“قررت وزارة المرأة التونسية إطلاق حملات إعلامية ضد “جهاد النكاح” في سوريا، وذلك بعد سفر تونسيات إلى سوريا وعودتهن إلى تونس وهن حوامل من أجانب يقاتلون ضد نظام بشار الأسد.”
الفقرة السابقة هي عينة مكررة من أخبار تُتداول على مواقع الأخبار وشبكات التواصل الاجتماعية في الأيام القليلة الماضية، ويزداد فيها استخدام مصطلح ليس له أصل تاريخي ولا شرعي ولا يعرفه الناس من قبل وهو مصطلح “جهاد النكاح”.
في أواخر مارس/آذار من العام الجاري، صدرت فتوى عن حساب على موقع تويتر منسوب للشيخ السعودي محمد العريفي على هامش الثورة السورية (2011-إلى الآن) تدعو النساء إلى التوجه نحو الأراضي السورية من أجل ممارسة نوع خاص من الجهاد، أي إمتاع المقاتلين السوريين لساعات قليلة بعقود زواج شفهية من أجل تشجيعهم على القتال، وكانت هذه أول مرة يرد فيها المصطلح الذي انتشر انتشار النار في الهشيم.
حينها ذكرت عدة وسائل إعلامية عربية مثل قناتي الجديد والميادين اللبنانيتين -المقربة من حزب الله ونظام بشار الأسد- وقناة العالم الإيرانية،أن هذه الفتوى التي تجيز ما يسمى بـ(جهاد النكاح) في سوريا أصدرها عدة رجال دين ممن يدعمون الحركات الإسلامية المقاتلة في سوريا ومن ضمنهم الشيخ السعودي محمد العريفي.
وتنص الفتوى على “إجازة أن يقوم المقاتلون من غير المتزوجين أو من المتزوجين الذين لا يمكنهم ملاقاة زوجاتهم بإبرام عقود نكاح شرعية مع بنات أو مطلقات لمدة قصيرة لا تتجاوز الساعة أحيانا يتم بعدها الطلاق وذلك لإعطاء الفرصة إلى مقاتل آخر بالمناكحة”.
وذكرت الفتوى أنه من بين الشروط المطلوب توافرها في الفتيات المجاهدات بالنكاح هو “أن تتم الـ 14 من العمر أو مطلقة ترتدي النقاب أو الزي الشرعي”
إلا أن الشيخ العريفي سارع بنفي إصداره أي فتاوى من هذا النوع، حيث نشرت عدة مواقع عربية فيديو مصور يظهر فيه الشيخ العريفي وهو ينفي إصداره فتوى عن “جهاد النكاح” في سوريا مشيرا إلى أنه كلام لا يصدر عن عاقل فضلا عن طالب علم شرعي” مضيفا أن هناك بعض القنوات التي تكره أهل السنة ولهذا فهي تستهدف المشايخ وتبدأ باختلاق الإشاعات ضدهم”.
وأوضح العريفي الذي اتهم بإطلاق هذه الفتوى من خلال صفحته الرسمية في موقع “تويتر”، أن الإنترنت فضاء شاسع يتيح للبعض أن ينتحل شخصيته ويطلق صفحة يضع فيها صورته واسمه، مشيرا إلى ان صفحته الحقيقية تضم حوالي ثلاثة ملايين وخمسمئة ألف متابع.
الغريب أنه على الرغم من التأكد من فبركة تلك الفتوى، إلا أن بعض الأطراف في دول عربية مختلفة استمرت في التعامل مع الفتوى على أنها حقيقية وموثقة، بل واستمر بعضهم في القول أن تلك الفتوى قد جذبت عشرات من الفتيات للمشاركة في القتال الدائر في سوريا على طريقتهن.
فقد استمر الإعلامي الداعم لنظام الأسد غسان بن جدو على قناته الفضائية “الميادين” المدعومة من إيران في استغلال الفتوى بعد أن ثبت كذبها، محاولا تشويه المعارضة السورية بالتعاون مع بعض المنتمين إلى التيار الليبرالي من المحسوبين السابقين على المعارضة، في محاولة من جانبهم لتشويه الإسلاميين الذين يقاتلون ضد نظام الأسد
وفي نفس السياق كانت وسائل اعلام تونسية قد ذكرت مؤخرا ان “مئات” من التونسيات سافرن الى سوريا من أجل جهاد النكاح وأن كثيرات منهن حملن من مقاتلي “جبهة النصرة”. كما تناقلت الصحف حديث تونسي عائد من “الجهاد”، ضمن صفوف المعارضة المسلحة، في سوريا عن وجود “13 فتاة تونسية متخصصة في ما يعرف بجهاد النكاح”، وهو ما نقلته عنه صحيفة “الصريح”.
وصدر بيان حكومي لاحق عن وزارة المرأة التونسية، حيث قررت الوزارة إطلاق حملات «إعلامية» ضد «جهاد النكاح» في سوريا.
وحذر البيان من «خطورة هذه الممارسات الغريبة، وتفاقم عدد حالات الشابات اللاتي اشتركن في ما يسمى «جهاد النكاح» وتبعاته على أوضاع الأسرة والمجتمع».
لكن الوزارة أعربت كذلك عن «استعدادها الكامل لاستقبال الضحايا والاستماع إليهن وتوجيههن والإحاطة بهن».
وقبل أيام، أعلن وزير الداخلية لطفي بن جدو، وهو وزير غير حزبي، امام البرلمان ان اللاتي يسافرن «يرجعن إلينا يحملن ثمرة الاتصالات الجنسية باسم جهاد النكاح، ونحن ساكتون ومكتوفو الأيدي».
ويرى مراقبون أن استمرار انتشار مثل هذه الفتاوى الناشزة يصب فقط في صالح نظام الأسد، الذي يحاول إنقاذ ما تبقى من وجوده عن طريق نفي الشرعية عن معارضيه، خاصة مع تقدم المعارضة السورية على الأرض.