ترجمة وتحرير نون بوست
في عام 2006، أُلقي القبض على فهيم أحمد البالغ من العمر 21 عامًا، ووجهت إليه تهمة قيادة مجموعة من الشبان والتخطيط لتفجير محطات توليد الطاقة واختطاف الرهائن وقتل السياسيين “بقطع الرأس”، بهدف إجبار الحكومة الكندية على سحب قواتها من أفغانستان، كما اُتهم أحمد أيضًا بالتخطيط للانضمام إلى المتمردين الإسلاميين للقتال في الصراعات الخارجية.
وصفت السلطات المجموعة التي يقودها أحمد بأنها “تنظيم مستوحى من فكر القاعدة”، لكن بذات الوقت لم تكشف التحقيقيات عن وجود أي صلات مباشرة ما بين المجموعة وأي منظمة إرهابية أخرى.
أحمد المولود في أفغانستان، انتقل مع عائلته إلى كندا في سن الـ 10 سنوات، وهناك حصل على الجنسية وأصبح مواطنًا كنديًا، عاش في الضواحي الداخلية للطبقة العاملة في تورونتو، حيث تزوج وأنجب طفلين، وحين أُلقي القبض عليه في عام 2006، كان عاطلاً عن العمل.
بعد أن قضى عدة سنوات في الاعتقال قبل محاكمته، اعترف أحمد خلال مسار المحاكمة بالتهم الموجهة إليه والمتعلقة بالإرهاب، وفي عام 2010 حُكم عليه بالسجن لمدة 16 عامًا، مع احتساب سنوات الاعتقال، وهو مسجون حاليًا في منشأة إصلاحية خارج تورنتو، ومن المقرر أن يُفرج عنه في عام 2018.
في حديث أجرته صحيفة إنترسبت مع أحمد من السجن، وضّح بعض النقاط التي ساعدت في عملية تحوله إلى الإسلام الراديكالي.
مرتضى حسين: ما الذي دعاك إلى الانخراط في طريق الراديكالية والدعوة إلى العنف؟
فهيم أحمد: أساس الموضوع لم يكن سيئًا، فتوجهاتي جاءت من قلقي الذاتي، ففي الوقت الذي بدأت فيه تبني هذه الاتجاهات، كنت في سن المراهقة، وكان عام 2002 و2003 المتزامن مع غزو العراق، وحينها بدا الأمر وكأنه حرب مستمرة على الإسلام، هذه الحرب فرضت علي أن اختار هويتي وطريقي، وفي ذلك الوقت، كنت أعتقد أن القيام بشيء من هذا القبيل سوف يؤدي في النهاية إلى إحداث تغيير إيجابي.
مرتضى حسين: ما هو الدور الذي لعبه الدين في اعتناقك للراديكالية الدينية؟
فهيم أحمد: بعد أداء صلاتنا في الجامع، كان بعض الأشخاص يلتقون سويًا ويتحدثون عن الحرب في أفغانستان والعراق، الناس حينها كانت تقول إنه يجب علينا أن نقوم بشيء ما حيال هذا الأمر، كما كان بعض الأشخاص الكبار بالسن والذين كانوا يتمتعون باحترام كبير يقولون لي “هذا خطأ، يجب علينا أن نتحرك”.
في ذلك الوقت، لم أكن أعرف كيف أقرأ القرآن، وفي الحقيقة، أنا تعلمت القرآن في وقت لاحق أثناء وجودي هنا بالسجن، وعندما كنت بالخارج، لم أكن أعرف أي شيء عن الدين، سوى ما يقوله لي هؤلاء الرجال، وانتهى بي الأمر إلى تشكيل رؤية ضيقة للدين، حيث كان كل شيء بالدين – بالنسبة لي – يدور حول الجهاد.
مرتضى حسين: ما هي العوامل التي ساعدتك على تطوير هذه النظرة؟
فهيم أحمد: عندما كنت أتحدث مع الناس حول ما يجري في العالم، كان الجميع يصور لي الأمور بشكل مبسط، إما أبيض أو أسود، بهذه البساطة، كما أن المشاهد التي كانت تعرض على وسائل الإعلام كانت تشعرني بالاشمئزاز.
إن هذه العوامل مجتمعة جنبًا إلى جنب مع المفهوم الديني الذي كان يصلني من الأشخاص الذين حولي، جعلني أشعر أن هذا هو الطريق الصحيح لممارسة الإسلام، وكنت أعتقد أنني بقيامي بهذه الأمور سأدافع عن المسلمين.
مرتضى حسين: هل ساهمت مشاعر الغضب أو العزلة الاجتماعية المفروضة عليك خلال نشأتك في وصولك إلى التطرف؟
فهيم أحمد: نعم ساهمت، فمثلاً قيام الناس من حولك بنعتك باسم الإرهابي، أو إساءة معاملتك لمجرد أنك ترتدي لباس إسلامي، أو تصنيفك بشكل عنصري من قبل عناصر الشرطة، جميع هذه الأشياء التي جرت معي، ومع الناس الذين أعرفهم، ساعدت في بناء شعوري بالعزلة، وأحسست بأنني لا أناسب المجتمع ولا أستطيع الاندماج به، والطريقة الوحيدة التي يمكن فيها تصحيح هذا الوضع، هي بالسفر إلى مكان بعيد، ربما إلى البلاد التي جاء منها والديك، أو ربما إلى دولة إسلامية في مكان ما تستطيع تقبلك كما أنت.
مرتضى حسين: ما الذي جعلك تعتقد أن هذه المشاكل يمكن حلها عن طريق العنف؟
فهيم أحمد: لم أكن أفكر بشكل جدي بهذه الأمور، معظم ما كنت أقوله كان مجرد كلام فقط، ولكن بعد ذلك وعندما بدأ الناس بالحديث عن هذه الأفكار بشكل أكبر، انبعثت الحياة بهذه الأفكار، ولكن بالأساس كان تفكيري متجهًا دائمًا للذهاب إلى أفغانستان أو العراق أو ربما الصومال للقتال هناك.
وعلى الرغم من بعض الأشياء التي قلتها، لم يكن لدي أي خطط للقيام بأعمال عنف هنا، كنت أفكر أنني يجب أن أحارب لكي أقوم بأمور جيدة، وأن هذه الأفعال ستساعد على وقف بعض الأشياء السيئة التي كنت أشاهدها حول العالم.
مرتضى حسين: لقد تم القبض عليك منذ عقد من الزمان تقريبًا، خلال هذه الفترة كيف تغيرت طريقة تفكيرك؟
فهيم أحمد: لقد أدركت الأمور متأخرًا، وأصبحت لديّ وجهة نظر مختلفة الآن، لقد تعرفت على الإسلام من خلال الأئمة هنا، وعلموني المعنى الحقيقي لما كان الناس يقولونه لي سابقًا، أصبحت أعرف الآن أن ما تعلمته من قبل حول كيفية التصرف كان خاطئًا، وحاليًا لم أعد أرى الأمور بشكل مبسط كما كنت أراها سابقًا.
هنا في السجن، حصلت على فرصة للقاء الكثير من الناس – مسلمين وغير مسلمين -، ولقد اكتشفت أننا نمتلك أرضية مشتركة، وأننا نتفاهم في كثير من الأمور، الآن أدرك أن العالم ليس أبيض أو أسود فقط، وأي شخص يفكر بهذه الطريقة – كائنًا من يكن- يحتاج حقًا لمراجعة نفسه، لا يمكن السماح لنسبة صغيرة من العنصريين أو الأشخاص السيئين أن يغيروا وجهة نظرك ويجعلوك غاضبًا من العالم بأجمعه.
مرتضى حسين: سابقًا ساعدت وجهة نظرك إلى الأحداث العالمية على تطرفك، الآن ما رأيك فيما حدث في العالم منذ احتجازك؟
فهيم أحمد: أرى مثلاً مجموعة داعش وتصرفاتها التي تقوم بها، نوعًا من الجنون، لا أستطيع أن أفهم كيف يمكن لأي شخص أن يدعم هذه التصرفات، ومن الواضح – بالنسبة لي – من خلال أفعالهم، أنهم تركوا الإسلام وراءهم منذ وقت طويل.
كما أنني لا أعتقد أنه يجب على الأشخاص الذهاب والمشاركة في الصراعات التي تجري في البلدان الأخرى، لأنه لا يمكنك أن تدرك حقيقة ما يجري في تلك البلاد وأنت بعيد عنها، كما سبق وذكرت، الأمور لا يمكن رؤيتها باللونين الأبيض والأسود فقط، وإذا ذهبت إلى هناك، فسينتهي الأمر باستغلالك من قبل الأشخاص الموجودين في تلك الأماكن.
عندما رأيت الهجمات التي وقعت مؤخرًا في أوتاوا، انتابني نوع من الاستياء والحزن، وطوال الوقت كنت آمل ألا تكون هذه الهجمات إسلامية، وعندما اكتشفت أنها – للأسف – كانت كذلك، فكرت كم ستساعد هذه الأعمال على تشويه النظرة إلى المسلمين.
أنا أعلم الأخطاء التي ارتكبتها، وأدرك أنني ساهمت في تشويه صورة الإسلام بنفسي في الماضي، ولكن أنا لم أعد ذات الشخص الآن، وأنا لا أريد للأمور أن تزداد سوءًا.
المصدر: ذا إنترسبت