شهدت الذكرى الرابعة للثورة المصرية، والتي أطاحت بالرئيس المعزول حسني مبارك، عمليات احتجاج ومظاهرات هي الأغنف منذ انقلاب الثالث من يوليو عام 2013 والذي قام به الجنرال عبدالفتاح السيسي منقلبًا على الرئيس محمد مرسي.
ما ميز تظاهرات الخامس والعشرين من يناير هذا العام وجعلها مختلفة عن كل الأعوام السابقة هو التغير في التكتيك الخاص بالشريحة الواسعة التي تعارض سلطات الانقلاب وتنادي بإسقاط حكم العسكر. ذلك التغير يتمثل في استهداف منشئات ومؤسسات اقتصادية داعمة لسلطات الانقلاب سواء بالحرق أو بالتفجير.
بغض النظر عن العمليات التي تمت ضد قوات الأمن وحرق بعض المنشئات التابعة للدولة والتي رصدها “المرصد العربي للحقوق والحريات” فإن الملفت في تلك العمليات هو البدء في التركيز على داعمي الانقلاب من رجال الأعمال وعلى رأسهم رجل الأعمال “نجيب ساويرس”، والذي يدعم الانقلاب بملياراته، فقد تم حرق فرع كامل من أفرع شركة “موبينيل” للاتصالات التابعة لساويرس في محافظة الجيزة بالإضافة إلى العثور على 9 قنابل في مول “سيتي ستارز” الشهير في حي مدينة نصر بالقاهرة والذي تعود ملكيته لرجلين الأعمال عبدالرحمن الشربتلي وحسن الشربتلي وهما مستثمران سعوديان.
جاء ذلك التحول الملحوظ في تكتيك المعارضين للانقلاب بعد انتشار فكرة جديدة من أفكار الثورة، وهي محاربة مالكي الانقلاب وداعميه، علي مواقع التواصل التواصل الإجتماعي. وتقوم الفكرة على أساس هام جدًا وهو الحرب الاقتصادية وذلك بمحاربة مالكي الانقلاب من رجال الأعمال ورؤوس الأموال للشركات المتعددة الجنسيات والتي تدعم أموالها تثبيت ركائز الانقلاب العسكري. ويشرح هذا الطرح المحلل السياسي “شهيد بولسين” والذي يقول أن توجيه الضربات لداعمي الانقلاب من أهم الأسباب التي ستؤدي لإسقاطه بالإضافة إلى رأيه بأن استهداف تلك الشركات أهم وأفضل من استهداف محطات الكهرباء التابعة للدولة أو أية منشئات عامة قد تؤثر سلبًا على الثورة. وقد لاقت دعواته تلك الترحيب من متابعينه على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” والتي رأت في أن ذلك التكتيك الجديد قد يساهم في قلب الموازين على الأرض.
إلا أن بعض الآراء ترى أن تلك الدعوات ليست مناسبة للظرف ولا المكان حيث أنك باستهدافك لتلك المنشآت سوف تؤثر على شريحة عريضة من المستفيدين منها والذين يمكن أن يكونوا بعيدين كل البعد عن دعم الانقلاب، وأنك بإحداث أية خسائر لأصحاب تلك الشركات أو في رؤوس الأموال الخاصة بالشركات متعددة الجنسيات لن تؤثر عليهم سلبًا بالقدر الذي يسمح لك بحسم المعركة كلها لصالحك.
بالإضافة إلى أنه وبالاعتماد على رأي أصحاب الدعوات الذين يرون أن استهداف الشركات العالمية الخاصة أفضل من استهداف المنشئات الحكومية لأن المنشئات الحكومية تضعف الدولة كدولة ولا تضعف اللاعب الحقيقي في الساحة، فإن استهداف تلك الشركات سوف تذهب بالاقتصاد المصري إلى أكثر مما وصل إليه الآن من خسائر لا تقدر وأن ذلك سوف يصعب المهمة على معارضي الانقلاب في حال نجاحهم في إسقاط الانقلاب.
لكن التاريخ يحمل في جعبته تجارب كثيرة مماثلة لتلك التجربة، فهناك مثلًا تجربة تنظيم “رمح الأمة” بقيادة نيلسون مانديلا في جنوب أفريقيا والذي عمل منذ الستينات وحتى منتصف الثمانينات على القيام بعمليات تفجيرية لمحطات الكهرباء والاتصالات وقواعد تابعة للجيش وشركات البترول والحفلات الحكومية والمنشآت الخاصة بالدولة حتى أنهكها واضطرت السلطات في جنوب أفريقيا بعد عشرين سنة من الصراع الدموي للرضوخ لمطالب مانديلا وجماعته ووافقت على إنهاء أي شكل من أشكال العنصرية التي كان شعب جنوب أفريقيا يعاني منها لعقود.