يشرف عليها جنود ملثمون، وعلّقت لافتات كتبت عليها: “نواة جيش التحرير القادم”.
وأكد القائد القسامي، الذي رفض الكشف عن اسمه لاعتبارات أمنية، لموقع “الخليج أونلاين” الإخباري، توافد آلاف الأشبال للتسجيل في المخيمات، مؤكداً أن “الكتائب تحثّ الخطا لتجهيز جيش تحرير تعداده بالآلاف، معتمدة على التنشئة الإسلامية أولاً ثم التربية الوطنية، وليس انتهاء بتدريب هذه الأشبال بدنياً وعسكرياً، مع صقل شخصياتهم”.
وبحسب مصادر خاصة بـ”نون بوست” في غزة، فإن 17 ألف شاب فلسطيني قرروا الالتحاق بمخيمات “الطلائع”.
“المقاومة هي فخرنا وعزنا، شاركت بالمخيم كي أصبح من شباب النخبة في كتائب القسام، ولأخطف الجنود الصهاينة لتحرير ابن عمي من سجون الاحتلال”، كلمات واثقة جاءت على لسان الشاب “محمد” 17 عاماً من مخيم النصيرات وسط قطاع غزة وهو أحد المشاركين في مخيمات طلائع التحرير.
وتابع: “اسرائيل لم تبقي لنا أمل في الحرية والكرامة والعيش كما كل الفتية في العالم إلا بعد تحرير أرضنا، فهي التي تحاصرنا وتقتل كل أحلام البراءة بداخلنا”.
أما الشاب أحمد الحسني 19 عام الذي يدرس في جامعة الأزهر بغزة، يبين سبب انضمامه بالمخيمات قائلاً: “التحقت بطلائع التحرير كي أكون جندياً في جيش تحرير فلسطين، لذلك أريد أن أتدرب على كل أنواع السلاح والعتاد العسكري، مؤكداً أنه يجيد السباحة بشكل ممتاز، وأنه سيطلب من إدارة المخيم إلحاقه بـ “الكوماندوز البحري” في كتائب القسام، وأن حلمه أن يغوص البحر حتى شواطئ يافا مسقط رأسه التي احتلتها اسرائيل.
فيما يرى “خالد” 16 عام أن كل الفتية يذهبون في أوقات الاجازة للعب في الملاهي والحدائق، إلا أطفال غزة، لأن اسرائيل دمرت كل مرافق الحياة فيها، ولم تبقي لنا أماكن للعب والفرح كما كل أطفال العالم.
كتائب القسام التي تأسست في 1990 استطاعت النجاح في تطوير قدراتها الذاتية، ونظام تسليحها بشكل فائق، حيث بدأت عملها بأسلحة بدائية، وانتهى بإعلانها امتلاك طائرات بدون طيار، وراجمات صواريخ بعيدة المدى، وتصنيع بنادق قنص عالية المستوى.
وكانت حماس قد اتُهمت في وقت سابق، بأنها تسعى إلى تشكيل “جيش شعبي” في قطاع غزة، لكنها أكدت أن ذلك لا أساس له من الصحة، وأن ذراعها العسكرية الوحيدة هي كتائب القسام، شارحة أن ما جرى الدعوة له في حينها كان عبارة عن “برنامج تدريب شعبي محدود يهتم بفئة عمرية معينة من الفتيان والشباب، كاستكمال لبرنامج ومشروع الفتوة الذي ترعاه الحركة في غزة منذ سنوات؛ بهدف الاهتمام بالجيل وتثقيفهم وترسيخ ثقافة المقاومة”.
وزارة الداخلية والأمن الوطني في حكومة حماس بغزة كانت قد أطلقت بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم العالي بداية العام 2014 المنصرم، مخيمات الفتوة في 46 مدرسة على مستوى القطاع، واحتفلت بتخريج 13 ألفاً من طلبة المرحلة الثانوية.
أما كتائب القسام فقد دخلت في ثلاثة حروب قصيرة، شنتها إسرائيل على قطاع غزة خلال الأعوام (2008، 2012، 2014).
وخلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة، التي بدأت في 7 يوليو، واستمرت 51 يوما، أعلنت كتائب القسام أنها كبدت الجيش الإسرائيلي خسائر فادحة، وتمكّنت من أسر جندي إسرائيلي، يدعى أرون شاؤول، تبيّن فيما بعد أنه قُتل، خلال عملية نفذتها شرقي غزة. كما تتهم دولة الاحتلال حركة حماس، باحتجاز جثة ضابط آخر، (هدار غولدن) قُتل في اشتباك مسلح شرق مدينة رفح في 1 أغسطس من العام الماضي.
جدير بالذكر أن استطلاعات الرأي الأخيرة أشارت إلى ارتفاع شعبية حماس بالضفة الغربية المحتلة بشكل قياسي وذلك بعد انتهاء العدوان الإسرائيلي على غزة.
وقبل حوالي الأسبوع أشار مراسل القناة العبرية الإسرائيلية الثانية “أوهيد حمو” أثناء تغطيته لمهرجان لحركة “فتح” في جنين إلى أن آخر استطلاعات الرأي تشير إلى تمتع عضو المكتب السياسي في حماس إسماعيل هنية بشعبية وصلت إلى 61% بينما انخفض التأييد لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى نصف ذلك.
شاركت أسماء الصانع من غزة في إعداد هذا التقرير