تستمر الحرب الدولية على تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) في العراق، بمشاركة إيران في أكبر هجوم لقوات الأمن العراقية في المعركة الأخيرة التي بدأتها بمعاونة العشائر مع غطاء جوي بهدف استعادة مدينة تكريت بمحافظة صلاح الدين والتي تشتهر بأنها مسقط رأس الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.
هذا وقد نشرت وكالة أنباء فارس شبه الرسمية الإيرانية صورًا لقائد وحدة القدس العميد قاسم سليماني في صلاح الدين، مؤكدة أنه يقدم استشارات إلى القوات العراقية التي تقاتل في المعركة.
وتتمثل أهمية الهجوم في أنه يعتبر اختبار قوي لمدى أهلية وقدرة قوات الأمن العراقية على تحقيق النصر في تلك المعركة التي سوف يليها التحدي الأكبر والأعنف وهو إعادة السيطرة على مدينة الموصل، ثاني أكبر مدينة في العراق.
وفي كلمة أمام مجلس النواب العراقي حذر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي من أن المعركة مع تنظيم “داعش ” ليس فيها حياد، وأضاف “من يكون محايدًا يقف في الصف الآخر، إنها معركة فاصلة، يجب أن نتحد مع شعبنا ونحقق طموحاته في الأمن والأمان ونتوحد بالقضاء على داعش”، كما لفت إلى أن قوات الأمن العراقية تقاتل جنبًا إلى جنب مع قوات الحشد الشعبي والتي تشمل أبناء محافظة صلاح الدين والمحافظات الأخرى، جاء ذلك بالتزامن مع نشر تنظيم الدولة لمقطع مصور لإعدام أربعة من أبناء العشائر السنية في محافظة صلاح الدين.
الجديد في تلك المعركة هو ذلك الدور القيادي الذي اتخذته القوات الشيعية الإيرانية والتي تقدم كل الدعم من أجل القضاء على داعش في العراق وسوريا عمومًا وفي تلك المعركة بصفة خاصة، والتي أرسلت إليها القائد العسكري قاسم سليماني شخصيًا ليكون المستشار الأول لقادة القوات العراقية في المعركة وسط حالة التراجع التي شهدها الدور الأمريكي في الفترة الأخيرة في تلك الحرب التي أعلنت هي عن بدايتها قبل عدة أشهر، وهو ما أكده تصريح موقع “دايلي بيست” الأمريكي، والذي أفاد بأن الولايات المتحدة تفاجأت بالهجوم العراقي على داعش، مشيرًا إلى أن هذا هو الهجوم الأكبر على الإطلاق حتى الآن من قبل القوات العراقية ضد التنظيم الإرهابي قد تم بدون مساعدة أمريكية لكن بكثير من المساعدات من إيران، مما يدل على أن الحملة التى قادها التحالف لم تفعل الكثير لإضعاف النفوذ الإيراني على الأمن العراقي.
ونقل دايلي بيست عن مسؤولين بوزارة الدفاع الأمريكية قولهم إن قوات التحالف الذى تقوده واشنطن قد نفذت ضربات جوية ضد تنظيم الدولة نيابة عن العراق على مدار سبعة أشهر، إلا أن المستشارين الإيرانيين والميليشيات الشيعية المدعومة من إيران تشارك فى الهجوم الأخير على مدينة تكريت ذات الأغلبية السنية، مما يثير احتمال أن القتال لدحر داعش قد يصبح حربًا طائفية.
ويمثل ذلك الدور الذي تقوم به إيران خطورة واضحة على الخريطة السكانية في المحافظة السنية، بل وتزداد المخاوف بشأن تفاقم أزمة الانقسامات الطائفية في بلد يخشى بالفعل من دخولها في هاوية التفكك والحرب الأهلية التي تقوم على أساس ديني، وهذا ما حذرت منه وزارة الدفاع الأمريكية كثيرًا في إشارة منها إلى أن إيران يجب أن تتعامل بحذر شديد عند تقديم أي نوع من أنواع الدعم والمساعدة للعراق كي لا تشعل فتيلًا آخرًا للحرب.
يظهر ذلك التفاوت السني – الشيعي بشكل واضح في أعداد القوات المقاتلة في تلك المعركة، فمن حوالي 30 ألف مقاتل يشاركون في المعركة، تمثل قوات الجيش العراقية نصف العدد تقريبًا ويتكون النصف الآخر من مليشيات شيعية بدعم إيراني، ذلك بالإضافة إلى فرقة صغيرة مكونة من حوالي 1000 جندي من أبناء تكريت من العشائر السنية، ويؤكد ذلك التباين الكبير في الأعداد بين السنة والشيعة طرح صحيفة “نيويورك تايمز” القائل بأن القوات العراقية التي تساندها ميليشيات شيعية مدعومة من قِبل إيران، قد تساهم في تعميق الأزمة الطائفية بين كل من السنة والشيعة في العراق المضطرب، خاصة أن عدد أبناء الطائفة السنية في الهجوم لا يتخطى الألف.
وتعتبر تلك العملية اختبارًا لالتزام القيادة الشيعية في العراق بمحاولة كسب ثقة السنة في البلاد والدفع نحو المصالحة الوطنية بعد سنوات من السياسات التي كانت تعتبرهم من المهمشين؛ مما ولد حالة من السخط ضد الشيعة وكان ذلك السخط هو أحد العوامل الرئيسية التي ساهمت في نجاح الدولة الإسلامية في السيطرة على أجزاء كبيرة من البلاد كانت تهيمن عليها أقلية سنية.