نقلت وكالة الأخبار الفرنسية قرار مجلس نواب طبرق إلغاء تعليق المشاركة في الحوار الذي ترعاه بعثة الأمم المتّحدة للدعم في ليبيا خلال الجلسة المسائية يوم الإثنين، ويأتي هذا القرار بعد اجتماعات مطولة جمعت مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا برناردينو ليون بأعضاء المجلس، إذ خص ليوني برلمان الشرق بزيارة خاصة يوم الإثنين صباحًا بحثًا عن حل للأوضاع المُتأزّمة خاصة بعد انسحاب أحد أعضاء الحوار؛ وهو ما آذن بفشله قبل دخوله في النقاش الفعلي، وقد التقى المبعوث الأممي برئيس المجلس ولجنة الحوار التابعة له.
في ذات الإطار، أعلن المؤتمر الوطني العام بطرابلس انطلاق جلسات الحوار الوطني الخميس المقبل في المغرب، ويُذكر أن قرار تعليق برلمان طبرق مشاركته في المساعي الأممية للخروج بحل سياسي للأزمة الليبية أتى كرد فعل على التفجيرات الإرهابية التي تبناها تنظيم “داعش” الإرهابي، وخلفت عشرات القتلى والجرحى من المدنيين العزل في مدينة القبة.
في سياق مُتصل صرح عضو مجلس النواب عيسى العريبي لـ “أخبار ليبيا 24” أمس الإثنين، أن مجلس نواب الشرق وافق على مواصلة الحوار مع مبعوث الأمم المتحدة لدى ليبيا برناردينو ليون، بعد عدة شروط وضعها مجلس النواب ووافق عليها ليون.
وقال العريبي إن شروط مجلس النواب تمثلت في إقرار بعثة الأمم المتحدة بأن الجيش الليبي يحارب الإرهاب ، وأن أي حكومة سيتم تشكيلها يجب أن تعطى الثقة من مجلس النواب، فضلاً عن الاعتراف بمجلس النواب كممثل شرعي ووحيد للشعب الليبي.
وأضاف عضو المجلس أن ليون وافق على جميع شروط المجلس وأن الحوار سوف يستأنف خلال الأيام القليلة القادمة.
ولئن لم يُؤكّد ليون ولا المركزالإعلامي التابع للبعثة الأممية لليبيا (أونسميل) تصريحات العريبي، إلا أن قرار استئناف الحوار يدفعنا للتساؤل عن مغزى التّعليق أصلاً وأسباب التراجع عنه.
مُحاولة إقلاع فاشلة .. مرة أخرى
اعتبر العديد من المحللين أن قرار تعليق المشاركة في الحوار الليبي أتى بهدف إفشال الحل السياسي لفتح الباب أمام تدخل عسكري خارجي طالما نادى به حفتر ودائرته مدعومًا من فرنسا والمحور المصري – الإماراتي، فبعد الفشل السابق، يبدو أن حفتر وبرلمان طبرق استشعروا بأن حادثة ذبح الأقباط المصريين يُمكن أن تُمثّل ذلك الحدق القادح القادر على إشعال النار التي يبدو أنهم مُطمئنون لمسارها المُتوقع وبأنها لن تلتهمهم.
يأتي تعليق المشاركة بعد أن حاولت مصر توريط العالم في حرب دولية في ليبيا من خلال مسارعتها لقصف مناطق ليبية أسفرت عن مقتل مدنيين وإطلاق حملة “استغاثة” عنوانها التدخل العسكري في ليبيا ولا شيء غير التدخل، إلا أن “التوبيخ الدبلوماسي” الذي وجِه لنظام السيسي من قِبل الولايات المتحدة أماط اللثام عن رغبة المجتمع الدولي في منح فرصة كاملة للحوار قبل التورط في جبهة أخرى تضاف للجبهات المفتوحة.
عبر هذا التحليل، يمكننا قراءة استئناف مشاركة برلمان طبرق في الحوار الليبي على أنه تدليل على غياب الحماس الدولي لنسف العملية السياسية والمرور لفرض الأمر الواقع، فدُعاة الاجتياح العسكري يبدو أنهم لازالوا غير قادرين على توفير غطاء دولي لمجازفاتهم التي قد تصومل ليبيا والمنطقة.
تمنّع من أجل تحسين شروط التفاوض
أعلنت وكالة رويترز في تقرير لها نقلاً عن نائبين ليبيين خبر ترقية اللواء المتقاعد خليفة حفتر إلى رتبة فريق وتعيينه “قائدًا عامًا للجيش الليبي” التّابع لبرمان الشرق وحكومة الثني من طرف صالح عقيلة، رئيس مجلس النواب الليبي.
في ذات السياق، أعلنت وكالة الأنباء الحكومية الموالية لحكومة برلمان طبرق أن “طائرات حربية قامت بطلعات جوية في سماء طبرق، تحيه إلى مجلس النواب وإلى صالح، القائد الأعلى، وإلى حفتر، القائد العام الجديد للجيش الوطني الليبي”.
يُضاف لهذا الخبر ما ورد عن العريبي من نجاح برلمان طبرق في فرض شروط على ليون وهي إقرار بعثة الأمم المتحدة بأن الجيش الليبي يحارب الإرهاب، وأن أي حكومة سيتم تشكيلها يجب أن تعطى الثقة من مجلس النواب، فضلاً عن الاعتراف بمجلس النواب كممثل شرعي ووحيد للشعب الليبي ، ليصبح من الطبيعي جداً قراءة الانسحاب كعملية ابتزاز سياسي بهدف تحسين شروط التفاوض وتثبيت جملة من المكاسب التي ستكون ذات قيمة على المدى القريب.
أيًا كان التحليل الأدق، فإن مجمل ما يحيط بالجهود الأممية للخروج بحل سياسي في ليبيا يبدو مقلقًا، وحجم الحسابات السياسية لدى مختلف الأطراف وغياب الحد الأدنى من الثقة فيما بينها قد يجعل من إنجاحه أمرًا شبه مستحيل.