الصورة: جنود أمريكيون يصلون إلى ليتوانيا في أبريل الماضي مع تصاعد التوتر في الجارة أوكرانيا
ترجمة وتحرير نون بوست
لا يمكننا أبدًا أن نغرق في الأوهام بخصوص ما يريده القادة الأمريكيون، فبكل وضوح هم يريدون الحرب، حرب يجب أن تقوم في أوروبا ويجب أن تقود لمواجهات شرسة مع روسيا، وعلى الأوكرانيين أن يتوقعوا رؤية بلادهم ساحة حرب منذ أن فقدوا السيطرة على أوضاع بلادهم في تظاهرات الميدان الأوروبي في إحدى أمسيات شهر فبراير من السنة الماضية.
من الميدان الأوروبي إلى العبودية العسكرية
بعد سنة من مظاهرات واحتجاجات الميدان الأوروبي التي قادها مواطنون عاديون، قررت الولايات المتحدة بعث حوالي ستمائة ألف طيار ينتمون للقاعدة رقم مائة وثلاثة وسبعون الأمريكية، وقام بالإعلان عن العملية العقيد مايكل فوستر المسؤول عن القاعدة وأكدها بان هودجس المسؤول الأكبر عن القوات الأمريكية بأوروبا، فالوحدات الأولى المقاتلة في القاعدة يجب أن تكون في أوكرانيا يوم الثامن من مارس، ورسميًا لم تذهب القوات للمقاتلة بل لمساعدة الأوكرانيين على تكوين فرق، وبالطبع نعلم أن أي زيادة للحملات العسكرية الأمريكية في كييف ستقابلها زيادة من قِبل المنطقة الشرقية التابعة لروسيا أي من قِبل موسكو أيضًا، فالروس لن يسمحوا لأمريكا ولا دول الاتحاد الأوروبي بالدخول في مجالهم وشن حملات، فمنذ إعادة توحيد ألمانيا، أصبح الروس حذرين من جيرانهم الأوروبيين.
وتدخلت كل من فرنسا وألمانيا خوفًا من التصعيد العسكري من كلا الطرفين وقرروا الدخول مباشرة في اتصال مع فلاديمير بوتين وذلك دون استشارة واشنطن، ويمكن اعتبار ذلك رسالة مفادها أن فرنسا تدعم خيارات الرئيس الأوكراني وأنها ضد التصعيد العسكري الأمريكي، كما أبدى الرئيس الروسي موافقته للقرار الفرنسي الألماني وتعاونه معهم كما وقع على اتفاقية يوم 11 فبراير الماضي في مينسك وسط غياب الولايات المتحدة وبريطانيا.
يجب أن نتقاتل من أجل أمريكا
أعلن دافيد كاميرون إرسال جنود بريطانيين إلى أوكرانيا وذلك بعد عشرة أيام فقط من توقيع اتفاق مينسك، وبعد أسبوع أعلن الرئيس السابق للقاعدة البريطانية أن الحرب ضد روسيا قد بدأت، وبهذا انضمت بريطانيا إلى صفوف الولايات المتحدة في معاداتها لروسيا؛ وبذلك تفاقم الوضع وازداد تعقيدًا.
وطبعًا لن تواجه بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية روسيا وحدهما ولن يكون هذا التحالف الأطلسي في المقدمة، بل سيشرعان أولاً بتغذية مناخ مناسب للعنف وكره السكان لبعضهم البعض؛ مما يسهل مهمتهما بعد ذلك، وهذه إحدى أهم الإستراتيجيات الناجحة التي تتبعها أمريكا لبرهنة تدخلها العسكري، ولهذا لا يجب أن ننصدم عندما يتأجج الكره ويكثر بين الروس والشعوب المجاورة، بل حتى يمكن لهذا الكره أن يتطور ويتحول لمجازر وعنف متبادل بين الشعوب، وهنا تتدخل أمريكا لمساعدة روسيا على تجاوز الوضع كإستراتيجية عسكرية، ويصير بوتين مغتصبًا للأراضي في نظر المواطن الأوروبي عند تدخله في أوكرانيا، وهي الصورة التي يقدمها الإعلام الغربي والقادة التابعين للحلف الأطلسي، وبالتالي تتدخل قوات أوروبية لإنقاذ البلد المغتصب، هذه إذًا بداية أزمة قاتلة في أوروبا.
أصبحت الولايات المتحدة الآن قوة صلبة ولها دور أساسي في النزاع الأوكراني وهي تجلب بقية القوات الأوروبية لصفوفها بهدف تكوين حلف قوي قادر على مواجهة روسيا، ولكن ربما لن تتحمل الولايات المتحدة العواقب الوخيمة لهذه الحرب وستكون لها أيضًا مضار كارثية على روسيا وأوروبا، مضار اقتصادية بالأساس، مثل ما انجر عن الحربين العالميتين الأولى والثانية، وستبقى قوة واحدة صادمة هي الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر نفسها وصيّة على العديد من الدول.