وصل الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” اليوم الاثنين في زيارة رسمية ستستمر يومين لمصر، وسيلتقي خلالها بالجنرال عبد الفتاح السيسي لبحث وعقد اتفاقيات التعاون المشترك بين البلدين في مختلف المجالات وكذلك لبحث مستقبل صفقات التسليح التي تحدث عنها الإعلام المصري كثيرا خلال السنة الماضية.
ويرى المتابعون أن بوتين توجه للقاهرة في إطار مساعي بلاده للحصول على نفوذ أكبر في منطقة الشرق الأوسط لتعويض ما خسرته من نفوذ بسبب الأزمة السورية، وللحصول على نفوذ أكبر في مصر التي تعتبر منطقة نفوذ أمريكية. ويفترض أن بوتين يريد استغلال التحولات التي تشهدها المنطقة وخاصة المملكة العربية السعودية الحليف الأول لأمريكا في المنطقة والداعم الأكبر للانقلاب العسكري الذي عاشته مصر في يونيو 2013، حيث تصب معظم الانطباعات الأولية بعد وفاة الملك عبد الله وصعود الملك سلمان بن عبد العزيز نحو تغير في مستوى الدعم السعودي لعسكر مصر.
وهذه الزيارة هي أول زيارة يؤديها بوتين للقاهرة منذ عشر سنوات، حيث كانت آخر زيارة له لمصر في سنة 2005 في عهد الرئيس المعزول حسني مبارك، وستشمل الزيارة أنشطة “دعائية” مثل حضور بوتين لحفل موسيقي في دار الأوبرا في قلب العاصمة القاهرة مساء اليوم، فيما يبدو أنها محاولة من قبل الجانب المصري لإظهار نجاعته في إدارة شؤون البلاد واستقرار الوضع الأمني في مصر.
وفي بيان صادر عن الكرملين، قال الجانب الروسي إن السيسي وبوتين “سيوليان اهتماما خاصا لتعزيز التجارة والعلاقات الاقتصادية بين البلدين”، وقال بوتين: “الأزمات التي تعيشها بعض دول المنطقة ستكون حاضرة في مباحثاته مع القيادة المصرية وفي مقدمتها الإرهاب الذي بات يهدد الأمن المصري أيضا”، معبرا عن إشادته بـ “الجهود المصرية لإيجاد حل سياسي في هذه الدولة”، مشيرا إلى أن “مواقف البلدين متقاربة من الوضع في سوريا”، وأن “موسكو والقاهرة تدعمان وحدة الأراضي السورية وسيادتها”، وأنه “لا بديل لتسوية هذه الأزمة إلا بالطرق السياسية والدبلوماسية”.
وفور وصول بوتين للقاهرة والتقائه بالجنرال السيسي، تم الإعلان عن عقد شركة غازبروم الروسية لصفقة لتوريد الغاز الطبيعي الروسي المسال غلى مصر خلال السنوات الخمس القادمة عبر 6 شحنات سنوية، على شرط أن يتم تحويل هذا الغاز المسال إلى غاز عادي من قبل المحطة التي تقوم شركة “هوغ” النرويجية بتشييدها في مصر.
ومن جانبه أشاد الجنرال السيسي بشخصية فلاديمير بوتين وقال أنه “شخصية استثنائية تواجه تحديات عديدة، لكنه إنسان قوي ويعطي انطباعا قويا”، مضيفا: “روسيا فعلت كثيرا من أجل مصر، ونحن نؤمن بها ونتمنى أن تعيش بلادكم في الأمن والسلامة”، معتبرا أن “مصر قادرة على أن تصبح قاعدة للتقدم الاقتصادي والتبادل التجاري ليس فقط مع دول إفريقيا والخليج، بل مع الدول الأوروبية، التي تقف أمام إمكانية إطلاق ناجح للمناطق الصناعية الحرة في مصر، مما سيسمح في المستقبل بفتح سوق واسع النطاق لمنتجات هذه الدول”.
وكان الجنرال السيسي قد أدى زيارة أولى إلى روسيا بصفته وزيرا للدفاع بعد انقلاب 3 يونيو وبعد إعلان واشنطن عن تجميد جزء من المساعدات العسكرية المقدمة للجيش المصري، ثم مرة أخرى في أغسطس 2014 بصفته “رئيسا” بعد فوزه في الانتخابات التي أقامها العسكر لتزكيته رئيسا للنظام المصري، وقد تميزت تلك الفترات بوجود ضغوط أمريكية وغربية على نظام الجنرال تهدف لإيقاف التجاوزات الخطيرة المرتكبة ضد معارضي الانقلاب والمخالفة لكل مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان والتي تسبب حرجا للحكومات الغربية أمام شعوبها.
ومنذ الزيارة الأولى، تداولت وسائل الإعلام المحلية والدولية أنباء غير مؤكدة حول بحث الجنرال السيسي مع فلاديمير بوتين صفقات بيع أسلحة روسية لـمصر لمساعدة الجيش المصري الذي قرر الدخول في “حرب على الإرهاب” في منطقة سيناء. وفي هذا الإطار استقبلت القاهرة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي وزيري الدفاع والخارجية الروسيين وأكدت وسائل إعلام روسية آنذاك أن الجانبين على وشك توقيع صفقة سلاح روسية لمصر قيمتها ثلاثة مليارات دولار تتضمن صواريخ وطائرات من بينها مقاتلات “ميغ-29” وهي نفس الطائرات التي يعتمد عليها نظام بشار الأسد في قصف المدن المؤيدة للثورة السورية.