نشرت وكالة رويترز تقريرا مطولا عن النشاط المتنامي لحزب الله اللبناني في منطقة غرب إفريقيا، وعن الإجراءات الأوروبية والأمريكية المتخذة للتضييق على هذه النشاطات.
“أهمية التمويلات القادمة من غرب إفريقيا تزداد بالتزامن مع تزايد المضايقات التي تجدها الأموال القادمة من إيران” يقول دايفيد كوهين وكيل وزارة المالية الأمريكية للتحقيق في تمويلات الإرهاب، ثم يضيف: “هناك دواعي للتفكير أن نشاط حزب الله في غرب إفريقيا لا يقتصر على جمع التمويلات، وأنه قد يستغل نفوذه هذا للتخطيط ولتنفيذ عمليات هناك”.
ويذكر أن نيجيريا قالت أنها تمكنت في الفترة الأخيرة بمساعدة من إسرائيل من الكشف على خلية لحزب الله وعلى مخابئ أسلحة، الأمر الذي يفسره محللون بأن المنطقة خصبة لأعمال كهذه نسبة لضعف المنظومة الأمنية هناك وهشاشة القانون وسهولة اختراق مؤسسات الدولة.
وفي ظل صعوبة محاصرة عمليات نقل الأموال في دول غرب إفريقيا والتي يكون معظمها من خلال الأقارب والشبكات الخاصة أو من خلال نقل المبالغ الضخمة في حقائب، بدأت في الآونة الأخيرة أصابع الاتهام تتجه لرجال الأعمال اللبنانيين الناشطين في المنطقة، والذين يسيطرون بنسبة متفاوتة على أسواق الهواتف الجوالة والاستيراد والتصدير وكذلك المقاولات والخدمات.
ففي دولة سينيغال مثلا، يوجد 30 ألف مواطن لبناني يسطرون على 70 من صناعة البلد، حسب عبد المنعم الزين أبرز الشخصيات اللبنانية في السينيغال والذي أكد لرويترز أن 90 بالمائة من اللبنانيين الموجودين هناك ينتمون للطائفة الشيعية متعاطفون مع حزب الله.
وفي سنة 2011 كشفت تحقيقات أمريكية عن تورط حزب الله في شبكة تبييض أموال عالمية تعمل من خلال عشرات البنوك لإيصال مئات ملايين الدولارات للبنان باستخدام عصابات تجارة المخدرات وتجار السيارات في الولايات المتحدة الأمريكية وفي أمريكا اللاتينية وفي غرب إفريقيا لتنتهي إلى لبنان، وفي الوقت الذي اكتفى فيه حزب الله بالقول بأنه لا يستخدم الطرق التي تتنافى مع الإسلام والذي اكتفى فيه مسؤولون أمريكيون مثل دايفد كوهين بالقول بأن المبالغ التي تم إيصالها إلى حزب الله لا يمكن الاستهانة بها، دفع البنك الكندي اللبناني غرامة ب102 مليون دولار لإغلاق القضية.
وكذلك في دولة جامبيا، قامت السلطات بطرد رجل الأعمال حسين تاج الدين الذي يحتكر هو وأخويه قسما كبيرا من الاقتصاد الجامبي، وذلك بعد اتهامات أمريكية لكل من جامبيا وأنغولا والكونغو بأنها أكثر الدول التي يستخدمها حزب الله لإدخال تمويلاته إلى لبنان، مع العلم بأن السلطات الجامبيا لم تتهم حسين تاج الدين بتمويل الحزب الله، الأمر الذي أكده دايفد كوهين الذي قال أن طرد تاج الدين جاء في إطار حملة المقاطعة الأمريكية لكل ممولي حزب الله.
وحول نجاعة السياسة الأمريكية في التضييق على تمويلات حزب الله، قال كوهين أن عشرات ملايين الدولارات التي كانت تصل حزب الله من إفريقيا الغربية، أصبحت الآن لا تتجاوز 10 مليون دولار.
ويقدر مسؤولون استخباراتيون في كل من أمريكا وإسرائيل التمويلات التي تصل إلى حزب الله بحوالي مليار دولار سنويا، يؤكدون أن ما لا يقل عن 70 بالمائة منها تأتي مباشرة من إيران في حين يتمي جمع مبالغ “محدودة” من خلال أنصار الحزب المتواجدين في دول الشتات خاصة غرب إفريقيا.
ومن جهة أخرى يشير ماتيو لويت عميل الاستخبارات الأمريكية والمتخصص في شؤون الإرهاب وحزب الله أن حزب الله والحرس الثوري في إيران يعدون لموجة جديدة من الهجمات التي ستستهدف مصالح إسرائيل خارج منطقة الشرق الأوسط، قائلا أن حزب الله قد يلجئ لتنفيذ هده الخطط في حال قيام أمريكا بتوجيه ضربة عسكرية لسوريا، حيث يؤكد أحد الدبلوماسيين الأفارقة هذه الشكوك ويقول: “تنفيذ هكذا عمليات سهل جدا في إفريقيا، بالمال يمكنهم شراء كل شيء.. إنهم الآن ينتظرون اللحظة المناسبة فقط”.