من النادر جدا أن يجهل تونسي هذا المقطع الذي يؤدي فيه الفنان لطفي بوشناق ابتهالا رمضانيا يبث منذ سنوات طويلة مباشرة بعد أذان المغرب على كل القنوات الحكومية الأرضية والفضائية:
ويبدأ التونسيون إفطارهم مباشرة بعد هذا الابتهال بشربة ماء ثم يتناولون وجبة البريك التونسية والتي تختلف عن كل أنواع البريك الرائجة في باقي الدول.
وفي السهرة وعند السحور، تزدان الطاولات بحلويات الزلابية التونسية التقليدية والتي قلّ ما تؤكل خارج رمضان.
ويمضي التونسيون السهرة إما في المساجد مع صلاة التراويح، أو في المقاهي الشعبية القديمة حيث السهر والسمر وملاقاة الأحباب والأصحاب.
وبسبب حالة القمع التي كان النظام السابق يفرضها قبل الثورة فإن ثقافة صلاة التهجد والقيام في المساجد خلال رمضان لم تظهر قبل الثورة، وكان أول رمضان بعد الثورة فرصة لكل التونسيين ليمارسوا شعائرهم الدينية بكل حرية فامتلئت المساجد بالنساء والرجال والأطفال من ساعات الفجر الأولى وحتى انقضائه عابدين متضرعين.
وأما تحية السلام فلا يستخدمها التونسيون خلال شهر رمضان، فعند الفراق قبل الافطار تكون التحية دوما “شاهية طيبة” ويكون الرد عليها “وانت بالأمثل” أي بالمثل، وعند اللقاء بعد الافطار تكون التحية “صحة شريبتك”.. ولهذه التحية معاني عدة، فالبعض يقول بأن كلمة شِرِيبتِك وهي اختصار لكلمة “شربتك” يعود معناها على شربة الماء التي يفتتح بها الصائم إفطاره، ويقول آخرون بأن معناها يعود على وجبة “الشُربة” التي لا تغيب عن مائدة الافطار طوال شهر رمضان في تونس وقل أن تؤكل في بقية الأشهر.
ومن أوجه الاختلاف عن بقية الدول الإسلامية، نجد أن ثقافة موائد الرحمن للإفطار المنتشرة في بلدان إسلامية عدة، تكاد تكون منعدمة في تونس سوى لدى بعض المؤسسات الخيرية الموجهة للأيتام ولحاملي الإعاقات الجسدية وللمرضى ولكبار السن.
ودخلت هذه الثقافة في السنة الأخيرة الساحة السياسية حيث نظمت أحزاب سياسية موائد إفطار ضخمة بعضها خصص للفقراء، والبعض الآخر وجه لكبار الشخصيات ولسفراء العالم على غرار الإفطار الذي نظمته حركة النهضة الإسلامية السنة الماضية على شرف كل سفراء العالم بتونس والذي أحدث ضجة إعلامية كبيرة بسب ما أذيع عن تكلفته الباهضة.