وسط أجواء جميلة وتفاصيل ملفتة للأنظار وتنظيم مثير للاهتمام، سادت البهجة في العاصمة السودانية (الخرطوم)، وانشغلت المدينة بمهرجان السودان للأغذية التقليدية، الذي كان في الفترة ما بين 19 إلى 21 فبراير الماضي بمعرض الخرطوم الدولي، وسط حضور كبير من شرائح المجتمع السوداني المختلفة بالإضافة إلى عدد كبير من الزوار الأجانب، إذ جاء المهرجان احتفاءً بالتنوع في الأغذية التقليدية.
هدف المهرجان الذي يُعد الأول من نوعه في المنطقة إلى الاحتفاء بالإرث والتنوع في الأغذية السودانية التقليدية مع تأسيس مساحة للاحتفال وتقدير التقاليد المحلية فيما يتعلق بطرق زراعة وتخزين الأنواع المختلفة من الأطعمة والمشروبات التقليدية، بالإضافة إلى تحفيز وتشجيع المنتجين والخبراء المحليين على مواصلة دورهم في الحفاظ على التقاليد المحلية للأجيال القادمة، كما هدف المهرجان إلى تشجيع البحث العلمي في مجال الأغذية والمشروبات التقليدية من خلال دعم وتقدير دور الأكاديميين العاملين في مجال بحوث الأغذية التقليدية.
احتوي المهرجان على معرض رئيسي به لوحات وصور فوتوغرافية للفنان التشكيلي والمصور الفوتوغرافي عصام عبدالحفيظ، تحكي تلك اللوحات عن جماليات وثراء السودان، وتبرز مدى التنوع الذي يتميز به، كذلك احتوى المعرض على سياحة في سوق المحاصيل التقليدية، مرورًا بأسواق الغلال والخضروات والفواكه، وصولاً إلى عوالم المطبخ السوداني التقليدي، إضافة إلى احتوائه على وثائقيات وإصدارات منتدى دال الثقافي، بجانب بعض الأدوات التقليدية المستخدمة في الزراعة وعدد من الآلات الموسيقية، أما الأنشطة الخارجية للمهرجان فشملت عروض مباشرة للطهي في جناح السوق الشعبي العتيق الذي شهد إقبالاً منقطع النظير، حيث الأكلات الشعبية الطازجة وأواني الطبخ التقليدية والمصنوعات اليدوية ومنتجات الفخار، بينما شكلت الموسيقى والرقصات التقليدية لأكثر من 18 فرقة شعبية من مناطق السودان المختلفة طولًا وعرضًا، في مجملها التنوع الثقافي والتراث الفني الغني في السودان.
يقول إيهاب داؤد العضو المنتدب لشركة دال الغذائية، الجهة المنظمة للمهرجان: “تتميز الأطعمة التقليدية في جميع أنحاء العالم بخصائص مشتركة، فهي تدل على حكمة الأجداد، وليس السودان باستثناء، فلدينا ثقافة غذائية غنية ومتنوعة الأنماط نفخر أن نقدمها للعالم”، وأضاف إيهاب قائلاً: “أمنيتي أن يسهم مهرجان السودان للأغذية التقليدية في رفع الوعي بتقاليدنا الغذائية المحلية، وتشجيع الاعتماد على الذات من خلال توفير الموارد محليًا وإلهام وحث الناس على أهمية الحفاظ على التراث وتبادل الطرق التقليدية في إعداد الأطعمة”، أما الكاتبة سامية جلابي فتقول: “خلال ثلاثة أيامٍ مضت، عشت الوطن برونقهِ كاملاً لا مُنتقصًا، رقصتُ على أنغام الموسيقى، غنيتُ مع الأغنيات ألحانًا تُدندن الآن عميقًا في داخلي، تذوقت طعم الأكلات من مناطق السودان المختلفة، لقد كان كرنفالاً من الفرح، احتفاءً بالتنوع الحقيقي لوطنٍ على شكلِ قارة، وطن أكبر من حدود تصورنا”.
يذكر أن المهرجان سبقته خمسة أيام من المحاضرات والجلسات الأكاديمية التي تناولت موضوعات التنوع الغذائي والموسيقى والرقصات التقليدية في السودان، كما استعرضت المحاضرات التقاليد المحلية المتنوعة فيما يتعلق بزراعة وتخزين وحفظ الأنواع المختلفة من الأغذية والمشروبات التقليدية.