مع ظهور شبكة الإنترنت أصبح لدينا كم هائل من المعلومات المتاحة عن الصحة الشخصية، ولكن هذا الطوفان الكبير في المعلومات المتاحة أدى أيضًا لظهور كمية هائلة من المعلومات المضللة وغير الموثوق بها، ولكن من بين جميع الموضوعات التي يمكن مناقشتها، يبدو من الإنصاف أن نقول إن الأخطر بينها من حيث انتشار المعلومات الخاطئة، هي المواضيع التي تخص النظام الغذائي والتغذية، حيث إن تكرار المعلومات الخاطئة يمكن أن يجعلها حقيقة مقبولة اجتماعيًا، وهو الأمر الذي سيشكل خطرًا على الجمهور، لذلك إليكم بعض”الحقائق” المضللة الأكثر شيوعًا وانتشارًا حول التغذية في يومنا هذا.
1- أسطورة البيض: للبيض آثار ضارة على القلب والصحة العامة
بدأت سمعة البيض تتراجع في السنوات الأخيرة، وذلك يرجع في معظمه إلى الأسطورة التي تقول إنه يسبب الكولسترول، ولكن بعض الدراسات الحديثة فضحت هذه الأسطورة، حيث وجدت دراسة تم نشرها في المجلة الطبية البريطانية (BMJ) أن ارتفاع استهلاك البيض – ما يصل إلى بيضة واحدة في اليوم – لا يرتبط مع زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب أو السكتة الدماغية، بل في الواقع، ما يقوم به البيض هو رفعا لكولسترول “الجيد” في الجسم، وهو ما يعمل بدوره على خفض الكولسترول “السيء”.
تتضمن الفوائد الصحية للبيض ما يلي:
– تحتوي البيضة الواحدة على 6 غرامات من البروتين عالي الجودة (أحماض أمينية كاملة).
– يحتوي البيض على نسبة عالية من اللوتين والزياكسانثين، ويوفر مضادات الأكسدة اللازمة لعدسة العين والشبكية وهو ما يساعد على منع الإصابة بأمراض العين مثل التنكس البقعي وإعتام عدسة العين.
– يعتبر البيض مصدرًا جيدًا لمادة الكولين، وهو أحد مكونات فيتامين (B).
– يعتبر البيض أحد الأغذية القليلة التي تحتوي على فيتامين (D) (بشكل طبيعي)
– يحتوي البيض على الكبريت الضروري لصحة الشعر والأظافر.
2- أسطورة الدهون: كافة أنواع الدهون المشبعة سيئة للصحة
إن هذه الأسطورة التي لا أساس لها من الصحة، أصبحت منتشرة بكثرة بين العامة خلال العقود الماضية، ولكن حتى الآن ليس هناك أي دليل ملموس للاستنتاج بأن النظام الغذائي الذي يحتوي على الدهون المشبعة يمكن أن يرتبط بزيادة مخاطر التعرض لأمراض الشرايين التاجية أو الأمراض القلبية الوعائية، حيث إن الدهون المشبعة التي تأتي عن طريق تناول صفار البيض وزيت جوز الهند والأفوكادو، تعمل على زيادة الكولسترول الجيد في الجسم، وهذا يعمل بدوره على خفض الكولسترول السيء، كما أن تناول الدهون المشبعة من المصادر السليمة، يمكن أن يوفر حجر الأساس لأغشية الخلايا ومجموعة متنوعة من الهرمونات والمواد الشبيهة بالهرمونات، كما أن الدهون المشبعة تعمل بمثابة ناقلات للفيتامينات التي تذوب في الدهون – فيتامين A، D، E و K- وهي ضرورية لتحويل الكاروتين إلى فيتامين A.
3- أسطورة الإفطار: الإفطار أهم وجبة في اليوم
هناك بعض الأدلة الجديدة التي تشير إلى أن الصوم المتقطع يمكن أن تكون له بعض الفوائد الكبيرة على الصحة، لذلك فمن خلال تخطي وجبة الإفطار وعدم تناول الطعام حتى حوالي الساعة الحادية عشرة صباحًا، فإنك تريح جسدك من الطعام، وثبت أن هذا النظام له فعالية كبيرة في فقدان الدهون، توازي فعالية تقييد تناول السعرات الحرارية، كما تبين أيضًا أن الصيام يساعد على زيادة إفراز هرمون النمو البشري بنسبة تصل إلى 1200% للنساء و2000 % للرجال، وهناك فوائد أخرى للصيام تشمل الحد من الإصابة بالالتهابات، وتقليل مقاومة الأنسولين، وتحسين ضغط الدم، وزيادة كتلة الجسم بالنسبة للأشخاص النحيلين، كما يمكن للصوم المتقطع أيضًا بتحسين وظيفة الدماغ عن طريق زيادة مستويات عامل التغذية العصبية، وهو البروتين الذي يحمي خلايا الدماغ من التغيرات المرتبطة بمرض الزهايمر ومرض باركنسون.
4- أسطورة الوجبات الصغيرة: تناول 6 وجبات صغيرة يوميًا يعد أفضل من تناول 3 وجبات كبيرة
قد تكون الحجة وراء تناول 6 وجبات صغيرة يوميًا بدلاً من ثلاثة منطقية، حيث يشير أنصار هذه النظرية إلى أن التحكم بعدد الوجبات يمكن أن يحقق استقرار مستوى السكر في الدم، ولكن حتى الآن لم يتم إثبات صحة هذا الادعاء علميًا، بل في الواقع، أظهرت العديد من الدراسات أن اختلاف عدد الوجبات الغذائية لم يحدث أي فرق في عملية التمثيل الغذائي أو فقدان الدهون، وذلك بعد مقارنة أشخاص تناولوا 6 وجبات يوميًا مع أشخاص تناولوا ذات كمية الطعام ولكن ضمن 3 وجبات.
5- أسطورة البذور: البذور والزيوت النباتية التي تحتوي على أحماض أوميغا 6 الدهنية جيدة بالنسبة لأجسامنا
على الرغم من أن تناول أحماض أوميغا 6 الدهنية يعتبر أمرًا بالغ الأهمية بالنسبة لصحتنا، إلّا أن المشكلة الرئيسية تكمن في زيادة تناول أحماض أوميغا 6 والتي تكون معظمها آتية من مصادر مثل البذور المعالجة وزيوت الخضروات، فمن المفترض أن يتم الحصول على نسبة متوازنة من أحماض أوميغا 6 وأوميغا 3 الدهنية، وهذا يعني نسبة 1 إلى 1، إلّا أن معظم الأشخاص يحصلون على أحماض الأوميغا 6 بنسبة أكثر بكثير من أحماض أوميغا 3 الدهنية، وهذا يمكن أن يسبب مشاكل للصحة الجسدية، حيث أظهرت إحدى الدراسات بأن الإكثار من تناول أحماض أوميغا 6 الدهنية القادمة من الزيوت المعالجة يمكن أن يكون عامل يؤدي إلى الإصابة بأمراض القلب التاجية.
6- أسطورة السكر: المُحليات الصناعية مصدر آمن للسكريات، كما أنها تساعد على فقدان الوزن
أظهرت دراسة تم نشرها في عام 1986، شملت ما يقرب 80.000 مشترك، أن الذين استخدموا مواد التحلية الاصطناعية كان احتمال اكتسابهم للوزن مع مرور الوقت أكبر من غيرهم من الأشخاص الذين لا يستخدمون المحليات الاصطناعية، وذلك بغض النظر عن أوزانهم الأولية، كما توصلت دراسة جديدة أيضًا للنتائج ذاتها تقريبًا، وأشار الباحثون إلى أن العديد من الدراسات المماثلة التي أجريت على نطاق واسع، وجدت علاقة إيجابية بين استخدام المحليات الاصطناعية وزيادة الوزن، فبعد مقارنة المؤشر الأولي لكتلة الجسم (BMI)، والجنس، والعرق، والنظام الغذائي، تبين أن الأشخاص الذين يتناولون المشروبات التي يتم تحليتها صناعيًا باستمرار، أصبح متوسط مؤشر كتلة أجسامهم أعلى، وذلك تبعًا لمقدار الجرعة وكمية استهلاك.
7- أسطورة الدسم: الأطعمة القليلة الدسم تساعد في خسارة الوزن
عادة ما يعمد مصنعي المواد الغذائية إلى إضافة السكر (شراب الذرة) أو مواد التحلية الاصطناعية إلى الأطعمة قليلة الدسم من أجل تعويض النكهة، وكما كنا قد ذكرنا، فإن المحليات الصناعية هي قاتل صامت.
8- أسطورة الكربوهيدرات: الكربوهيدرات والحبوب هي المصدر الأفضل للحصول على السعرات الحرارية
العرف السائد يقول إن المصدر الأكبر للسعرات الحرارية التي يتناولها الإنسان يجب أن تأتي من الكربوهيدرات المعقدة (50-60٪)، ولكن العديد من خبراء التغذية يقومون حاليًا بدحض هذا العرف، حيث يشيرون إلى أن الكربوهيدرات، ولاسيما المنتجات العضوية مثل الخبز والحبوب الكاملة والمعكرونة، تعمل على تثبيت مستويات الأنسولين واللبتين في الدم، وهو عامل يؤدي إلى الكثير من الأمراض المزمنة، كما وجد الباحثون أيضًا أن اتباع نظام غذائي قليل الدسم وعالي الكربوهيدرات ليس مجديًا في خفض معدلات البدانة، في حين أن هذا النظام الغذائي قد يكون جيدًا بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من الضعف الشديد.
9- أسطورة فول الصويا: يعتبر فول الصويا من الأغذية الصحية
إن التسويق الذكي جعل من فول الصويا “غذاءً صحيًا”، في حين أن الحقيقة هي العكس، حيث إن أكثر من 90٪ من فول الصويا المنتج يتم تعديله وراثيًا، وذلك إلى جانب أنه يتم رش هذه المحاصيل بمبيدات الأعشاب؛ مما يمكن أن يؤدي لحدوث آثار سلبية كبيرة على الصحة، فمعظم فول الصويا المستهلك في النظام الغذائي تتم معالجته لإنتاج زيت فول الصويا، وإلى جانب أن فول الصويا لا يحتوي على أي نوع من المواد الغذائية، فإنه يحتوي على مادة الـ (phytates)، وهي مادة تثبط من امتصاص العناصر الغذائية في الجسم.
كما يحتوي فول الصويا أيضًا على كميات كبيرة من المركبات البيولوجية النشطة التي تدعى الايسوفلافون والتي تعمل على تنشيط مستقبلات هرمون الإستروجين في جسم الإنسان، وبذلك يمكن القول بأن فول الصويا يؤدي إلى اختلال هرمونات الجسم.