خلفت اشتباكات دامية بين متمردين وقوات الأمن الفلبينية جنوب البلاد أكثر من أربعين قتيلًا في صفوف الطرفين، بالإضافة إلى العديد من الجرحى.
وكانت الشرطة الفلبينية تحاول إلقاء القبض على اثنين من المشتبه بانتمائهم لتنظيم الجماعة الإسلامية في بلدة ماماسابانو في إقليم ماجوينداناو، 960 كيلومترا جنوب العاصمة الفلبينية مانيلا، عندما اندلعت الاشتباكات أمس الأحد. إلا أنها فشلت في النسيق مع جبهة مورو التي قالت أن أعضاءها اضطروا للقتال عندما فشلت الشرطة في تنسيق العملية التي يزعم أنها استهدفت المطلوبين: ذو الكفل بن خير وعبدالباسط عثمان.
ويذكر أن الاشتباكات التي حدثت أمس جاءت لتقضي بشكل نهائي على اتفاق السلام الذي عقد بين جبهة مورو الإسلامية للتحرير من جهة وبين الحكومة الفلبينية من جهة أخرى، حيث كان الطرفان قد وقعا اتفاقًا في أكتوبر 2012 لإحلال سلام دائم في جزيرة “ميندانو”، جنوب الفلبين، التي يقطنها مسلمون، وبموجب الاتفاق تم تغيير اسم الجزيرة إلى “بانغسامورو” (وهو الاسم الذي استخدمه مراد إبراهيم في تصريحاته).
ثم وقع رئيس الفلبينيين “بينينيو أكينو”، وزعيم جبهة مورو الإسلامية للتحرير “مراد إبراهيم” اتفاق سلام تاريخي في شهر آذار الماضي كان يُفترض به أن ينهي أحد أطول النزاعات في آسيا وأكثرها دموية. وبموجب الاتفاق الذي جاء ثمرة مفاوضات مستمرة منذ 17 عامًا، تقوم الحركة بنزع أسلحة عناصرها العشرة آلاف تقريبًا بشكل تدريجي، في عملية مستلهمة من الآلية التي طبقت في ايرلندا الشمالية.
ووعدت جبهة مورو بتسليم السلاح مقابل إقامة منطقة حكم ذاتي في جنوب الأرخبيل في جزيرة مينداناو حيث تعيش غالبية مسلمة في بلد كاثوليكي بنسبة 80%. ومنطقة الحكم الذاتي التي ستمثل 10 في المائة من أراضي الفيلبين ستكون لها شرطتها الخاصة وبرلمان محلي وصلاحية جباية الضرائب، أما الدفاع فيبقى من صلاحيات الحكومة المركزية، وسيترأس قادة “جبهة مورو” سلطة موقتة في المنطقة قبل تنظيم انتخابات محلية في 2016.
الاتفاق كان يسير بسلاسة إلى أن عمل الفريق القانوني التابع للرئيس الفلبيني على تغييرات جذرية في مشروع القانون الذي تقول الجبهة إنه يتعارض مع الاتفاق الذي تم توقيعه سابقًا وأنه يفرض قيودًا على سلطاتها، حيث قال كبير المفاوضين في جبهة تحرير مورو لوكالة رويترز أن الجبهة لن تقبل القانون بتلك التعديلات خاصة أنها ابتعدت كثيرًا عن روح اتفاق السلام.
إلا أن عدم التنسيق بين طرفي الاتفاق بشأن عملية الأمس جاء ليدمر أية آمال في عودة العمل بناء على ذلك الاتفاق، فقد خلفت الاشتباكات تلك حوالي 43 قتيلًا أشار تقرير الشرطة إلى أن ستة منهم كانوا من صفوف المتمردين التابعين إلى جبهة تحرير مورو الإسلامية، التي وقعت اتفاق سلام مع الحكومة في شهر مارس العام الماضي، وكذلك إلى جماعة مقاتلي الحرية في بانجسامورو الإسلامية المنشقة عنها، والتي تعارض الاتفاق. بالإضافة إلة سبعة وثلاثين عنصرًا.
وكانت السلطات الفلبينية قد عرضت مكافأة قدرها 5 ملايين دولار لاعتقال الماليزي ذو الكفل، ومليون دولار للقبض على عثمان، الفلبيني واللذان كانا سببًا في إشعال الأوضاع أمس.
وفي رد فعل سريع قال السناتور فيرديناند ماركوس الابن، رئيس لجنة مجلس الشيوخ الفلبيني الخاصة بالحكم المحلى: “لا نستطيع أن نستمر فى جلسات الاستماع هذه مع وجود سحابة من الشكوك القوية تخيم على الموقف الأمنى فى الجنوب”، مؤكدا أن عملية المصالحة والاتفاق القديم قد ذهبا أدراج الرياح وأن الفلبين على أعتاب موجة جديدة من العنف المستمر لأكثر من عقد ونصف وأن تلك الموجة سكتون هي الأعنف حيث خلفت بوادرها أكثر من أربعين قتيلًا في يوم واحد كما خلفت حالة شديدة من التأهب لدى الطرفين.