“كرداسة”.. معقل تاريخي لأبرز الجماعات الإسلامية بمصر
جماعة الإخوان والسلفيين والجهاد والجماعة الإسلامية
توصف مدينة كرداسة، قرب القاهرة، بأنها أحد المعاقل التاريخية للتيار الإسلامي في مصر؛ ما دفعها لتكون واحدة من أبرز نقاط المواجهة مع قوات الأمن في عدة مراحل زمنية، أحدثها، اليوم الخميس، الذي شهد اقتحام القوات لها بدعوى إعادة السيطرة عليها بعد أن أحكمت تلك الجماعات القبضة عليها منذ فض اعتصامي “رابعة العدوية” و”النهضة” بالقوة، منتصف الشهر الماضي.
وتتنوع الجماعات الإسلامية المتواجدة في كرداسة بين فكر جماعة الإخوان المسلمين والفكر السلفي والفكر الجهادي، وللنوعين الأخيرين نصيب الأسد فيها؛ حيث ينتمي إليها عدد من كبريات عائلاتها. ويمكن تفصيل ذلك على النحو التالي:
“الجماعة الإسلامية” وتنظيم الجهاد:
يمثلان نحو 20 % من أعضاء التيار الإسلامي بالمدينة، ويتصدر المنتمين للجماعة الإسلامية عائلة الزمر، التي ينتمي إليها الشقيقان عبود وطارق الزمر، واللذين قضيا حكما بالسجن المؤبد (25 عاما)، بعد إدانتهما بالتورط في اغتيال الرئيس المصري الراحل، محمد أنور السادات، عام 1981، وأفرج عنهما بعد ثورة يناير/كانون الثاني 2011.
وكان وقتها ينتميان لتنظيم الجهاد قبل انضمامها إلى “الجماعة الإسلامية” في السنوات الأخيرة.
وكان للجماعة الإسلامية فصل من المواجهات المسلحة مع قوات الأمن في فترة التسعينيات من القرن الماضي، والتي انتهت بإجراء عدد من قياداتها، من بينهم عبود الزمر، مراجعات فكرية خلال تواجدهم في السجون، انتهوا فيها إلى نبذ العنف.
أما تنظيم الجهاد فمن أبرز المنتمين إليه حاليا عائلة الغزلاني، ومن أبرز أبنائها الشيخ محمد الغزلاني الذي قضى في السجن نحو 15 عاما.
جماعة الإخوان المسلمين:
كرداسة هي مسقط رأس القيادي الإخواني البارز ونائي رئيس حزب الحرية والعدالة المنبثق عن الجماعة، عصام العريان؛ ما دفع إلى ترجيح وسائل إعلام محلية بأنه قد يكون مختبئا بها في الأيام الأخيرة، وتعد عائلة العريان من أبرز المنتمين للجماعة، التي تشكل نحو 40% من إجمالي التيار الإسلامي فيها.
وتتحدث قيادات بالجماعة داخل المدينة عما تصفها بتجارب أليمة لها مع الشرطة العسكرية التابعة للجيش في فترة الستينات من القرن الماضي، أثناء حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، تتضمن اعتقالات “تعسفية” لعدد من أعضائها المقيمين بكرداسة و”تنكيل” بهم، وهو ما لم يتسن التأكد منه من مصادر مستقلة.
التيار السلفي:
وينتمي إليه فكريا عدد يمثل نحو 40% من المنتمين للتيار الإسلامي، ولكن بشكل غير تنظيمي، أي لا ينتمون لجماعات أو أحزاب دينية.
أما بقية سكان المدينة، فهم ما بين مناصرين أو متعاطفون مع تلك الجماعات، دون انتماء تنظيمي أو فكري منظم لها، وآخرون مستقلون عنها فكريا أو معارضين لها، ومن بينهم كبار ملاك أو عمال محدودي الدخل أو صناع في تلك المدينة التي تعد من الأماكن السياحية في مصر؛ حيث تشتهر بصناعة العباءات والجلاليب التراثية اليدوية.
وساد الهدوء العلاقة بين الجماعة الإسلامية وقوات الأمن بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني التي أدت إلى تنحية الرئيس الأسبق، حسني مبارك، عن الحكم عام 2011، وخروج معظم المنتمين لتلك الجماعات من السجون، وعلى رأسهم الشقيقان الزمر، والسماح لهما بخوض الحياة السياسية والحزبية بدون قيود، لأول مرة، حتى صار التيار الإسلامي، وعلى رأسه جماعة الإخوان المسلمين على سدة الحكم في صيف 2012، ولمدة عام واحد، قبل ان يطيح الجيش بالرئيس المنتخب محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان.
وعادت مشاهد الصدام بين الجانبين عقب عزل مرسي، مطلع يوليو/تموز الماضي، وما أعقب ذلك من احتجاجات واسعة ومظاهرات شبه يومية يقودها “تحالف دعم الشرعية”، المكون في معظمه من الجماعات الإسلامية المذكورة، تخللها مواجهات وأعمال عنف، وقيام السلطات بالقبض على أعداد كبير من قيادات وأعضاء المنتمين لهذا التحالف.
ونشطت تلك الاحتجاجات في كرداسة التي تخرج فيها مظاهرات مطالبة بعودة مرسي، كما شهدت الهجوم على قسم شرطة المدينة في 14 أغسطس/آب الماضي، بعد ساعات من فض اعتصام رابعة، ما أسفر عن مقتل 11 من أفراد الشرطة، وإخلاء القسم والمدينة تماما من التواجد الشرطي.
وشكل الإسلاميون في الفترة الماضية، عقب الهجوم على القسم، لجانا شعبية لتحل محل الشرطة، أحكمت قبضتها على منافذ المدينة، وقابلها بعض الأهالي بترحاب وآخرون بالنفور، كما شكا بعض السكان المسيحيين من تلقيهم “تهديدات” من بعض المنتمين للجماعات الإسلامية، وهو ما تنفيه الأخيرة، ولم يتسن التأكد من ذلك من مصادر مستقلة.
ووجهت السلطات الاتهامات لعدد من المنتمين للجماعات الإسلامية بالمسؤولية عن مهاجمة قسم الشرطة وقتل الضباط؛ وبالتحريض على العنف في المدينة التي اقتحمتها اليوم قوات من الشرطة والجيش في عملية، أسفرت عن مقتل لواء شرطة والقبض على العشرات من الصادرة بحقهم أوامر ضبط وإحضار، وأعلنت عدم مغادرتها المدينة حتى بسط السيطرة الأمنية عليها.
وتنفي الجماعات الإسلامية مسؤوليتها عن أعمال العنف التي شهدتها المدينة وقتل ضباط الشرطة، وتشير بالاتهام إلى بلطجية (خارجون عن القانون) من خارج المدينة، وتتهم الأمن باقتحام المدينة للحد من المظاهرات المطالبة بإعادة مرسي، ولتمارس مزيدا من التضييق على التيار الإسلامي، بحسب قولهم.
المصدر: وكالة الأناضول