أجرت تركيا عملية عسكرية في حلب لإجلاء ضريح وأربعين جنديًا كانوا يحرسون الضريح العثماني لـ “لسليمان شاه”، جد مؤسس الدولة العثمانية والذي يقع في منطقة منبج بين محافظتي الرقة وحلب الواقعة تحت سيطرة عناصر مسلحة من تنظيم الدولة.
وبحكم الظروف الاستثنائية التي تشهدها سوريا فإن الجيش التركي لم يقم بعملية تبديل لحراس الضريح منذ أكثر من شهرين كما هو متبع منذ 1921 بموجب اتفاقية دولية وُقِعت مع فرنسا تعتبر أرض الضريح أرضًا تركية ذات سيادة .
حذرت تركيا أكثر من مرة الأطراف المتنازعة في سوريا من المساس بالضريح ذي الأهمية التاريخية للجانب التركي بعد أن فجر تنظيم الدولة عددًا من الأضرحة في مدن أخرى يسطير عليها؛ مما استدعى قلق الأتراك حيث إن عدد الحامية التركية الذين يحرسون الضريح ليس بالكافي للاشتباك مع عناصر خارجية، هذا وقد قام تنظيم الدولة في وقت سابق باحتجاز آليات عسكرية تركية أثناء توجهها للضريح لإجراء عملية تبديل للحراسة حتى سعت تركيا للإفراج عنها وقد كان بالفعل، وهو ما دعى الجانب التركي للتفكير في أمر نقل الضريح وإجلاء الجنود.
هذا وقد أعلن رئيس الوزراء التركي أحمد داود أغلو اليوم أن بلاده نظمت عملية عسكرية داخل الأراضي التركية لنقل ضريح سليمان شاه إلى تركيا وإجلاء الجنود العالقين لحراسته، وذلك عن طريق وحدات الكوماندوز التركية مدعومة جوًا بطائرات إف-16 وطائرات استطلاع بدون طيار وبريًا بمائة عربة عسكرية مصفحة تتضمن 39 دبابة، كل ذلك الاستعداد كان تحسبًا لاندلاع اشتباكات أثناء العملية الخطيرة، على حد وصف رئيس الوزراء التركي
العملية العسكرية لم تشهد أي اشتباكات في الداخل السوري إلا أن أحد الجنود الأتراك المشاركين في العملية لقي مصرعه نتيجة حادث أثناء نقل الضريح، هذه العملية العسكرية لم يعلم بها التحالف الدولي المكون لمحاربة تنظيم الدولة إلا أن تركيا أعلمتهم بعد بدء العملية، وأضاف أغلو “إننا لم نطلب مساعدة ولا إذنًا من أحد في ذلك الأمر”.
هذه العملية نُقل فيها ضريح سليمان شاه برفاته إلى تركيا بشكل مؤقت، وذلك بحسب مصادر تركية والتي أكدت أن الضريح سيعود إلى سوريا مرة أخرى بعد إحكام السيطرة من الجيش التركي على الجيب التركي الواقع بقرية “آشمة” السورية تمهيدًا لوضع الضريح هناك تحت سيطرة الجيش التركي هناك ورفع علم البلاد عليه.
الأهمية التاريخية للضريح لدى الأتراك
يُعد سليمان شاه والد “أرطغل” الذي هو والد عثمان الأول الذي قام بتأسيس الإمبراطورية العثمانية سنة 1299، قُتل سليمان شاه على يد المغول سنة 1227 ودفن بالقرب من المكان المسمى حاليًا “ترك مزراي” بقلعة جعبر داخل سوريا، وحسب المادة التاسعة من معاهدة أنقرة التي أُبرمت بين تركيا والانتداب الفرنسي على سوريا سنة 1921 فإن ضريح سليمان شاه هو أرض تركية.
في عام 1973 تم نقل الضريح إلى منطقة أخرى قريبة من الحدود التركية وهو موقع الضريح الحالي بسبب تهديد مياه نهر الفرات للضريح، ومنذ ذلك الحين ويتولى الجيش التركي عملية حماية الضريح في هذه المنطقة التي تبلغ مساحتها 8.797 متر مربع داخل محافظة حلب والتي تعد أيضًا الأرض الوحيدة ذات السيادة التركية خارج حدودها.
الاعتزاز بالهوية التركية والإمبراطورية العثمانية بتاريخها كان بارزًا للغاية في هذا التصرف التركي وليس هذا هو المظهر الوحيد الذي أظهر ذلك في الدولة التركية الآن بل إن رئيس الجمهورية أعاد تشكيل حرس القصر الجمهوري على نسق تاريخي مشكّل من 16 محاربًا يمثلون الإمبراطوريات التركية الست عشرة عبر التاريخ قبل غزو تركيا لموقعها الحالي في أسيا الصغرى .
فليس من المستغرب أبدًا أن تخطط الدولة التركية لعملية عسكرية متكاملة الأركان لنقل ضريح تاريخي لها بل وتهدد أطراف الصراع السوري بأن الضريح إذا تم مساسه في الحرب الدائرة هناك فإن ثمة عملية عسكرية تركية انتقامية ستكون وشيكة ردًا على ذلك الأمر، إلى أن تم إجلاء الضريح بنجاح .