مع بداية شهر فبراير بدأت شائعات حول اقتحام شركة “آبل” لمجال صناعة السيارات تكبر مثل كرة من الثلج دون توقف، بدت مجنونة وخيالية في البداية مع استمرار تحولها لمادة حديث رئيسية تشغل وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة والشعبية، لكن الأشياء بدأت تتغير حين ظهر في منتصف الشهر سيارات تابعة للشركة مزودة بكاميرات تحوم في أنحاء الولايات المتحدة، ليقوم الناس بتصويرها في هاواي ونيويورك وبانما وويسكنسن وإرسال الصور لوسائل الإعلام، حتى حدث أخيرًا ما جعل الشائعات تأخذ منحنى جديًا لأول مرة، عندما تم إرسال بريد إلكتروني إلى موقع business insider من موظف في شركة آبل لم يعلن عن اسمه ليؤكد هذه الشائعات قائلاً: “شركة آبل تعمل على تطوير وسيلة مواصلات سوف تغير المشهد تمامًا، وسوف تنافس شركة تيسلا بشراسة”.
البريد الإلكتروني الذي انهار خلفه سد التسريبات
ذكر موظف شركة “آبل” في هذا البريد عدة معلومات كانت تنشر لأول مرة، فقد قال إن شركة آبل بالفعل تعمل على تطوير “وسيلة مواصلات”، كما قال إن شركة آبل قد استقطبت إليها موظفين كُثر من شركة تيسلا، وهذا صحيح فبحسب موقع LinkedIn فقد وصل عددهم إلى 50 شخصًا، معظمهم كانوا مهندسين متخصصين في الميكانيكا والتصنيع والروبوتات، ثم بدأ بعدها سيل التسريبات في وسائل الإعلام المختلفة، كما دارت شائعات عن دعوى قضائية رفعتها شركة A123 Systems التي تتميز ببطاريات الليثيوم أن “آبل” تصطاد موظفيها الذين يتقاضون أجورًا عالية وتداهم أعمالها، مما جعل تكهنات تدور أن الشركة تحاول صنع بطارية مميزة لهذه السيارة، لكن الشركتين لم تعلقا على هذه الشائعة.
بعد هذا البريد، بدأ سيل التسريبات الذي لم يتوقف حتى الآن، فقد قالت صحيفة وول ستريت جورنال في تقرير لها إن هذا المشروع يسمى “تيتان” وإن الرجل الذي يقف خلفه هو ستيف زادسكي نائب رئيس الشركة المسؤول عن تصميم الآيفون والآيبود والمهندس السابق في شركة فورد للسيارات، كما أعلن موقع Bloomberg أن شركة آبل سوف تطلق هذه السيارات في غضون خمس سنوات من الآن أي عام 2020، وأن نحو 200 شخص يعملون الآن على هذا المشروع بدون توقف.
وقال المدون الشهير جيسون كالكانيس إن سيارة شركة آبل ستعتمد على الكهرباء، وأنها سوف تنافس شركة تيسلا التي تخصصت في صناعة السيارات الكهربائية بقوة، وأكد على ذلك بقوله إن الرئيس التنفيذي لشركة آبل تيم كوك، قد أعلن عن دعمه للطاقة المتجددة عدة مرات، كما أن الشركة كانت قد أعلنت عن عزمها ببناء محطة للطاقة الشمسية تصل تكلفتها إلى 850 مليون دولار لإدارة عمليات التصنيع الخاصة بها في كاليفورنيا، كما أخبر مصدر لم يُعلن عن اسمه وكالة رويترز للأنباء أن هذه السيارة سوف تكون ذاتية القيادة.
ما عدا ذلك، كان مجرد تكهنات مبنية على أقوال معينة للقائمين على الشركة، فقد أكدت بعض المواقع ذلك بناء على حوار لستيف جوبز أجراه مع صحيفة النيويورك تايمز قبل أن يموت قائلاً فيه إنه “سيخترع سيارة إن عاش”.
لا دخان بدون نار
يقول جين مونستر الباحث والمحلل الشهير إنه يعتقد حسب المعطيات عنده أن هذا المشروع قد بدأ منذ سنة من الآن، فلماذا انهمرت كل هذه المعلومات فجأة؟ كما يعتقد جين، فإن هدف الشركة هو أن تعطي للمستثمرين خلفية عن خططها القادمة دون الإدلاء بتصريحات رسمية، لذا فالأمر أشبه بصفقة كلا طرفيها رابح، أُعطيك سبقًا صحفيًا، وتُعطيني الضجة المطلوبة، أو أنها ربما أرادت تكوين قاعدة جماهيرية قبل أن تنطلق حتى، والأمر الأهم، هو أنك لا يمكن أن تُبقي مشروعًا بهذه الضخامة قيد الكتمان طويلاً.
شائعة أخرى: شركات السيارات في غاية القلق من هذا المشروع
قال ديتر زيتش رئيس شركة مرسيدس بنز ردًا على سؤال وجه له حول ما إن كان قلقًا فعلاً بخصوص دخول شركة آبل للمنافسة في مجال السيارات: “ماذا لو كانت هناك شائعة أن مرسيدس سوف تبدأ بتصنيع الهواتف الذكية؟ هل سيجعلهم هذا لا ينامون الليل من القلق مثلاً؟ نفس الأمر بالنسبة لنا، مع كامل احترامي لشركة آبل”، لكن، هل هي مجرد شائعة فعلاً؟
المنتقدون: احتفاء مبالغ فيه بشيء لم يثبت حتى وجوده
عندما صدر في السيرة الذاتية لستيف جوبز كلام عن أنه سيتمكن من أن يطيح بالتلفاز التقليدي قريبًا، بدأ شلال مشابه من التدوينات والتكهنات وكلام المحللين والعناوين الرئيسية، والقول إن هذا التلفاز الجديد على بعد خطوات فقط، لكن ماذا الآن؟ لا شيء حقيقي!
كان جاي يارو الصحفي قد قال منذ سنتين إن “الآيفون كان ذلك النوع من الاختراعات الذي لا يحدث في العمر مرتين”، وأننا لا نستطيع أن نكون بهذا التفاؤل، فربما نموت قبل أن نشهد اختراعًا آخر يقلب الطاولة ويغير طريقة تواصل الناس مع بعضها ويغير الحياة بعد مجيئه مثل الآيفون، لكن أحدًا لا يمكنه إنكار ما قد يحمله من تغيير محتمل في حياة الناس.
جمهور سيارة “آبل”: لم تكن هناك لحظة مناسبة لولادتها أكثر من الآن
على عكس ذلك يقول تيار متفائل بوجهة نظر أخرى تعوّل أملاً كبيرًا على المستقبل الذي تحمله لنا هذه السيارة، بل ويقولون إنه لم يكن هناك وقت أنسب من الآن لعدة أسباب بدأت بنظرتهم لسوق السيارات الأمريكي الذي لا يتوقف عن التمدد، إذ بيعت حوالي 17 مليون سيارة في السنة الماضية فقط يوتوقع أن تصل إلى العشرين مليونًا في السنوات القادمة، كما أن فكرة السيارة الكهربائية لن تكون غريبة عن الناس بعد أن أدخلتها شركة تيسلا بالفعل، كما علقوا على معدل تحديث السيارات، فقد كان هذا المعدل مقبولاً في عصر ما قبل الهواتف الذكية، لكن الآن، هذا يشبه السلحفاة، وعلى السيارات أن تواكب الهواتف الذكية وأن تتصل بها، وأن تبدأ بمسابقة الزمن.
إضافة لتنبؤهم بأن مصممي “آبل” سوف يدخلون تصميمات مبتكرة وغير مسبوقة إلى سوق السيارات، يقول المحللون إن هذه السيارات ستنجح بسبب تلك الرابطة العاطفية التي تتميز بها منتجات آبل مع مستخدميها ببساطة، ولأجل كل هذه الأسباب فهم يعتقدون أن هذا كان أنسب وقت لتقرر آبل أن ترمي بأوراقها أخيرًا.