شنّ مُتطرّفو بوكو حرام يوم الأربعاء الماضي هجومًا على مدينة جمبورو النيجيرية على الحدود التشادية، استهدف موقعًا متقدمًا يتمركز فيه الجيش التشادي الذي حاول صد الهجوم؛ مما أسفر عن مقتل جندي وجرح ثمانية آخرين، سويعات بعد هذه الحادثة، وتم الإعلان عن النجاح في إفشال عملية انتحارية في مدينة ديفا الواقعة في جنوب شرق دولة النيجر.
هذا هو واقع الحال اليوم في هذه المنطقة، فالمعارك أصبحت يومية في منطقة الشمال الشرقي لنيجيريا على الحدود مع النيجر والكاميرون.
في ديفا، الخطر دائم وبوكو حرام تتمدد
فجرت مهاجمتان نفسيهما الأربعاء في بلدة ديفا الحدودية في النيجر، أثناء عمليات تفتيش للمنازل ولم يسفر التفجيرين عن قتلى سواهما.
وقد تضاربت الأخبار حول تفاصيل العملية؛ بين ما نقلته الأناضول عن المسؤول الطبي في ديفا مامادو آليو الذي أكد انفجار الحزام النّاسف بعد اشتباه أحد الجنود بها، وبين ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر عسكري تحدث عن أن “امرأة مشبوهة شنت الهجوم”، وأضاف أن عناصر من وحدة مكافحة الإرهاب تمكّنت من قتلها “عن قرب” بعد أن رفضت رفع يديها في الهواء.
وبحسب هذا التقرير، فقد تبيّن بعد التحقق أنها كانت تحمل شحنة ناسفة تحت حجابها، لكنها لم تفجرها، موضحا أن سكانًا أبلغوا فرقة مكافحة الإرهاب بأمرها.
تجدر الإشارة إلى أن مدينة ديفا تشهد منذ قرابة الخمسة أيام ضربات مركزة من طرف متطرفي بوكو حرام؛ وهو ما دفع سلطات النيجر إلى إعلان حالة الطوارئ فيها حتى يُسمح لقوات الأمن بإجراء عمليات تفتيش مفاجئة في الصباح والمساء بعد ورود أخبار عن وجود خلايا نائمة، كما دعا رئيس النيجر محمدو إيسوفو الأربعاء، شعبه إلى “التعبئة العامة” ضد مسلحي بوكو حرام النيجيريين الذين هاجموا مرارًا جنوب شرق النيجر منذ خمسة أيام.
ودعا إيسوفو من بيلما (شمال) في خطاب بثته الإذاعة الوطنية لدولة النيجر إلى التعبئة العامة و”عدم الركوع أمام عدو يريد أن يغمر بلادنا بالظلمات”، مضيفًا أن “على الشعب أن يدعم قوات الدفاع والأمن، خصوصًا عبر تقديم المعلومات”.
يأتي موقف الرئيس بعد يومين من موافقة برلمان النيجر على إرسال قوات إلى نيجيريا للتصدي لبوكو حرام، وطلب إيسوفو من الشبان “خصوصًا في منطقة ديفا ألا يقعوا في فخ دعاية بوكو حرام وألا يستمعوا إليها”، وأضاف “ليس لبوكو حرام أي مستقبل”، داعيا الشباب الذين التحقوا بهذه الحركة التي لا مستقبل لها إلى الخروج منها وتغيير موقعهم والعودة طالما لايزال الوقت متاحًا، لأن بوكو حرام ستُهزم.
وتستعد قوات نيجرية للانضمام إلى تحالف لقوات إقليمية مشتركة تحارب مسلحي بوكو حرام، وذلك بعد أن وافق البرلمان النيجري وكتنفيذ لمخرجات القمة الأفريقية الأخيرة التي وضعت على سلّم أولوياتها محاربة هذا التنظيم المتطرف، وفي هذا الصّدد اتفقت نيجيريا والتشاد والكاميرون والنيجر وبنين على تشكيل قوة إقليمية قوامها 8700 جندي.
تأتي هذه الهجمات الأولى في دولة النيجر لأول مرة بعد أن ركزت بوكو حرام أغلب عملياتها في شمال شرق نيجيريا على إثر إعلانها هدفًا في منتصف يناير من طرف زعيم الجماعة المتطرفة التي لا تخفي تقاربها مع تنظيم القاعدة وداعش، أبو بكر شيكاو، الذي توعد بإنزال الهزيمة بهذا التحالف الأفريقي الذي يتشكل من أجل محاربتهم، وذلك في شريط فيديو بث الإثنين قال فيه “إن تحالفكم لن يؤدي إلى شيء اجمعوا كل أسلحتكم وواجهونا، فأهلاً وسهلاً بكم”.
وبهذا تصبح بوكو حرام أمام أربعة واجهات وهي واجهات نيجيريا والتشاد والكاميرون والنيجر.
تصاعد أزمة النازحين الفارين من الاقتتال
أدت عمليات الكر والفر بين بوكو حرام من جهة، والقوى النظامية النيجيرية خاصة في الفترة السابقة إلى خلق حركة نزوح كبيرة نحو المدن الحدودية البعيدة عن مرمى النيران.
وقد أعرب برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة الثلاثاء عن قلقه بشأن مصير 125 ألف لاجئ نيجيري فروا إلى جنوب شرق النيجر بسبب هجمات جماعة بوكو حرام، كما يواصل أهالي المدن والقرى الكاميرونية الحدودية نزوحهم بسبب الهجمات.
وقالت المتحدثة باسم البرنامج إليزابيث بيرز إنها “قلقة جدًا بعد الهجمات في شمال نيجيريا والتي تمتد إلى النيجر، وتجبر الآلاف على الهرب”.
خلال الأيام القليلة السابقة ، ومع تنوع عمليات بوكو حرام سواء في الجهة الحدودية المطلة على التشاد أو نحو العمق النيجري، تم تحيين عدد اللاجئين ليبلغ حسب آخر الإحصائيات 150 ألف لاجئ، وفق تقرير لشبكة الأنباء الإنسانيّة “إيرين” (شبكة أنباء مستقلة تعنى بالشؤون الإنسانية وتغطي مناطق أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى والشرق الأوسط وسط أسيا).
وقد اتخذ أكثر من 17.000 نيجيري ملاذًا في التشاد منذ مايو 2013، وفقًا للمفوضية، وفر 100.000 آخرون إلى النيجر و37.000 إلى الكاميرون.
وكان أكبر تدفق إلى التشاد – أكثر من 14.000 شخص، بمعدل يصل إلى 1.000 لاجئ في اليوم الواحد – في أعقاب الهجوم الذي شنته جماعة بوكو حرام في 3 يناير على بلدة باغا بشمال شرق نيجيريا، والذي أدى إلى مقتل مئات الأشخاص وحرق قرى بأكملها، ويفتقر أكثر من واحد من كل خمسة وافدين جدد إلى أي شكل من أشكال المأوى، بحسب تقارير الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر.
حركات النزوح من نيجيريا إلى الدول المجاورة ومخيمات اللاجئين التي تم تركيزها.
ويقول برنامج الأغذية العالمي، الذي وفر حصصًا غذائية طارئة لأكثر من 6.000 لاجئ، إنه بدأ توزيع حصص غذائية تكفي لشهر واحد على المقيمين في المخيم، وأنه سوف يحتاج إلى ما يقرب من 11 مليون دولار لتلبية احتياجات الجميع.
من جانبه، قال بيتر موسكو، نائب المدير القطري لبرنامج الأغذية العالمي في التشاد: “لقد كنا قادرين على الاستجابة لاحتياجات اللاجئين الذين استقبلناهم في العام الماضي بسرعة كبيرة وتوزيع المعونات الغذائية عليهم، أما اليوم، فإن التحدي الأكبر الذي يواجهنا هو أن الوضع نفسه غير ممول على الإطلاق تقريبًا”.
ويقول مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أنه يحاول الآن التواصل مع الصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ (CERF) لطلب دعم عمليات الإغاثة في إطار الاستجابة لأزمة نيجيريا.
في الوقت الحالي، تلجأ العديد من الوكالات لاستخدام أموالها الخاصة لضمان الاستجابة الفورية، كما أفادت سيكوي، لكنها أضافت أن هذا ليس تمويلاً مستدامًا، كما أنه لن يسمح بتوسيع نطاق الاستجابة.
وفي سياق متصل، أفادت الأمم المتحدة أنها تتأهب لوصول حوالي 30.000 لاجئ نيجيري خلال الأشهر المقبلة، اعتمادًا على الوضع الأمني.