واصلت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية نشر ما قالت أنها رسائل سرية بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما والمرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية علي خامنئي، يتفاوضان من خلالها حول عدد من القضايا التي تهم البلدين وعلى رأسها قضية فتح العلاقات وعقد اتفاق نهائي في خصوص الملف النوي الإيراني وكذلك الدور الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط وخاصة في سوريا والعراق.
وفي آخر تقرير نشر اليوم 14 فبراير، وترجمه موقع الجزيرة نت مقتطفات منه، قالت الصحيفة أن خامنئي أرسل رسالة سرية إلى البيت الأبيض أوضح من خلالها رده على الرسائل السابقة التي تلقاها من قبل باراك أوباما، وبينما قال دبلوماسي إيراني أن رسالة المرشد الأعلى “جديرة بالاحترام” لكنها لا تتضمن أي التزام؛ قال مسؤولون أميركيون حاليون وسابقون -اطلعوا على الرسالة- أن خامنئي أشار في رسالته إلى “انتهاكات ارتكبتها الولايات المتحدة ضد الشعب الإيراني في السنوات الستين الماضية”.
مع العلم أن البيت الأبيض والحكومة الإيرانية لم يؤكدوا بشكل رسمي وجود هذه الرسائل من عدمه، في حين تحدث بعض المسؤولين الإيرانيين لوسائل إعلام إيرانية محلية مؤخرا عن رد إيران على بعض الرسائل الواردة من طرف الرئيس الأمريكي، دون أن يحددوا الجهة التي تكفلت بذلك.
وقد شهد الشهر الماضي تطورا ملحوظا في الموقف الإيراني وتحديدا في موقف خامنئي من مفاوضات الملف النووي، حيث قال المرشد الأعلى للثورة في أحد تصريحاته إنه “سيقبل بحل وسط في المحادثات النووية”، مظهرا انحيازه لقرار الرئيس الإيراني حسن روحاني القاضي بالانخراط في المفاوضات المباشرة مع أمريكا والغرب.
وفي هذا الإطار كتب الخبير السياسي “علي باكير” تعليقا على وثيقة “استراتيجية الأمن القومي الأمريكي 2015” التي أشار إلى أنها لم تتحدث عن أي تهديدات وأكدت التوقعات المثارة حول توجه إدارة أوباما إلى تطبيع العلاقات مع إيران، قائلا: “بمراجعة نص الوثيقة، تبيّن أن إيران ذكرت تسع مرات موزعة على ثلاث فقرات فقط تحت ثلاثة أبواب.. وجميعها مرتبطة بفكرة واحدة فقط وهي أنّ إدارة أوباما تسعى من خلال الدبلوماسية والمفاوضات إلى منع إيران من امتلاك قنبلة نووية”.
مضيفا: “هذه الوثيقة مهمة جدا في توقيتها لأنّها تأتي في سياق ما نرصده عن تنازلات أمريكية غير مسبوقة لإيران مقابل الموافقة على صفقة ترضي أهواء أوباما الشخصية وتكون بمثابة الكارثة للمنطقة والعالم.. ولذلك فإن تجاهلها التام لمخاطر دعم إيران للإرهاب وزعزعة أمن واستقرار المنطقة هو تأكيد لسياق التنازلات والتعاون بين واشنطن وطهران”، مذكرا بأن الوثيقة تتناقض مع وثيقة الأمن القومي الأمريكي السابقة الصادرة في سنة 2010 والتي ذكرت أن من أهداف الولايات المتّحدة “دفع إيران للابتعاد عن سياساتها التي تسعى من خلالها لامتلاك أسلحة نووية، ودعم الإرهاب، وتهديد جيرانها”.
ومن جهة أخرى، يذكر أن وول ستريت جورنال كشفت منذ ثلاثة أشهر عن محتوى رسالة وجهها أوباما لخامنئي تحدث من خلالها عن ما أسماه “المصلحة المشتركة بين الولايات المتحدة وإيران في محاربة متشددي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)”، حيث مثلت الرسالة الأمريكية محاولة أمريكية لطمأنة الإيرانيين وضمان دعمهم للحملة التي تقودها أمريكا ضد تنظيم داعش.
فبينما يبدي خامنئي عدم ارتياحه للعمليات الأمريكية ضد تنظيم داعش والتي وصفها بأنه “محاولة أخرى من قبل واشنطن والغرب لإضعاف العالم الإسلامي”؛ أكد مسؤولون أمريكيون مطلعون على المحادثات الدائرة بين الرئاسة الأمريكية والقيادة الإيرانية على أن “الولايات المتحدة الأمريكية مررت رسائلا إلى الإيرانيين من خلال الحكومة العراقية ومن خلال المرجع الديني الشيعي “السيستاني” أكدت من خلالها أن هدفها هو داعش”، وأنها “لا تستخدم تلك العملية كمنصة لإعادة احتلال العراق أو تقويض إيران”.
ويذكر أن البيت الأبيض تعمد إخفاء وجود خط مباشر لللمحادثات بين الرئاسة الأمريكية والقيادة الإيرانية عن حلفاءه في الشرق الأوسط، بما في ذلك إسرائيل والسعودية والإمارات لعدة أسباب، أهمها – حسب متابعين – هو خوف إدارة أوباما من الضغوط التي قد تمارسها اللوبيات الإسرائيلية في أمريكا لإجهاض هذه المحادثات وكذلك مراعاة الحساسية الخليجية من إيران التي تعتبرها بعض دول الخليج الخطر أكبر في المنطقة، حيث تخشى هذه الدول العربية من أن التقارب الأمريكي الإيراني قد يأتي على حساب أمن دولها ومصالحها الاقتصادية في جميع أنحاء المنطقة.
وحسب تقارير سابقة منشروة على موقع نون بوست من مصادر مختلفة، فإن إدارة أوباما قد أطلقت محادثات سرية مع إيران في العاصمة العمانية مسقط في منتصف العام 2012، لكن الحلفاء العرب لم يتم إعلامهم بهذه القناة الدبلوماسية السرية حتى أواخر 2013، كما كانت رسالة أمريكية للقيادة الإيرانية خلال النصف الأول من بعد جُمدت العلاقات منذ قيام الثورة الإيرانية سنة 1979.
وأما أول تواصل مباشر بين الرئاسة الأمريكية والقيادة الإيرانية فقد كانت بعد انتخاب الرئيس حسن روحاني الذي تلقى مكالمة هاتفية من أوباما دامت 15 دقيقة أثناء زيارته للولايات المتحدة الأمريكية في سبتمبر 2013 للمشاركة في أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة ، وتلتها محادثات مباشرة بين وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ونظيره الإيراني جواد ظريف.