مذبحة جديدة
ظهرت قائمة جديدة، تحوي عشرات الأسماء، تدعو أهالي تلك الأسماء للتوجه إلى مشرحة زينهم لالتقاط جثامين أبنائهم الذين غادروا صباح هذا اليوم للتشجيع في مباراة لكرة القدم أقيمت باستاد الدفاع الجوي.
مرةٌ أخرى، تختار السلطة المصرية أن تدخل في علاقة ثأرية مع مجموعة شباب الأولتراس المعروفين بعداوتهم الدائمة مع النظام وخاصةً وزارة الداخلية التي لطالما اشتبكت معهم، ولكن هذه المرة مع أولتراس فريق الزمالك المصري، والذي تكرر معه سيناريو مشابه للغاية لحادثة بورسعيد الشهيرة والتي راح ضحيتها أكثر من 74 مشجعًا لفريق الأهلي، بتواطؤٍ تامٍ من الداخلية وفي مذبحة شبه مدبرة أدينت فيها قيادات مخابراتية وشرطية.
ولكن هذه المرة لم يكن هناك مجال للقيل والقال، كانت الشرطة هي من أغلقت عليهم الأبواب بالمتاريس لتطلق عليهم الغاز المسيل ليموتوا اختناقًا، ثم تطاردهم بالهراوات والخرطوش والرصاص الحي.
كل الشهادات الميدانية شبه متطابقة، تركت الشرطة المشجعين يمرون في الممر الضيق الذي أنشأ لهذه المباراة خصيصًا ليكون المؤدي إلى المدرجات في استاد الدفاع الجوي بمنطقة التجمع الخامس في القاهرة، وكأن الأمر مبيت، ليبدأ تكدس المشجعين حتى أصبح عددهم بالآلاف، ليفاجأوا بالشرطة تغلق وراءهم بالمتاريس وتبدأ فى إطلاق الغاز المسيل للدموع، بدأت بعدها موجة من التدافع فى محاولة للهروب من الغاز الخانق، أدت إلى سقوط أكثر من 25 شهيدًا وثلاثين جريحًا.
ولم يسلم حتى من استطاع النفاذ والخروج من المصيدة القاتلة، حيث استمرت الشرطة في مطارتهم بالخرطوش والغاز، مع غيابٍ كاملٍ لسيارات الإسعاف، التي لم تظهر إلا بعد الحادثة بساعة كاملة لتبدأ في انتشال الجثث والجرحى الملقين على أرصفة التجمع الخامس.
.
https://www.facebook.com/RevolutionMaker/posts/912160065471995?comment_id=912499155438086¬if_t=like
https://www.facebook.com/yasser.sameh.7/posts/8853467415169 14?comment_id=885687084816213¬if_t=like
أمرٌ دبر بليل
تناولت الراوية الرسمية للسلطة المصرية اتهاماتٍ موجه لمشجعي الأولتراس تتهمهم بمحاولة الدخول إلى المباراة دون حمل التذاكر الخاصة بها. بالتزامن مع تصريح رئيس نادي الزمالك المعروف بعدائه لمجموعات الأولتراس عقب وقوع الحادث عن أن المباراة حدد لها عدد عشرة آلاف من الجمهور لحضور المباراة وقد طبعت التذاكر لهذا العدد واشترى النادي أكثر من نصفها وتم توزيعها على أعضاء موالين لرئيس النادي في محاولةٍ لمنع جمهور الأولتراس من الحصول عليها لحضور المباراة في أول مباراة يقرر الأمن عودة الجمهور للملاعب في الدوري العام المصري بعد انقطاعٍ دام سنوات.
بينما كانت التصريحات التي نشرت في عدة وسائل إعلام قبيل المباراة أن الدخول سيكون بدون تذاكر لمشجعي الزمالك ما جعل توافد الجمهور بعدد أكبر، هذا التخبط يجعل الأمر برمته محل تشكيك مع ظهور بوادر تواطؤ بين الداخلية وإدارة النادي.
تناول الإعلام الرياضي المصري
“ستمر الدولة على أجسادكم” .. كما قالها أحمد شوبير، أحد أشهر المحللين الرياضين المصريين حاليًا والبرلماني السابق، والمعروف بمواقفه المعادية للثورة ولشباب أولتراس الزمالك، متوعدًا شباب الأولتراس، والذي يبدو أنه لم يكن كاذبًا، حيث تحدثت الصفحة الرسمية لشباب الأولتراس عن مؤامرة شاركت فيها وزارة الداخلية ومرتضى منصور رئيس نادي الزمالك بهدف الانتقام من الشباب، وتلقينهم درسًا قاسيًا.
الموقف الرسمي للسلطات المصرية
وزارة الداخلية من جهتها أعلنت عن حدوث ما أسمته “اشتباكات”، بسبب محاولة مشجعي النادي دخول المباراة بدون تذاكر، وأن السبب في وقوع قتلى وجرحى كان “التدافع”، الرواية التي اعتمدها رئيس النادي مرتضى منصور أيضًا قبل أن يعلن عن حداد هزيل للنادي لمدة ثلاثة أيام.
بشكلٍ مثيرٍ للسخرية، فإن المباراة استمرت بشكل طبيعي جدًا، وتم إيقاف لاعب الزمالك عمر جابر الذي قرر عدم المشاركة في المباراة بعد تردد أنباء عن وقوع إصابات على بوابة الاستاد.
لم ينته الأمر عند ذلك، حيث قامت مشرحة زينهم التي نُقلت إليها الجثامين، بغلق أبوابها فى وجه أهالي الشهداء بعد تجمهر الأهالي أمام المشرحة وسط حالات هستيرية من البكاء، وقام أمن المشرحة بإيقاف محاولات الأهالي للدخول بعد أن حاول بعضهم تحطيم البوابات الحديدية المغلقة.
أولتراس تاريخ من الصدامات مع الأنظمة
منذ عام 2007 بدأت مجموعات شبابية في الظهور بشكلٍ منظم للتشجيع خلف قطبي الكرة المصرية الأهلي والزمالك في أقل المدرجات وجاهةً وهي مدرجات الدرجة الثالثة.
بدأ الأمر في الصدام مع تشكيلات الداخلية المنوطة بتأمين المباريات بعد التعنت من قبلهم في دخول أدوات التشجيع الخاصة بالأولتراس إلى أن أصبحت هذه المجموعات مصدر قلق دائم لوزارة الداخلية في المباريات الكبرى.
حتى أن الأمر وصل إلى حد خوف النظام من هذه المجموعات المنظمة فبدأت حملات اعتقالات لقادتهم قبيل ثورة يناير في أيام المباريات الهامة لتحذيرهم أو لتفويت الفرص عليهم لدخول المباريات وتنظيم فاعلياتهم.
حدثت عدة أحداث دامية بين الداخلية وأعضاء الأولتراس في عدة مواطن أبرزها مباراة لفريق الأهلي مع أسيوط حينما أطلقت الداخلية الرصاص الحي على بعض المشجعين.
كذلك الأحداث الدامية التي حدثت عقب مباراة الأهلي والاتحاد السكندري في كرة السلة والتي شهد كوبري قصر النيل عقبها اشتباكات بين أعضاء الأولتراس والداخلية أدت إلى حرق عدة سيارات للأمن المركزي واعتقال العديد من شباب الأولتراس وذهابهم لجهاز أمن الدولة.
قامت ثورة الخامس والعشرين من يناير وشارك فيها جموع الأولتراس بفاعلية وهو ما لاحظته أجهزة الداخلية التي أصبحت تعتبر الأولتراس مجموعة معادية لها أو صاحبة ثأر معها، ومع الأحداث السياسية المتصارعة في البلاد عقب ثورة يناير سقط أحد أعضاء أولتراس أهلاوي قتيلًا في أحداث مجلس الوزراء إبان حكم المجلس العسكري للبلاد، تلى ذلك هتاف بإسقاط حكم العسكر من مجموعات الأولتراس في مباراة الأهلي ومصر المقاصة ما عمق العداء بين النظام والأولتراس.
فاعتبر البعض مجزرة بورسعيد هي ردٌ من النظام على الأولتراس بعد أن أدينت قيادات مخابراتية وشرطية في هذه الأحداث المدبرة التي راح ضحيتها 74 مشجعًا من مجموعات أولتراس أهلاوي في مجزرة استاد بورسعيد.
منذ ذلك الحين وحملات التحريض الإعلامية مستمرة على شباب الأولتراس، كذلك حملات القمع النظامية للفصائل المنظمة التي شاركت في ثورة يناير وفي قلبها الأولتراس.
النظام يتعطش للمزيد
حلقة جديدة تُضاف إلي سلسلة المذابح التي تم ارتكابها في عهد الرئيس العسكري عبدالفتاح السيسي ، كفض اعتصام رابعة العدوية واعتصام ميدان النهضة وقبلها مجزرة المنصة والحرس الجمهوري أو حتى مقتل شيماء الصباغ منذ أسبوعين تقريبًا، في إشارةٍ واضحة إلى أن القتل هو الخيار الأسهل في حالة إذا قررت تجاوز النظام بأي شكل، مما يبدوا واضحًا أن السيسي يحاول أن يزيد من قبضته الأمنية على البلاد ليضمن اختفاء الحركات الثورية المعارضة، وبالتالي تجفيف منابع الثورة في مصر إلى الأبد.
انتهت المباراة بالتعادل 1-1، وبسقوط أكثر من 25 قتيلاً بينهم 6 مجهولين لم يتم التعرف على هوياتهم حتى الآن.