عملية الإعدام المروعة لـ 21 قبطيًا مصريًا من قبل مسلحين ليبيين أعلنوا ولاءهم لتنظيم داعش، تشير إلى الحاجة لتدخل دولي في ليبيا، غير أن رد الفعل المصري على تلك المذبحة وغاراتها الجوية أحادية الجانب على ما قالت إنه معاقل لتنظيم داعش، لم تكن بالفكرة الجيدة.
فبعد مرور ثلاثة أعوام ونصف بعد تخلي حلف الناتو عن ليبيا في أعقاب الإطاحة بالديكتاتور الليبي معمر القذافي، انقسمت الدولة بين حكومتين وبرلمانين وجيشين وممولين أجانب للجانبين، ففي الشرق في مدينة طبرق هناك حكومة علمانية يؤيدها الغرب، أما في الغرب في طرابلس فتسيطر عليها تحالف آخر من الإسلاميين والقوى الإسلامية بما في ذلك الأقلية البربر، وفي الفراغات ما بين الشرق والغرب يزدهر نشاط المتشددين.
كان ينبغي أن يدعم رد فعل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي جهود وسيط الأمم المتحدة في إحلال السلام بين الفصائل المتحاربة وتشكيل حكومة وحدة، ولم تعالج تلك السياسة بشكل مباشر تهديدات المتشددين ولم يحرز الوسيط بيرناندينو ليون تقدم كبير في ذلك الصدد، ويعزى ذلك لأن الدعم الغربي لتلك الجهود “شفوي”.
على الرغم من ذلك، فالحاكم المدعوم من الجيش عبدالفتاح السيسي كانت لديه فكرة أكثر سوءًا: وهي الحصول على إذن من الأمم المتحدة لتدخل عسكري في ليبيا سيفيد الفصيل الذي يدعمه وهو النظام العلماني المناهض للإسلاميين في طبرق، والجنرال السابق في الجيش الليبي الذي يقود القوات هناك هو خليفة حفتر المدعوم من مصر والإمارات، فهو يأمل في إلحاق الهزيمة بفرع الإخوان المسلمين وأن يصبح حاكمًا قويا مثل السيسي.
الغارات المصرية أحادية الجانب الإثنين الماضي كانت موجهة نحو معسكرات تنظيم داعش في مدينة درنة، ومثلما لم يفرق السيسي بين الإرهابيين الذين ينشطون في شبه جزيرة سيناء وبين الساسة المنتخبين ديمقراطيًا الذي أطاح بهم في انقلاب (على حد وصف الصحيفة) عام 2013، لم يعترف أيضًا بالفارق بين مسلحي داعش وفصيل فجر ليبيا في طرابلس.
الشيء الأخير الذي كان ينبغي على الحكومات الغربية والأمم المتحدة فعله هو اختيار طرفي الحرب الأهلية الليبية أو على نطاق الصراع الأكبر في العالم الإسلامي بين الحكومات الرجعية مثل السعودية ومصر وبين تلك المتعاطفة مع الإسلاميين مثل حكومتي قطر وتركيا، وفي الوقت الذي كان ينبغي محاربة الإرهابيين في كل مكان، ظهرت محاولات تدمير الحركات الإسلامية السياسية في دول مثل مصر وليبيا لكنها جاءت بنتائج عكسية وغير مجدية.
إن ليبيا في حاجة لضغط جماعي على الجانبين لخلق نظام يمكنه استعادة النظام بمساعدة قوة دولية إذا لزم الأمر، ومن أجل التأثير على الفصائل المتحاربة، ينبغي أن تعزز الدولة الغربية فكرة الحظر على الأسلحة، ويمكنهم أيضًا تجميد العائدات النفطية الليبية وتجميد الأصول الأجنبية للحكومة في انتظار التوصل لاتفاق، وفي الوقت نفسه ينبغي على الدول الغربية أن تقوم بتوعية السيسي وحلفائه من العرب أن التدخلات على الأرجح ستفيد داعش أكثر مما تضره.
المصدر: واشنطن بوست – ترجمة مصر العربية