هل كان الناتو ليتدخل للدفاع عن ضريح سليمان شاه؟

201512271634697734_20

ترجمة وتحرير نون بوست بتصرف

يتساءل الكثيرون ما الذي ستحتاجه تركيا لتقتنع بخطورة التهديد الذي يشكله تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، وأن تدخلاً تركيًا في سوريا أصبح أمرًا لازمًا في الوقت الذي تدخل فيه الحرب في سوريا عامها الرابع.

كما تبدو الأمور، فإن السياسة التركية تجاه سوريا كانت توازن بين رغبتها في تغيير النظام  في دمشق وبين التهديد الذي تشكله داعش، ومع ذلك، فإن هذه السياسة غير قابلة للاستمرار على المدى الطويل.

حدث واحد من الممكن أن يدفع بتركيا دفعًا إلى الحرب، وهو الهجوم على ضريح سليمان شاه، جد عثمان الأول، مؤسس الدولة العثمانية.

حتى يوم أمس، كان الضريح يقع في مربع تركي داخل محافظة حلب السورية، على بعد 25 كيلو مترًا فقط من الحدود السورية التركية، وعلى الرغم من أن القبر داخل سوريا، إلا أنه أرض تحت السيادة التركية، وما يزيد الأمور تعقيدًا أن الطريق من تركيا إلى القبر يمر عبر بلدة عين العرب المحاصرة.

إرث الإمبراطورية

تجد تركيا نفسها مليكة لقطعة أرض صغيرة داخل سوريا بعد أن غرق سليمان شاه في نهر الفرات عام 1236، وبقي قبره منذ ذلك الحين تحت سيطرة الإمبراطورية العثمانية، وعندما شكّل البريطانيون والفرنسيون الشرق الأوسط بعد الحرب العالمية الأولى، كانت حكومة الجمعية الوطنية التي سبقت سقوط الخلافة وإعلان الجمهورية التركية، حريصة على إبقاء الضريح تحت السيطرة التركية.

مُنحت تركيا الضريح والأرض المحيطة به في معاهدة أنقرة عام 1921، والتي أنهت الحرب القصيرة بين فرنسا وتركيا، في المقابل، وافقت تركيا على الاعتراف بالسيادة الفرنسية على سوريا ولبنان.

تنص المادة التاسعة من معاهدة أنقرة: “أن قبر سليمان شاه، جد السلطان عثمان، مؤسس السلالة العثمانية (الضريح المعروف بالتركية باسم: مزار) ويقع في قلعة جابر، يظل كما هو عليه، ملكًا لتركيا، والتي قد تقوم بتعيين حرس عليه، كما أن من حقها أن تقوم برفع العلم التركي هناك”.

وبعد ما يقرب من قرن، لاتزال تركيا تؤكد سيادتها على هذه القطعة الصغيرة من الأرض، التي لا تتجاوز مساحتها حجم ملعبي كرة قدم.

حتى العملية التي نُفذت أمس، كان يدافع عن المقبرة مشاة وقوات خاصة تركية، حتى بعد سنوات من القتال المميت داخل سوريا، والذي يحدث في بعض الأحيان على مقربة من الضريح، ظلت تركيا ملتزمة بحمايته.

هجوم على الناتو؟

في العام الماضي هددت داعش بمهاجمة القبر إذا لم تزل تركيا قواتها من المنطقة، لكن ذلك الهجوم لم يحدث أبدًا، ومع ذلك، شكل هذا التهديد مسألة مثيرة لاهتمام صانعي السياسة الغربية: هل سيكون حلف شمال الأطلسي (الناتو) ملزمًا بالتدخل نيابة عن أنقرة إذا تعرض الضريح لهجوم، بالنظر إلى أن تركيا عضو في التحالف؟

يبدو أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اعتقد ذلك بالفعل في لحظة ما، فقد قال أردوغان إن أي هجوم على الضريح سيكون هجومًا على تركيا، وبالتالي فهو هجوم على الناتو.

لكن التزام حلف الناتو ليس بهذه الجدية، فرغم أن الحلف يستند على فكرة الدفاع المشترك، وأنه إذا حدث هجوم على تركيا مثلها مثل بقية دوله الأعضاء فإنه هجوم على الجميع، لكن لا يجب أن ترتفع آمال الأتراك كثيرًا.

فتطبيق المادة 5 من معاهدة الناتو لا يتم بشكل تلقائي؛ فإذا تعرض بلد لهجوم ويريد مساعدة الناتو، يجب أن يتم تصويت بالإجماع للحصول على الأصوات الثمانية والعشرين الأعضاء في التحالف، وهذا الأمر ليس بهذه السهولة، فتطبيق أحكام المادة الخامسة من معاهدة شمال الأطلسي هو قرار سياسي يتخذه القادة المنتخبون من كل دولة.

وينظر الكثيرون من الحلف إلى تركيا باعتبارها معرقلة، لا شريكة، تحت قيادة أردوغان، ويتعجب أعضاء الناتو متسائلين عن السبب الذي منع تركيا عن لعب دور أكبر في التعامل مع داعش.

كما تعترض الدول الأعضاء على طريقة التعامل الحكومية التركية مع المعارضة السياسية، والقيود المفروضة على الصحافة، ومساعي الحكومة التركية إلى تطبيق شكل معين من الإسلام في مجتمع لايزال علمانيًا إلى حد كبير.

ونتيجة لذلك، وفي ظل المناخ السياسي الحالي سيكون من غير المعقول أن يوافق 28 عضوًا من الناتو لصالح استدعاء المادة 5 للدفاع عن تركيا التي لا ينظر إليها الكثيرون بشكل إيجابي. ربما هذا تحديدا ما يفسر التحرك التركي من جانب واحد، وبدون التنسيق مع الأطراف السورية أو الدولية لنقل رفات سليمان شاه إلى الأراضي التركية في عملية عسكرية أمس.

المصدر: الجزيرة الإنجليزية