وضعوا على فمه السلاسل
ربطوا يديه بصخرة الموتى
وقالوا: أنت قاتل!
لا، لم يكتفوا بذلك
أخذوا طعامه والملابس والبيارق
ورموه في زنزانة الموتى
وقالوا: أنت سارق!
طردوه من كل المرافئ
أخذوا حبيبته الصغيرة
ثم قالوا: أنت لاجئ!
منذ أن وضعت الحرب أوزارها فى أغسطس الماضي، لم تخلع كتائب القسام زيها وأخذت تلتقط أنفاسها في ساحة المعمعة، كيف لا وهي تعرف أن عدوها يتأبط لها شرًا ليل نهار، والقدس لاتزال في قبضة محتلين أشرار، وأسرى فى السجون.
على موعد لا ريب فيه، موعد مع الحرية.
يفتتح الشاعر والشاب الأنيق عبد الشافي الدحلة، قصيدته بعد الحرب الأخيرة على غزة فيقول:
يقيني ماله في الحرب ردة ** وعزمي زاده الباغون حدة
ولأن كتائب القسام تؤمن أن معركة قادمة لابد منها ستحسم صراعًا استمر لعقود من الزمن خلت، أخذت خطوة يصفها البعض بأنها إستراتيجية، إذ بدأت قبل حوالي سنتين بمشروع أسمته “طلائع التحرير”.
ولأن الشباب عماد الوطن ومعول بناء الغد، رأينا قبل أقل من شهر تخريج مخيمات “طلائع التحرير” على يد كتائب القسام في قطاع غزة والتى استهدفت الفتية والشباب بين (15-21) عامًا، إذ قُدمت فيها تدريبات ومهارات عسكرية، إضافة إلى دورات في الدفاع المدني والإسعافات الأولية، وشهدت هذه المخيمات مشاركة نحو 17 ألف فتى وشاب، والتي كانت قد بدأت من تاريخ اليوم الموافق 20 يناير 2015 واستمرت حتى 27 يناير 2015، من الساعة 12:30 – 15:00م
ومن بين ما قالته الكتائب في بيان لها عبر موقعها الخاص إن هذه المخيمات ستكون نواة مشروع التحرير القادم بإذن الله تعالى، إذ شملت المخيمات التدريبات والمهارات العسكرية، والرماية بالذخيرة الحية، والمهارات الكشفية والمحاضرات، بالإضافة إلى دورات في الدفاع المدني والإسعافات الأولية.
وتدرب المشاركون في المخيم على مدار أسبوع كامل على يد مدربين من كتائب القسام (الجناح العسكري لحركة حماس) على العديد من الأسلحة إضافة إلى المهارات عسكرية وفنون القتال.
يُذكر أن حفل التخريج حضره قادة الكتائب وقياديو “حماس” وفي مقدمتهم إسماعيل هنية نائب رئيس المكتب السياسي للحركة.
ووفقًا لوزير التعليم العالى في قطاع غزة الدكتور أسامة المزيني، فإن مناهج ومقررات مشروع الفتوة التي يأخذها الطلاب تنقسم إلى ثلاثة أقسام: اثنين منها يتم في مدارس وزارة التربية والتعليم في فصولها وساحاتها، والأخير في مخيمات عسكرية معدة للتدريب تتبع لكتائب عز الدين القسام.
القسم الأول: تعبوى أمني قيمي، بمعنى أن من خلاله يأخذ الطالب معرفته بالعدو الصهيونى، ويعي مكائده، ويتلقى المحاضرات في الأمن المجتمعي، والإشاعة ودورها، والعمالة ووسائل إسقاط أبناء الشعب الفلسطيني؛ وذلك حتى يكون هناك تحصين لأبناء الشعب ضد الاحتلال الصهيونى ومحاولاته للنيل منه.
القسم الثاني: ويتضمن الجانب العسكري النظري؛ حيث يتعرف الطالب نظريًا على أساليب القتال وأنواع الأسلحة.
أما القسم الثالث والأخير: فينتقل الطلاب إلى مخيمات مُعدة للتدريبات العسكرية تتبع لكتائب القسام، حيث الجانب العملي، وفيه ينزل الطالب إلى الميدان ويقوم بالعديد من التدريبات البدنية التي تقوى جسمه، إضافة إلى التعرف العملي على الأسلحة التي درسها بشكل نظري.
ووفقًا للدكتور أسامة المزيني، فقد صرح بأن الوزارة تفكر بنقل مشروع الفتوة إلى الجامعات ومن ثم ينتقل هذا الأمر إلى ما يسمى التجنيد الإجبارى من خلال آلية معينة قد تكون عبارة عن مدة زمنية حوالي أسبوعين أو ثلاثة يمكثها الطالب في بعض المعسكرات التي تتبع جهاز أمنى فلسطينى، مضيفًا أن لديهم تفكير مستقبلي بإشراك الفتيات في مشروع الفتوة بما يناسب الأنثى خصوصًا بعد أن طلب رئيس الوزراء منهم ذلك.
وفى حوار مع الأستاذ فتحي حماد وزير الداخلية الفلسطينية بغزة خلال حفل التخريج، أكد أن من حقنا الإعداد والاستعداد ما دمنا شعب محتل يسعى لاسترداد أرضه المحتلة ونيل حريته المسلوبة.
ذلك أن اكتمال قصيدة محمود درويش تتطلب الكثير من العمل الشعبي المقاوم للاحتلال الصهيونى كي نستطيع مخاطبة أسير فلسطيني فى سجون الاحتلال بعيدًا عن أمل موهوم ونقول له وكلنا إيمان ويقين بغد مشرق وحرية:
يا دامي العينين والكفين
إن الليل زائل
لا غرفة التوقيف باقية
ولا زرد السلاسل!
نيرون مات، ولم تمت روما
بعينيها تقاتل!
وحبوب سنبلة تجف
ستملأ الوادي سنابل
ينبؤنا سيف الحرب الأخيرة على غزة أصدق الأنباء، ويقول لنا ما حك جلدك مثل ظفرك، ولا أمك؟ ولا حتى أم الدنيا! واللبيب بالإشارة وحتى بدون إشارة يفهم.
في العراء تحت زخات الصواريخ تُركت غزة وبناتها ملتحفات الغصة يواجهون الموت ذاته لا شبح الموت فقط، لا يدفئهم غير دموع الشعور بالخذلان من إخوتهم وجاراتهم
والكهرباء لا كهرباء .. تستمع للإذاعة المحلية من خلال راديو يعمل على حِجار البطارية:
سقط القناع عن القناع
عن القناع سقط القناع
قد أخسر الدنيا .. نعم
لكني أقول الآن .. لا
هي آخر الطلقات .. لا
هي ما تبقى من هواء الأرض .. لا
ما تبقى من حطام الروح .. لا
ليست آخر الطلقات ولا آخر الدمعات، شكرًا درويش إذ تذكرنا دائمًا وتترك الحرب مفتوحة والجبهة مشتعلة إلى حين النصر.
شكرًا وأنت تردد:
حاصر حصارك لا مفر
اضرب عدوك لا مفر
سقطت ذراعك فالتقطها
وسقطت قربك فالتقطني
واضرب عدوك بي
فأنت الآن حرٌ وحرٌ وحرٌ
شكرًا حجار بطاريتنا الصامدة حتى الحرية، وشكرًا يا إذاعتنا المحلية.