تلك اللامبالاة هي ناتج ترسب القيم المريضة للحكومات التي لم تعنى على مدار عقود مضت الا بتغييب الوعي القومي والوازع الديني لدى جميع شرائح الشعب ليسهل لها الانقضاض على سدة الحكم التي لم تكن يوما ملكا للشعوب,اذ انقسمت تلك الانضمة بين الديكتاتورية او التوريث.. او “في بلدان اخرى” تلجأ السلطات الحاكمة بتزييف ارادة الشعوب في انتخابات ابعد ما تكون عن الشفافية.
لا يخفى دور المنظومات التي تستخذمها الحكومات اللقيطة للاطاحة بفكر الشعوب او في وعيها الثوري ; اذ غالبا ما تكون تلك الانظمة مصحوبة بادوات فكرية او مبدأية…
اما الفكري منها فهو ما يختص به الاعلام السلطوي اذ من المستحيل ان تعتمد نلك الحكومات على اعلام يمتلك ولو نسبة قليلة من الشفافية فتمسي وسائل الاعلام تلك عاملة على التغييب الفكري كليا او ضمنياً
اما التغييب الكلي للفكر ; فذلك عن طريق بث المعلومات الكاذبة وتبريء المجرم وتخوين البريء وتصل الدرجة احيانا بذلك الاعلام الى الكذب الفج والصريح والمبالغ به اذ من الممكن جدا لوسائل الاعلام تلك ان تقنع البعض ان للثلج لونا اسودا
قد تلجا وسائل الاعلام للكذب باستخدام وسائل عدة ابرزها يتمثل بالمطربين والممثلين ولكن اخطرها هو ما يتمثل بما يسمون “الدعاة” وخاصة الوسطيون منهم اذ من السهل على كثير منهم بيع الظمائر والعقول…
اما التغييب الضمني فذلك عن طريق بث السموم الفكرية للمجتمع العربي بشكل عام وهذا ما تبرع به الانظمة العربية الموالية لهوليوود اذ نرى ان غالبية الفضائيات العربية تصب جل اهتمامها على التملص من مفاهيم الاخلاق والمروئة وتعنى عناية بالغة بما يصرف فكر الشباب الى السقوط والخلاعة.
اما الادواة الميدانية فهي تعمل بموازاة الادوات الفكرية اذ تمهد الاولى للثانية بالكذب وتختم الاولى عمل الثانية بالكذب ايضاً فبعد تبرير القتل والقمع والغاء الاخر من الجهات الفكرية تبدا الجهات القمعية الميدانية بالعمل على قمع الفكر المخالف للسلطة الفرعونية وكانها تقول:” مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَٰهٍ غَيْرِي” –القصص38-
بذلك تعمل السلطة القميعية الفكرية والميدانية يدا بيد خدمة للمصالح السلطوية بل وتلجا بعض الانظمة الى اشاعة الدعارة والمخدرات بما يصب في مصلحة “الباقي على الكرسي”
ان عصورا من الظلام الفكري كان لا بد لها ان تلقي بعبأ كبير على ثقافة الشعوب لذلك من الصعب جدا على حكومات انتقالية او”قبل-ديموقراطية” ان تقوم بدون انشاء منظومات معالة فكرية شاملة تعيد الى الشعوب الحرية الحقيقية للفكر.
وليس المقصود الحرية في القول او الكتابة ولكن الحرية في اعتقاد الفرد ما يود اعتقاده من دون املائات خارجية او داخلي,
أي باستقلال فكري تام.
وهنا اود الاشارة الى ما يحدث في مصر اذ يبدو المثال جليا في ما اتكلم عنه فبعد عهود من القمع الفكري وسيطرة المظللين على الاعلام كان لا بد ان تخرج اصواتا مطالبة بقمع الحرية…. والثورة حتّى.
اذ لم يتحمل النظام المخلوع الاعباء التي كان يلقيها عليه الاعلام اذ كان بامكانه ان يجيش كل اصحاب العقول الضعيفة عليه,وذلك لا يقتصر على الوضع المصري بل نجد في سوريا من يصدق ادعاء النظام بامتلاك الجيش الحر للسلاح الكيميائي بل وانه قد استخدمه ايظاً,وهذا كله يذكر بكذبة اخراج صدام حسين من “الحفرة”.
على كل حال ومع تشديد الخناق على الافكار البنائة والاعلام الصادق الى انه من سعى الى الحقيقة لابد ان يهتدي لها ولكن ما يعاب على الراي العام العربي هو التثاقل والاهمال في التعامل مع الوضع الراهن…
يبقى ان نقول:ليس هنالك بديل للقمع سوى الحرية,والعمالة ليست احدى الخيارات…
https://www.youtube.com/watch?v=_ympW44MPdg