أمسى الشعب المصرى على مجزرة جديدة ارتكبتها وزارة الداخلية، الوايت نايتس “جماهير نادى الزمالك” كانت هى الضحية هذه المرة، حيث قُتل وأصيب عدد كبير من أعضائها، وككل مجزرة بادر إعلام ونخبة النظام بالتبرير الأعمى واتهام القتلى والتدافع وأمور أخرى بالمسؤولية عن الحادث رغم وضوح المشاهد التي تُثبت تورط عناصر الأمن في قتل الشباب، كما لم تغب نظرية المؤامرة عن المشهد فاتُهم الإخوان و6 أبريل والأولتراس ومعظم دول العالم بمحاولة إفساد زيارة بوتين والانتخابات البرلمانية المرتقبة والدورى العام وإحراج مصر وإظهارها بصورة الدولة الغير مستقرة، وهى التبريرات السخيفة التى جاءت على حساب دماء الشباب ودون مراعاة لمشاعر المصريين الحزينة على فقد أبنائهم.
شباب محب لفريقه الكروى تطربه أهازيج الأولتراس وهتافات المدرج يجد متعته فى صحبة أقرانه وهم يتمايلون ويرددون عبارات التشجيع فى عشق ناديهم الكروي، ما ذنبه أن يذهب لمشاهدة مبارة كرة قدم فيعود إلى أهله جثة هامدة؟!
هذا التساؤل الذي غلب على تعليقات الشباب عن الحادث، غاب عن إعلام النظام الذي شغله الحديث عن هيبة الدولة وصورة مصر أمام العالم وكأن موت الشباب والمواطنين ذنبًا يرتكبه من يموت ﻻ من يقتل!
قبل أقل من عشر سنوات ظهرت روابط الأولتراس في مصر؛ فأعادت لكرة القدم شبابها وحيويتها، وأضافت للجمهور الندية والحمية المتبادلة بين الفرق والتي لا تخلو من التعصب، كما سجلت هذه الروابط الشبابية من مشجعي الكرة مشاركة بارزة خلال ثورة يناير ونُسِب إليها القيام بدور كبير في الدفاع عن ميدان التحرير وإضفاء روح حماسية على الميدان مازالت تدفع ثمنها غاليًا من أرواح شبابها حتى الآن، وبانكسار ثورة يناير كان الانتقام من الأولتراس فاتهمهم الإعلام بما اتهم به غيرهم ممن شارك في الثورة بالإرهاب والفوضى ومحاولة إسقاط الوطن وحتى الشذوذ والانفلات الأخلاقى وغيرها من اتهامات الخيانة التي يُلقيها الإعلام يوميًا على مسامع المصريين.
مجزرة الدفاع الجوى أو استاد 30 يونيو ولعل في اسمه إشارة واضحة لتاريخ دشن لمرحلة دموية بامتياز عبرت مجددًا عن أزمة النظام العسكري مع الشباب وأن لغته في الحوار معهم هي الرصاص والغاز، وأنه مستعد لاستيعابهم في ممرات القتل أو صناديق الموتى وليس في جلسات الحوار المملة التي يبدو أن النظام ليس لديه الوقت ليضيعه معهم، فالأسهل إذن أن يتم اتهامهم بالانحراف والخيانة، وبما أن الوطن في حالة حرب مع أعداء الوطن فليس هناك صوت أعلى من صوت الرصاص، لكننا اكتشفنا أن صوت بكاء الأمهات على فقد أبنائهم دون ذنب وصراخ الآباء على أبواب المشرحة ليروا جثامين أبنائهم المحبوسة ويحتضنوها قبل وداعها الأخير وآهات الرفاق الذين نجوا أعلى من صوت الرصاص هذه المرة.
أدرك الشباب الآن أن هذا الوطن المحاصر بالدبابات وأفواه الإعلام المأجور يخطط لقتلهم والتخلص منهم بكل الحيل في الميدان وفي الشارع وفي الجامعة وحتى في ملعب الكرة، وبقى له أن يتوحد على هتاف الأولتراس وهدف القصاص وحلم يناير في العدل والحرية قبل أن يبحث عن سبيل لبناء وطنه الجديد.