” وصلت الى مطار الملكة علياء الدولي في عمّان في السادس من سبتمبر في تمام الساعة التاسعة والنصف صباحاً وأخذت مكاني في طابور الجوازات لألاحظ أن بعض القادمين يعودون أدراجهم الى آخر الصالة بعد أن يظهروا جوازاتهم لمسؤول الأمن، ظننت أن شيئاً خاصاً بهم جعل الأمن يطلب منهم الانتظار قليلاً ليأتي دوري وأظهر لرجل الأمن وجه البراءة كما يجب على كل سوريّ أن يفعل في المطارات حتى يبعد عنه الشكوك بأنه مجرم أو شيء من هذا القبيل ليبدأ الشرطي بتوجيه أسئلته لي حول سبب الزيارة ” ، هكذا بدأت هذه السورية التي لم تفصح عن اسمها قصتها التي روتها باللغة الانجليزية على احدى الصفحات على شبكة الانترنت التي أنشأتها لغايات نشر القصة.
قادمة من بيروت الى عمّان على طائرة التاسعة والنصف صباحاً لاستلام اقامتها السويدية من السفارة في الواحدة ظهراً لتعود أدراجها في الرابعة الا عشر دقائق، هكذا أخبرت الشرطي ليطلب منها أن تعود لتنضم الى جموع السوريين آخر الصالة ليبدأ مسلسل الانتظار مع آخرين قادمين من لبنان والامارات والسعودية وأماكن أخرى بعضهم جلس على الأرض وآخرون ممدون على الكراسي دون أي اجابة عن سبب الانتظار، ولما سأل البعض ضباط الأمن عن سبب الاحتجاز قوبلت كل الأسئلة بأجوبة غامضة رافق بعضها نبرة عدائية مع قليل من السخرية، توضح ذلك أكثر من منظر رجال الأمن مجتمعين حول أحد الطاولات يتحدثون ويضحكون بصوت مرتفع وكأنما لا أحد ينتظر هنا لأكثر من ساعتين.
كانت الساعة قد دقت الحادية عشرة والنصف ليزداد خوفها من أن تفقد موعدها في السفارة لتعود الى رجل الأمن ذاته لتذكره بنفسها وبأن لديها موعداً لاستلام الاقامة ليفاجئها الشرطي بأن يسألها : ” أنت تدعمين النظام أم المعارضة ؟ ” ، لوهلة أصيبت بالصدمة لسؤاله ولكن بالطبع لم تكن بمزاج لأن تدخل معه في نقاش كهذا فأجابته بأنها لا تدعم كلاهما، أعاد عليها الشرطي السؤال بكلمات مختلفة لتحافظ على نفس الاجابة، أضاف بعدها: ” اذا كان كلاهما يوجهان سلاحاً الى رأسك، في أي الطرفين تودين أن تكوني؟” ، ترددت قليلاً لتختم هذا الحوار فتجيب: ” لا أحد، لو كان كلاهما سيوجهان سلاحاً الى رأسي ليكسب تأيدي فلا أحد منهم يستحق هذا الدعم”، لم تعجبه اجابتها فطلب منها العودة الى الخلف مرة أخرى وأنه سينادى عليها قريباً.
بعد قليل تم استدعائها مع آخرين الى غرفة التحقيق لتعيد نفس الكلام للضابط هناك لتكون النتيجة بمنع الدخول، خلال هذه المدة كانت سيدة كبيرة في السن تصرخ بصوت عال رداً على المعاملة السيئة حيث أنها وقفت لمدة 3 ساعات دون أن يسألها أو يرد اليها أي خبر او توضيح عن سبب منعها من الدخول ليصطحبها بعد ذلك اثنين من رجال الأمن الى مكتب التحقيق ذاته لتمنع من الدخول كذلك ويتم اصطحابهم جميعاً الى غرفة صغيرة وصفتها بالقذرة لتجد نفسها بين أكثر من 100 شخص بعضهم مضى عليه 4 أيام في ظروف معيشية وصحية صعبة في ذات الغرفة، واصفة نفسها بالسجينة تم اصطحابها بعد ذلك الى بوابة الخروج في موعد طائرتها دون أن تستلم جواز سفرها حتى لحظة دخولها الطائرة.
اليوم السادس عشر من سبتمر أي بعد 10 أيام من القصة السابقة تعود بعض المواقع الأردنية لتنشر صوراً عن أكثر من 150 سورياً قادمين من الاسكندرية وعالقين لأكثر من أسبوع في ذات الغرفة رجالاً ونساء وأطفالاً في مطار الملكة علياء يعاني بعضهم من حالات نفسية وهستيريا فضلاً لإنقطاع مياه الشرب لأكثر من 6 ساعات أحياناً دون أن تسمح لهم السلطات الأردنية بالدخول وتبرر ذلك بأن سبب المنع يعود لأسباب أمنيّة.