أعلنت جبهة النصرة (رافد تنظيم القاعدة بسوريا) عبر حسابها الرسمي على موقع تويتر عن تبنيها لتفجير ضخم لحق بمقر المخابرات الجوية في حلب شمالي سوريا، نتج هذا الانفجار الضخم الذي هز حي جمعية الزهراء الواقع غربي المدينة عن قيام جبهة النصرة بالتعاون مع فصائل أخرى من المعارضة السورية المسلحة بتفخيخ نفق أسفل المقر؛ ما أسفر عن انفجار هائل أدى إلى تدمير جزء من المبنى ومبانٍ آخرى مجاورة له.
تلى ذلك اشتباكات بين قوات النظام وفصائل المعارضة التي شنت هجومًا على المبنى محاولة اقتحامه، وقد أعلنت بالفعل جبهة النصرة عن النجاح في اقتحامه بعد اشتباكات أسفرت عن سقوط قتلى بين الطرفين، أثناء الاشتباكات عمدت قوات النظام الأسدي إلى قصف المنطقة بالطيران الحربي وقصف مدفعي من قبل كتائب موالية للنظام على تخوم المنطقة في محاولة للسيطرة على الوضع.
هذا وتسيطر المعارضة السورية على شرقي حلب منذ اندلاع الثورة السورية وتحاول عبر كتائبها المسلحة إكمال السيطرة على غرب المدينة الذي يسيطر عليه النظام ويحشد فيه قواته، كما أن الهجوم على هذا المقر التابع للمخابرات الجوية لم يكن الأول، بل دأب الثوار على محاولة اقتحامه أكثر من مرة لكن تحصينات النظام للموقع عقدت من الأمر حتى نُفِذ هذا الهجوم الأخير.
في خلال العامين الماضيين لم ينجح أي من التنظيمات التي تقاتل النظام في حلب من اقتحام هذه المنطقة حتى قامت جبهة النصرة بالتعاون مع فصائل أخرى بحفر نفق بلغ طوله 150 متر تحت المبنى واستغرق الحفر مدة شهرين متتالين، ثم زُرع به كم هائل من المتفجرات والتي أحدثت هذا الدوي الهائل الذي هز أرجاء حلب، وهي إستراتيجية جديدة لم يعتدها النظام في الحرب مع المسلحين في المدينة، الذين بدأوا في استخدام الأنفاق للهجوم على القوات النظامية عبر البدء في حفرها من المناطق التي يسيطرون عليها وصولاً إلى قواعد تمركز النظام في المدينة.
تأتي هذه التطورات الميدانية بعدما رفضت هذه الفصائل المسلحة المبادرة الدولية التي قدمت منذ عدة أيام من قبل “دي ميتسورا” والتي طالبت بوقف القتال بين الجانبين للسماح بدخول مساعدات إلى أهالي المدينة والتمهيد للبدء في دخول مفاوضات وفق خطة تستغرق 6 أسابيع، حسبما وصل الاتفاق مع النظام، ولكن النظام سعي لإفشال هذه المبادرة بعدما رفض أن تتسع دائرة وقف القتال إلى أوسع من مدينة حلب، وهو المطلب التي أصرت عليه المعارضة للقبول بوقف إطلاق النار.
يُذكر أن مبادرة دي ميستورا شهدت منذ بدء مهمته في سوريا – في التاسع من سبتمبر الماضي – تراجعات، فمن محافظة حلب صار الحديث عن مدينة حلب ثم عن حيين في حلب، كما أنها لم تحدد مهلة زمنية، وفي نهاية أكتوبر الماضي قدم ديمستورا إلى مجلس الأمن الدولي ما سماها خطة تحرك، تقضي بتجميد القتال في حلب للسماح بنقل مساعدات والتمهيد لمفاوضات، ثم أعلن في منتصف فبراير أن النظام السوري مستعد لوقف قصفه الجوي والمدفعي على حلب لستة أسابيع، الأمر الذي تكذبه الوقائع الميدانية حيث تزداد حدة القصف يوميًا.
فيما رفضت الرواية النظامية الإفصاح عن أي معلومات حول عدد القتلى، كما ذكرت وسائل إعلام موالية للنظام السوري أن قوات حماية الفرع نجحت في تفجير سيارة مففخة بعد حدوث الانفجار كانت في طريقها لاقتحام الفرع وإحداث انفجار ثانٍ بداخله، بينما تداول النشطاء أخبار عن مقتل اللواء أديب سلامة رئيس الفرع لكن المصادر النظامية رفضت تأكيد ذلك الأمر.
فيديو لحظة الانفجار
هذا اليوم كان الأسوأ بالنسبة للنظام في هذه الفترة؛ حيث قدرت خسائره في هذا التفجير بأكثر من مائة قتيل بين ضباط وجنود، كذلك تم تفجير معمل الغاز في الراموسة وحاجز المعصرة في إدلب ونسف مبنى يستخدمه النظام للقنص في الساحل، كل هذه الأنباء جاءت لتوقف سيل غارات النظام الذي شهد تفوقًا ميدانيًا لوقت كبير في الأيام الماضية بعد التوسع في استخدام الأسلحة المحرمة دوليًا من براميل متفجرة وقنابل عنقودية.
وعلى صعيد المعارضة المسلحة ظهرت مرة أخرى جبهة النصرة على ساحة القتال مع النظام السوري بعدما تردد اسمها في الخلافات مع تنظيم الدولة والفصائل السورية والتي استغلها النظام لشغل المعارضة بالمعارك الداخلية محاولًا السيطرة على مناطق تخضع لنفوذهم، وقد جاءت خطوة توحيد الجهود في حلب بين النصرة وعدة فصائل معارضة أخرى بالمدينة أبرزها جبهة أنصار الدين والجبهة الشامية إلى فتح الاشتباكات مجددًا مع النظام ومحاولة محاصرته في الغرب لوقف القصف المستمر على المدينة.
وعلى ذكر خلافات النصرة مع بعض الفصائل المسلحة الأخرى المدعومة غربيًا فقد دخلت الجبهة في معارك ضد هذه الفصائل بالآونة الأخيرة أبرزها حركة حزم وجبهة ثوار سوريا، حيث نجحت في اقتحام المناطق التي تسيطر عليها هذه الحركات واستولت على أسلحة متطورة مقدمة من الدعم الغربي لهذه الحركات، ما اعتبره بعض المحللين ضربة للولايات المتحدة والغرب الذي يسعى لحشد بعض الفصائل المسلحة في الداخل السوري لقتال تنظيم الدولة في الفترة القادمة.