مصر تقصف قطاع غزة والداخلية تطالب بالمحاسبة

قالت وزارة الداخلية الفلسطينية في قطاع غزة إن الجيش المصري أطلق النار أمس الثلاثاء، تجاه موقعين داخل الحدود الفلسطينية، مشيرة إلى أن الهدفين يتبعان لجهاز الأمن الوطني الفلسطيني وأن عملية استهدافهم كانت مباشرة ومتعمدة، مطالبة بفتح تحقيق عاجل وبمحاسبة المتورطين في هذا الاستهداف.
وبالإضافة إلى تأكيدها على أن إطلاق النار جاء “بشكل مباغت ودون أي مبرر ودون وقوع أي خرق من الجانب الفلسطيني”، قالت وزارة الداخلية الفلسطينية في قطاع غزة إنها أجرت اتصالات مع الجانب المصري احتجاجًا على ما جرى وطالبتهم بفتح تحقيق في الحادث، مع العلم أن الجانب المصري نفى وقوع الحادثة وأن مصدرًا عسكريًا قال للأنضاول: “الجيش المصري لم يفعلها قبل ذلك ولم يفعلها اليوم، ولو فعلنا سنعلن صراحة ونوضح الملابسات التي دعتنا للقيام بذلك، ولكن هذا لم يحدث”.
وفي المقابل نقل موقع 24 الإماراتي عن مصادر أمنية مصرية “أن قوات مصرية أطلقت النار على الحدود مع غزة الثلاثاء، بعد انفجار قنبلة قرب قافلة عسكرية مصرية قرب نقطة حدودية”، مشيرًا إلى أن هذه المصادر اتهمت حركة المقاومة الإسلامية حماس بالوقوف خلف عملية تفجيرية استهدفت عددًا من ناقلات الجنود قرب نقطة صلاح الدين الحدودية المشتركة بين قطاع الغزة الفلسطيني وسيناء المصرية.
وتأتي هذه التطورات بعد أقل من أسبوع من العمليات التفجيرية المتزامنة التي استهدفت نقاط أمنية مصرية شمال سيناء يوم الخميس وأدت إلى مقتل أكثر من 30 من أفراد الأمن المصري، وكذلك بعد أيام من صدور قرار قضائي مصري يقضي بحظر كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس ويصنف الحركة وجناحها العسكري كتنظيمات إرهابية.
وتتزامن هذه العمليات والقرارات القضائية مع حملة تحريض إعلامي ضد قطاع غزة عامة وضد حركة حماس وذراعها العسكري بشكل خاص من قِبل الإعلاميين الموالين لعسكر مصر، حتى بلغ الأمر بالإعلامي أحمد موسى أن اتهم حركة حماس بأنها هي المسؤولة عن تبليغ الموساد الإسرائيلي عن مكان الشهيد عز الدين القسام ليتم اغتياله، رغم أن القسام اُغتيل في سنة 1935 أي قبل تأسيس حركة حماس وقبل تأسيس الموساد الإسرائيلي وقبل قيام دولة الاحتلال الإسرائيلية.
ويذكر أن الجنرال عبد الفتاح السيسي أعطى أهمية قصوى منذ الأيام الأولى من انقلابه على الرئيس المصري محمد مرسي للتضييق على قطاع غزة، فكانت من أوائل قراراته أنه حرك الجيش المصري لهدم الأنفاق التي كانت تمثل شريان الحياة الأساسي للمقيمين في قطاع غزة والذي يفوق عددهم المليون ونصف مليون ساكن، وجعلهم بالتالي تحت رحمة دولة الاحتلال الإسرائيلي الذي باتت تتحكم بشكل شبه مطلق بقوت أهالي قطاع غزة.
وبالإضافة إلى ما يثار حول أهداف التضييق الإسرائيلي على قطاع غزة كونها تهدف إلى خنق حركة حماس والإطاحة بها إما عبر إضعافها سياسيًا وشعبيًا في مفاوضات المصالحة الدائرة مع السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية أو عبر إضعافها عسكريًا أمام جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي سعى في الصيف الماضي إلى إسقاط حركة حماس في الحرب التي أطلق عليها الإسرائيليون تسمية “الجرف الصامد” وأطلقت عليها كتائب القسام تسمية “العصف المأكول”.
وقد تطورت عمليات التضييق على قطاع غزة من مرحلة هدم الأنفاق إلى مرحلة إقامة شريط حدودي عازل، ثم توسعت عمليات الجيش المصري في شبه جزيرة سيناء تحت ذريعة محاربة الإرهاب لتطال آلاف المدنيين في حالة باتت توصف بالعنصرية وبالإبادة من قبل عدد من المتابعين، حيث كتب الشاعر والناشط السياسي عبد الرحمن يوسف مقالاً قال فيه: “بعد أن جاءنا السيد عبدالفتاح سيسي، أصبح ما يجري الآن في سيناء تمييزًا عنصريًا بامتياز، وبيننا وبين مرحلة التطهير العرقي عدة أمتار لا أكثر”.
مضيفًا: “التمييز العنصري هو معاملة الناس بشكل غير متساوٍ بناءً على انتمائهم إلى مجموعة عرقية، أو قومية معينة، وهو ما ينطبق على سيناء بشكل جليٍّ، فسيناء مكان واضح جدًا من الناحية الجغرافية، يسكنها شعب له خصائص واضحة كعنصر، له لغته ولهجته، له طعامه وملابسه، له ثقافته ومعارفه، له فولكلور وعادات وتقاليد، أهل سيناء (بدوهم وحضرهم) لهم تمايز واضح عن بقية مواطني جمهورية مصر العربية، وما تفعله الدولة المصرية الآن أنها تستهدف هذه الأقلية أو المجموعة السكانية بإجراءات ليست أمنية، بل هي إجراءات استئصالية، حربية، عسكرية، تندرج تحت مسمى (التمييز أو الفصل العنصري) طبقًا لتعريف القانون الدولي، والغريب أنها تعتبر كذلك وفقًا لدستور العسكر المستفتى عليه في يناير 2014”.
ولا يمكن الجزم بما ستؤول إليه عملية استهداف الجيش المصري للجانب الفلسطيني في قطاع غزة، ولكن ما تؤكده خطابات الجنرال السيسي والآلة الإعلامية الموالية له هو أن العمليات التي ينفذها الجيش المصري في قطاع سيناء تحت ذريعة محاربة المجموعة المسلحة هناك ستستمر وستتوسع في الأيام القادمة، الأمر الذي قد يؤدي إلى تنامي العمليات المسلحة ضد الجيش المصري في شبه جزيرة سيناء وقد يجعلها تنتقل إلى خارج سيناء وإلى المدن المصرية الأخرى.