للعراق تجارب كثيرة مع النزوح والتهجير منذ الاحتلال الأمريكي للعراق في 2003 إلى يومنا هذا، ولكن حالات النزوح المليوني – إذا صح التعبير – حدثت بعد سقوط الموصل بيد تنظيم الدولة في 10 يونيو 2014 وما عقب هذا الأمر من تداعيات جعلت أكثر من 2 مليون نازح يتركون مناطقهم متجهين للمناطق الآمنة في إقليم كردستان بالدرجة الأولى ثم بغداد وجنوب العراق.
الأمر الذي خلق عشرات المخيمات، إضافة لارتفاع كبير بالإيجار للدور السكنية والشقق في تلك المناطق؛ مما زاد من معاناة النازحين وعدم قدرتهم على تأمين لقمة العيش البسيطة والسكن؛ فكان خيارهم البقاء في المخيمات.
نظرة بسيطة لوضعية النازح العراقي في المخيمات، فنجده يعاني انتشار الأمراض الجلدية ونقص في الأغذية الصحية والملابس والمياه والإهمال وعدم وصول المساعدات المالية والقائمة تطول.
هنا يقع السؤال المهم، إين دور ملف الإغاثة؟ ولماذا لا يجد دور حقيقي لتخفيف أوجاع النازحين وتوفير احتياجاتهم؟
سنجيب عن هذا السؤال بالتفصيل، ونحدد بالنقاط أسباب عجز الإغاثة عن إدارة ملف النازحين.
أولاً: ضعف التخصيص بشكل عام
إن عدد النازحين داخل العراق يزيد عن 2 مليون نازح على أقل التقديرات، وهناك جهات تؤكد أن النازحين ضعف هذا الرقم، والتخصيص الحكومي والدولي ومنظمات الإغاثة لم يرتق دعمها إلى مستوى هذا الرقم من النازحين.
ثانيًا: ضعف التسويق الإعلامي لنازحي العراق
يتصدر نازحو سوريا الإعلام العربي والعالمي رغم أن المعاناة متساوية والنزوح واحد، إلا أن ضعف التسويق لنازحي العراق جعل حملات الإغاثة بعيدة عنهم وشحيحة وتتجه للسوريين بعيدًا عن النازح العراقي، ولقد وجدنا هذا الأمر عند سؤال كثير من النازحين العراقيين الذين يكونون بالقرب من المخيمات السورية، فيجد تدفق المساعدات للسوريين وانعدامها للعراقيين أو على الأقل هناك فرق شاسع بين الأمرين؛ وهذا يرجع لتصدر ملف النزوح السوري الإعلام على الملف العراقي.
ثالثًا: الفساد المالي
حالات الفساد المالي والسرقات في ملف الإغاثة والصفقات المشبوهة في تجهيز النازحين وتحويل الملف إلى تجارة بين بعض السياسيين العراقيين والتجار؛ جعل أموال النازحين تُسرق بنِسَب عالية مما قلل نسبة وصول الإغاثة، وجعل التخصيص المصروف للنازحين يتقلص بفعل الاختلاس والسرقات.
رابعًا: عدم وجود تنسيق في العمل
إن زيارة بسيطة لأي مخيم نزوح ستجد أن هناك حالة من التخبط في الإغاثة ينتج عنها ضياع مبالغ مهولة، حيث إن توزيع الإغاثة بشكل عشوائي دون تحديد الاحتياج سيجعل الأموال تُصرف دون نتيجة مُرضية، ذلك أن كثيرًا من النازحين يتلقون مساعدات من عدة منظمات بنفس المادة مما يدفعهم لبيعها بالسوق بثمن لا يتجاوز 30٪ من القيمة الحقيقية مثل بيع الأغذية لشراء الأدوية أو بيع الأغطية لشراء الأغذية وهكذا.
خامسًا: الإجراء الأمني صعوبة التحرك والوصول للمخيمات وخاصة من الناشطين المحليين والإعلام وصعوبة إصدار تصاريح لهم؛ جعل العمل الإغاثي المجتمعي يضعف بشكل كبير جدًا لخوف الناس من التحرك؛ وهذا حد من المبادرات الداخلية للإغاثة.
سادسًا: اللجوء الإنساني
إن تأخر مواعيد اللجوء الإنساني لمنظمة (اليو إن) للعراقين المتواجدين في تركيا والأردن ومصر ساهمت بشكل كبير في زيادة معاناة النازحين، حيث تم إعطاء مواعيد تصل إلى سنة 2023 لغرض ترحيلهم إلى الدول التي سيعيشون بها ويستوطنون.
كل هذه العوامل جعلت النازح العراقي يعيش حالة من العزلة وصراع يومي مع الذات بين اختيار التطرف كحل لإنهاء ما يعانيه أو الصبر ليوم ثانٍ لعل هذه العوامل تتغير ويجد من يلتفت إليه من الداخل العراقي متمثل بالحكومة العراقية إو الخارج متمثل بالمنظمات الدولية والإغاثية.