وقع ملك المغرب محمد السادس والرئيس المالي الجديد إبراهيم بوبكر كيتا في مالي اتفاقية تعاون ستتولى بموجبه وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمغرب تدريب 500 إمام من مالي حسب ما تم تسميته مناهج مواجهة “التشدد والفكر المتطرف”.
وتأتي هذه الاتفاقية في إطار جهود محلية ودولية لمحاربة ما يسمى بالفكر الديني المتطرف الذي برز في مالي من خلال حركة أنصار الدين التي أسسها إياد أغ غالي أحد أبناء اسر القيادات القبلية التاريخية لقبائل الايفوغاس الطوارقية بعد تحوله في السنوات الأخيرة من التوجه القومي اليساري إلى الفكر “السلفي الجهادي”، واتخاذه لجبال أغارغا مقرا لتجميع المقاتلين وتدريبهم.
وبفضل مكانته الاجتماعية تمكن إياد من استقطاب مئات المقاتلين في وقت قصير، وبعد تحالفه مع بعض خلايا تنظيم القاعدة النشطة في المنطقة منذ سنين ومع حركتي التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا، تمكنت حركة أنصار الدين من السيطرة على مناطق عدة شمال مالي أعلنت فيها تطبيقها للشريعة الإسلامية من خلال مجالس ومحاكم محلية خاصة تنظم وتراقب الحياة في تلك المناطق وتعاقب كل خارج عن أمرها حسب نظام “الحدود”.
ورغم نجاح الضربة العسكرية التي شنتها فرنسا على حركة أنصار الدين والحركات المتحالفة معها قبل أشهر في تدمير القوة العسكرية لهذه الحركات، فإن الفكر الذي تبنته هذه الحركات وروجت له بالدعاة أحيانا وبالقوة أحيانا لازال منتشرا في مالي وربما ستحتاج مالي إلى المزيد من الجهود الشبيهة بالاتفاقية التي أبرمت مع المغرب للحد من هذا الفكر “المتشدد”
ومن جهة أخرى، يرى محللون كثيرون أن التدخلات الخارجية، سواء كانت من قبيل الضربة العسكرية الفرنسية أو من قبيل الاتفاقية المغربية الأخيرة لا تستهدف في واقعها الفكر المتشدد وإنما تستهدف الإبقاء على النظام السياسي الحالي وضمان عدم حياده عن مساره، فأستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر الدكتور سليم قلالة مثلا، يرى أن الهدف الأول للتدخل العسكري الفرنسي في مالي هو حماية مصالحها الاقتصادية والسياسية، مضيفا أن “فرنسا كقوة استعمارية سابقة في أفريقيا، لم تقبل أن تفقد مناطق نفوذها السابقة لصالح قوى أخرى بدأت تتغلغل إليها كالصين وإيران، لذلك رأت أن الوقت والظروف مناسبان لتدخل يحقق لها هذه الأهداف”.
وتأتي زيارة ملك المغرب لمالي في إطار المشاركة في حفل تنصيب الرئيس المالي الجديد إبراهيم بوبكر كيتا، بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية التي جرت يوم 11 أغسطس الماضي بنسبة 77,61 بالمائة من أصوات الناخبين، مقابل 22,39 بالمائة لمنافسه سوميلو سيسي، وسط إقرار بنزاهة الانتخابات من قبل كل الأطراف المشاركة فيها.