خلال المنتدى الاقتصادى العالمى “دافوس”، تحدث رئيس شركة “جوجل” ومديرها التنفيذي السابق “إريك شميدت” عن الانترنت في المستقبل كما تراها “جوجل” واصفا إياها بالـ”انترنت الخفي”، الذي سيصبح جزءا لا يتجزأ من كل شيء في حياتنا.
ستختفي الانترنت على الأقل بشكلها المعروف لدينا حاليا، حيث سيصبح هناك الكثير من عناوين بروتوكولات الانترنت (IPs)، والتي ستكون موجودة في كل شيئ، أغلب الأدوات التي نستخدمها، أجهزة الاستشعار، وحتى العديد من الأشياء التي نرتديها، كالساعات والنظارات وحتى الأجهزة الطبية، كأجهزة قياس السكر في الدم وتنظيمه، أو أجهزة قياس معدل دقات القلب.
ويقول شميدت: “تخيل أنك تدخل غرفتك ولكن هذه المرة كل شيئ أصبح حيا، تستطيع أن تتفاعل معه متى أردت ذلك، وربما بضغطة زر على هاتفك الذكي”.
وما قاله شميدت ليس غريبا في الواقع، فوفقا للمحلل الإحصائي “غارتنر”، فان العالم احتوى في العام الماضي على ما يقارب 3.8 مليار جهازا ذكيا، متوقعا أن يزيد هذا العدد ليصبح 4.9 مليار جهازا هذا العام، وسيزيد بجنون ليبلغ 25 مليارا بحلول عام 2020 .
شركة نست “العش” والتي تمتلكها جوجل، تقوم بصنع أجهزة لاستشعار الدخان، و أجهزة التحكم في درجة الحرارة، وتصنع أيضا كاميرات المراقبة عن بعد، لتقوم “جوجل” بعد ذلك من خلال تطبيق على هاتفك الذكي، بالتحكم بكل هذه الأجهزة، وربطها مع بعضها البعض.
مستقبل المنازل كما يراها المطورون:
لا يقتصر الأمر فقط على المنازل، حيث أن جوجل مازالت تطور السيارات بدون سائق، والتي تعتمد على الانترنت في تجميع بيانات الشوارع وربما حركة المرور لتأخذك من بيتك إلى مقر العمل في أقل وقت، ربما كل ما ستحتاجه عندها أن تستخدم هاتفك فقط في توجيه الأوامر، لتتحول تلك الأجهزة الصغيرة في جيوبنا إلى مساعد شخصي، يحوي كل المعلومات عنك.
ربما الأمر الذي كان أكثر غرابة من تصريح رئيس جوجل في دافوس، كان الاختراع الذي طوره مجموعة من علماء هارفارد، وهو عبارة عن روبوت بحجم البعوضة يستطيع سرقة عينات من حمضك النووى دون أن تشعر به، حيث تقول أستاذة علوم الكمبيوتر مارجو سليتزر: “الخصوصية التي عرفناها في الماضي، أصبحت أمرا مستحيلا الآن”.
ما تقصده سليتزر في الواقع، هو أننا لسنا بحاجة إلى روبوتات بحجم البعوض لتسرق عينات من أحماضنا النووية لنشعر بانتهاك خصوصيتنا، بل أن خصوصيتنا منتهكة بالفعل ومنذ فترة ليست بالقصيرة، ناهيك عما سيتم تطويره في المستقبل، مضيفة: “التقنيات الموجودة بالفعل الآن، مثل بطاقات الائتمان وشبكة الانترنت والرادارات على الطرق السريعة وكاميرات مراقبة الشوارع ومواقع التواصل الإجتماعي والبريد الالكتروني، كل ذلك يترك أثرا رقميا هائلا يمكن تتبعنا من خلاله”.
وتمضي سيلتزر قائلة: “التكنولوجيا ليست سيئة أو جيدة، انما هي مجرد أداة. تماما كالمطرقة، فالمطرقة هي أداة، فلا يوجد أفضل منها في دق المسامير، ولكنها أحيانا يمكن أن تستخدم كأداة لارتكاب جريمة قتل. ولكننا لدينا القوانين التي تحرم القتل، ولا يجوز أن نسن القوانين التي تحرم استخدام المطارق، وبالمثل، هناك الانترنت، والقوانين المتعلقة بالخصوصية يجب أن تكون مرتبطة بطريقة استخدام التكنولوجيا وليس التكنولوجيا نفسها”.
في عام 2010 كشف تحقيق لصحيفة وول ستريت جورنال، أن أشهر التطبيقات على فيسبوك أساءت استغلال البيانات الشخصية للكثير من مستخدميه واستخدمت معلومات شخصية عنهم وعن قوائم أصدقائهم لبيعها للشركات الدعائية وشركات التتبع على الانترنت، الأمر الذي يعد انتهاكا لسياسة الخصوصية على الفيس بوك.
وهذا ليس كل شيء، فالمواقع الأشهر عالميا اتضح أنها تستغل بيانات مستخدميها لعمل إحصاءات، بدون اذن أولئك المستخدمين، فأحد بنود جوجل على سبيل المثال، ينص على أن الشركة تملك الحق في مشاركة أي محتوى مع أي شركة بهدف تحسين مستوى الخدمة المقدمة إليك.
اذا لم تكن تشعر أن هذا البند فضفاض للغاية فيجب أن تعرف أنه في عام 2007، قامت جوجل بتطوير تطبيق “Google street view” الذي يسمح لمستخدمه أن يتجول في الشوارع من خلال رؤية بانورامية توفرها له جوجل من خلال كاميرات موضوعة على سيارات تابعة لـ”جوجل”، والتي تتجول في الشوارع العامة والشوارع الشهيرة في مدن العالم المختلفة لتصوير هذه الرؤية.
ولكن تلك الصور جعلت من اختراق تفاصيل العديد من الأشخاص أمرا ممكنا، كتصوير أشخاص يخرجون من ملاهي للتعري، أو رجالا يخرجون من مكاتب تبيع كتبا للبالغين.
وتعرضت جوجل بسبب ذلك إلى المقاضاة من قبل العديد من الدول مثل فرنسا وألمانيا وبلجيكا، وتغريمها بمبالغا ضخمة، لينتهي الأمر بتشويش جوجل على صور الأشخاص.
ومؤخرا في أواخرعام 2013، كشف فيس بوك عن آلاف من الطلبات المقدمة له من قبل حكومات بإفشاء الأسرار الشخصية لأشخاص بعينهم، وكان من بين أكثر من تقدموا بهذه الطلبات أمريكا وبريطانيا والهند، مع العلم أن فيس بوك صرح بأنه لم يوافق على “بعض” الطلبات التي قدمتها تلك الحكومات.