في يوم من ذات الأيام، خرج القائد “المسهوك” بنظارته السوداء، يخطب في الناس خطبة عصماء، يطالبهم فيها بالنزول إلى الشارع والاحتشاد في الميدان، يوم الجمعة الموافق 26 يوليو2013، من أجل أن يعطوه تفويض وأمر للتصدي للعنف والإرهاب المحتمل.
أعلنها صريحة مدوية، القائد المكشوف عنه الحجاب، احتمال كبير أن تبتلي مصر بالإرهاب، كنتيجة طبيعية لحدوث الانقلاب.
ولأنه خاف على مصر من حرب أهلية محتملة، وعلى طريقة “وقوع البلا ولا انتظاره”، قام هو بإنتاجها محليًا، وطالب نصف الشعب المؤيد للانقلاب، أن يشارك في قتل النصف الآخر المعارض له.
ورفع السيسي شعار: ليه تتفرج على القتل لما ممكن تشارك فيه؟!
الشعب المنقسم سياسيًا ككل بلاد الدنيا لمؤيد ومعارض، قسمه السيسي: لقاتل ومقتول، احنا شعب .. وأنتوا شعب.
والإرهاب الذي تخيله السيسي، قد حدث بالفعل، بعد أن صنعه على عينه، وغذاه بيده.
في تسجيل مسرب للفريق عبد الفتاح السيسي، بين جنوده قبل شهور من حدوث الانقلاب، قال فيه: “أنت مش متصور وأنت ظابط جيش إنه بمنتهى البساطة يعني .. أجي على رفح والشيخ زويد أروح محاصرها ومطلع السكان اللي منها وأروح مفجر المباني اللي موجودة فيها .. مشكله يعني إننا نعمل كده، مش هنقتل حد ولا حاجه .. رفح والشيخ زويد اعمل حصار خرج السكان الـ 100 بيت دول يتكسروا ممكن نعمل كده، حد ضرب نار طلع قدام النار دي مِيت نار مات اتنين تلاته أبرياء، أنت في الآخر بتشكل عدو ضدك وضد بلدك لأن بقى في تار بينك وبينه، “أقوال مأثورة”.
فيديو: السيسى يحذر من تهجير أهالي سيناء والتعامل معهم بعنف https://youtu.be/WOkKqU8WA5E
●27 يوليو2013، أطلق السيسي عملية عسكرية تحت اسم “عاصفة الصحراء” في محافظة شمال سيناء، واستمرت لمدة 48 ساعة.
اثنين من الجيوش الميدانية في مصر، فضلاً عن القوات الجوية والبحرية للبلاد، شاركوا في هذه العملية على نطاق واسع، وحظر الجيش كافة الطرق والجسور والأنفاق المؤدية من شمال سيناء إلى محافظات أخرى من مصر.
● في بيان للجيش، قال المتحدث العسكري الجاذب للنساء العقيد أحمد علي: إن عمليات قوات الأمن المصرية الأخيرة في سيناء، أسفرت عن مقتل 78 من المتشددين المشتبه بهم، وإصابة 116 شخص بجروح، واعتقال 203 شخص، لتورطهم المزعوم في الهجمات على نقاط التفتيش الأمنية في شبه جزيرة سيناء، “هكذا بلا تحقيقات ولا محاكمات”.
بالإضافة إلى ذلك تم تدمير 343 نفق على الحدود بين مصر وغزة في رفح.
● وأعلنت بعدها وسائل الإعلام الحكومية والموالية للانقلاب أن الجيش المصري قد تمكن تمامًا من القضاء على الإرهاب ولا مكان للإرهابيين في سيناء.
● 2 أغسطس 2013، تم وضع قنبلة في فندق يتردد عليه ضباط الأمن دون وقوع إصابات.
● 3 أغسطس 2013، صرح مصدر أمني لصحيفة “المصري اليوم” أن غالبية الإرهابيين قد اعتقلوا صباح اليوم.
بمعنى آخر .. انتهى الإرهاب!
● بعد أسبوعين فقط، وتحديدًا في 18 أغسطس: قُتل 25 من رجال الشرطة المصرية في هجوم بالمنطقة الشمالية من سيناء، بعدما أجبر مسلحون حافلتين صغيرتين تقلان رجال شرطة خارج الخدمة على الإيقاف، وأجبر المسلحون رجال الشرطة على الاستلقاء على الأرض قبل إطلاق النار عليهم.
● في 3 سبتمبر 2013، قُتل خمسة عشرة ممن اتهموا في الإعلام بأنهم من المتشددين الإسلاميين في هجوم بطائرات هليكوبتر إسرائيلية في أول تعاون صريح وفج بين جيش السيسي والعدو الصهيوني.
● في 7 سبتمبر 2013، أطلق الجيش المصري عملية جديدة في المنطقة، العملية شملت دبابات وستة على الأقل من مروحيات الأباتشي، قام الجيش بتمشيط المناطق القريبة من قطاع غزة، في الأيام الثلاثة للعمليات، قُتل اثنان من الجنود و29 من أهالي سيناء، وأُلقى القبض على 39 آخرين.
● في 11 سبتمبر 2013، استهدف انتحاري مقر المخابرات العسكرية المصرية في رفح، في نفس الوقت صدمت سيارة ملغومة نقطة تفتيش تابعة للجيش، قُتل تسعة جنود على الأقل في هذين الهجومين اللذين نُفذا في وقت واحد.
● في 24 ديسمبر2013، قُتل 16 وأُصيب أكثر من 134 في انفجار قنبلة ضخمة بمديرية الأمن الدقهلية بالمنصورة، في أسوأ هجوم على موقع حكومي شهدته مصر.
● طوال عام 2013، كان يتم الإعلان يوميًا عن سقوط قتلى من أهالي سيناء بأيدي الجيش المصري بدعوى أنهم متشددين، وقتل المئات بدون محاكمات أو حتى تحقيق واحد.
● في 26 يناير 2014، أعلنت جماعة أنصار بيت المقدس، مسؤوليتها عن سلسلة من الهجمات على الشرطة والجيش، وقالت في بيان نشرته أنها نجحت في “إسقاط مروحية عسكرية بصاروخ أرض – جو وقتل طاقمها الكامل في المنطقة حول مدينة الشيخ زويد، قرب الحدود مع قطاع غزة”.
● في 3 فبراير، تم تنفيذ ما وصفت بأنها “أكبر عملية هجومية من الجيش المصري” ضد المتشددين في سيناء، 30 من أهالي سيناء – يطلق عليهم الإعلام اسم المتشددين – قُتلوا، وأُصيب 15 آخرون في سلسلة من الغارات الجوية واُعتقل 16 آخرون.
● تفجير حافلة طابا: في 16 فبراير 2014 انفجرت قنبلة أسفل حافلة سياحية تقل كوريين جنوبيين في المدينة المصرية طابا، وأسفر التفجير عن مقتل 4 أشخاص – 3 من كوريا الجنوبية وسائق الحافلة المصري – وإصابة 17 آخرين.
● هجوم كرم القواديس: في يوم الجمعة 24 أكتوبر 2014، قُتل 31 من جنود الجيش والشرطة في هجومين منفصلين في شمال سيناء ، وكان الهجوم هو الأكبر على الإطلاق والأكثر دموية منذ بدء الحرب على الإرهاب في سيناء.
● في اليوم التالي أعلن السيسي حالة الطوارئ في محافظة سيناء، ولمدة ثلاثة أشهر وتشمل حظر التجول اليومي من 5:00 مساء حتي 7:00 صباحًا وحتى إشعار آخر.
● مساء الثلاثاء 28 أكتوبر 2014: أعلنت الأجهزة المعنية بمحافظة شمال سيناء أنها بدأت عملية إخلاء قسري بمنطقة الشريط الحدودي بمدينة رفح المصرية من السكان، ولم يمهل الجيش المواطنين وطالبهم بسرعة إخلاء منازلهم خلال 48 ساعة فقط، قام على إثرها بتفجير المباني السكنية والمساجد والمنشآت؛ من أجل إقامة المنطقة العازلة بين مصر والقطاع الفلسطيني.
فيديو: الجزيرة تصور ما يقوم به الجيش المصرى من تفجير للمنازل على الحدود مع غزة: https://youtu.be/zMWdUh9wQ_0
وظلت العمليات متواصلة عدة أشهر إلى أن تم إزالة مدينة رفح المصرية بالكامل، وتحققت بذلك واحدة من أغلى أمنيات إسرائيل.
● 29 أكتوبر 2014 أعلن السيسي عن توجه قوات من التدخل السريع إلى سيناء لمحاربة الإرهاب.
● 10 نوفمبر 2014، بايعت جماعة أنصار بيت المقدس دولة العراق الاسلامية وبلاد الشام وشكلت مجموعة ولاية سيناء، وفي يوم 14 نوفمبر، نشرت فيديو على الإنترنت يصور هجمات على الجيش والشرطة وفيها لقطات لهجوم كرم القواديس.
● لم يتوقف نزيف الدماء لحظة واحدة في شبه جزيرة سيناء طوال عام 2014 المنصرم ، سواء من الجنود أو من الأهالي، بدون إدانة واحدة لأي من المسئولين، أو عزل لمقصر أو مهمل من منصبه! وإعلام يعلن عن الفاعل بعد دقائق من حدوث الجريمة!
● في 25 يناير 2015، وبالتزامن مع خروج التظاهرات الكاسحة في كل محافظات مصر ومنها شمال سيناء مطالبة بإسقاط الانقلاب، أصدر عبد الفتاح السيسى قرارًا بمد حظر التجوال في سيناء لمدة 3 أشهر مقبلة منذ تاريخه وحتى 25 أبريل القادم.
عمت التظاهرات بعدها شمال سيناء تنديدًا بالقرار الذي تسبب في أضرار مهولة للمحافظة المنكوبة.
● الخميس 29 يناير 2015: أعلنت مصادر أمنية أن 10 قذائف هاون وأكثر من سيارة مفخخة استهدفت مديرية أمن شمال سيناء وكتيبة عسكرية، وفندقًا للقوات المسلحة، حصيلة الهجمات على مقار الجيش حتى اللحظة 46 قتيلاً و90 مصابًا، وُيعد هذا الهجوم هو الأسوأ والأعنف في تاريخ سيناء.
《قصة سيناء باختصار…حينما يُصنع الإرهاب》
● أما رد الجيش، فقد جاء على لسان المتحدث باسمه في بيان مقتضب، خلا من المنطق ومن الحياء، قال فيه:
“نتيجة للضربات الناجحة التى وجهتها القوات المسلحة والشرطة المدنية ضد العناصر الإرهابية خلال الفترة الأخيرة بشمال سيناء ، وفشل جماعة الإخوان الإرهابية والعناصر الداعمة لها في نشر الفوضى فى الذكرى الرابعة لثورة (25 يناير) المجيدة؛ قامت عناصر إرهابية مساء اليوم 29/ 1/ 2015 بالاعتداء على بعض المقار والمنشآت التابعة للقوات المسلحة والأجهزة الأمنية بمدينة العريش باستخدام بعض العربات المفخخة وقذائف الهاون، وجارى تبادل إطلاق النيران والتعامل معهم”
● انتهى البيان… وانتهى الأمن .. وانتهى الأمان .. وانتهت هيبة الدولة .. وأعلنت فشلها التام .. وسقوطها السحيق .. منذ حل الانقلاب المشئوم بقيادة السيسي وعصابة المجلس العسكري على ربوع مصر.
● ومنذ ذكرى يناير الرابعة ونزول الملايين من المصريين إلى الشوارع، أعلنوها مدوية: “خلعنا العمة .. وكتبنا بأيدينا نهاية الانقلاب”.