قرر مجلس النواب الليبي، يوم أمس، مقاطعة الحوار الذي ترعاه الأمم المتحدة بين الأطراف الليبية، والمقرر عقد جلسته القادمة في المغرب يوم الخميس المقبل، حيث صوت المجلس في جلسة عقدها بمقره المؤقت في مدينة طبرق على قرار تعليق مشاركته في الحوار المزمع استئناف جولته الخميس المقبل في المغرب برعاية بعثة الأمم المتحدة في ليبيا.
وقرر النواب التصويت على هذا القرار بالإجماع، على إثر التفجيرات الإرهابية التي تبناها تنظيم “داعش” الإرهابي، وخلفت عشرات القتلى والجرحى من المدنيين العزل في مدينة القبة.
وقال عضو المجلس عيسى العريبي إن هذا القرار يأتي تأكيدًا من البرلمان على أنه لا حوار مع من أسماهم بالقتلة، كما صرح لوكالة الأناضوول بأن الجلسة نفسها شهدت استدعاء لجنة الحوار الممثلة له إلى اجتماع مع الأعضاء كافة من أجل التشاور، دون أن يحدد أسباب اتخاذ البرلمان لذلك القرار.
في ذات السياق، ذكرت إدارة الإعلام في البرلمان عبر حساب مجلس النواب الرسمي على الفيسبوك أن القرار جاء بعد التفجير الإرهابى الجمعة الماضي في مدينة القبة والذي راح ضحيته عشرات القتلى والجرحى.
وكان فرج بوهاشم الناطق الرسمي باسم مجلس نواب طبرق قد أبلغ صحيفة الشرق الأوسط، الإثنين، أن المجلس اجتمع الأحد بمقره المؤقت في مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي لبحث وقف الحوار نهائيًا بعد التفجيرات الإرهابية التي أودت بحياة عشرات المدنيين في مدينة القبة بالشرق، وأضاف بوهاشم في تصريحات خاصة ومقتضبة :”سنوقف كل شيء، وسنناقش وقف مسرحية الحوار، لكنه امتنع عن الخوض في المزيد من التفاصيل.
يُذكر أن مدينة القبة التي تبعد نحو 50 كلم شرق مدينة البيضاء، حيث المقر المؤقت للحكومة الليبية المعترف بها دوليًا، شهدت مقتل 45 شخصًا على الأقل وجرح أكثر من 70 آخرين في ثلاثة تفجيرات بسيارات مفخخة وذلك يوم الجمعة 20 فبراير، حسبما أفادت به مصادر أمنية.
وذكر مسؤولون أمنيون أن ما لا يقل عن 45 قتيلاً وأكثر من 70 جريحًا سقطوا في ثلاثة انفجارات متزامنة بسيارات مفخخة استهدفت مديرية أمن مدينة القبة ومحطة توزيع للوقود، إضافة إلى منزل رئيس البرلمان الليبي المعترف به دوليًا عقيلة صالح عيسى، وذكرت وكالة “فرانس برس” أن تنظيم داعش تبنى هذه الهجمات.
تأتي هذه الأحداث ضمن سياق صعب تمر به ليبيا تداخل فيه المعطى الداخلي مع الأجندات الخارجية، فالانقسام الداخلي بين 3 معسكرات تضم برلمان طبرق والحكومة المنبثقة عنه المتحالفة مع اللواء المتقاعد خليفة حفتر من جهة، والمؤتمر الليبي العام والحكومة المنبثقة عنه المتحالفة مع قوات فجر ليبيا من جهة أخرى، دون أن ننسى بعض الميليشيات المتطرفة، بالإضافة إلى تباين في الرؤى لدى المتداخلين الدوليين في الشأن الليبي بين قوى تدفع نحو الحسم العسكري على رأسها المحور الإماراتي – المصري وفرنسا، وأخرى تستميت من أجل منع هذا التدخل كالجزائر التي أطلقت مبادرة سياسية من أجل حوار ليبيا- ليبي تبنته فيما بعد الأمم المتحدة وكان من خطواته غدامس1 ومباحثات جنيف، وكان من المنتظر أن تتواصل في المغرب قبل قرار انسحاب برلمان طبرق.
هذا القرار كان منتظرًا ليتم إخراجه بطريقة منمقة، حسب بعض المتابعين؛ فحفتر وشقه داخل ليبيا طالما نادى بالتدخل الأجنبي حتى بعد انطلاق الحوار معتمدًا على دعم دولي يعلم جيدًا أنه سيكون في صفه، وما تبرير برلمان طبرق تعليق مشاركته بأنه لا يجلس “مع الإرهابيين” إلا خلط متعمد بغاية تسويق أن قوات فجر ليبيا هي نفسها امتداد داعش داخل القطر الليبي رغم أن كل مُطلع على الخارطة السياسية والعسكرية يعلم أنه لا علاقة بين الاثنين.
سيناريوهات تطور الأمور في المشهد الليبي ليست كثيرة؛ فالمجتمع الدولي وإن كشف عن رغبته في إعطاء فرصة كاملة لمسار التسوية السياسية الذي تقوده الأمم المتحدة خاصة بعد استنكار بريطانيا والولايات المتحدة لقصف سلاح الجو المصري لمناطق ليبية، لن يتوانى عن المضي في مسار فرض الأمر الواقع على الجميع في حال فشلت الأمم المتحدة في مساعيها، وما قرار برلمان طبرق سوى تعجيل بإعلان فشله ويبدو أن الأخير بادر بدق طبول الحرب.