قامت الطائرة الشمسية (2 Solar Impulse) باجتياز ثالث اختبارات الطيران المقرر لها بنجاح، بعد أن حلقت فجرت الإثنين في سماء دولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك قبل انطلاقها في جولة ستغطي جميع أرجاء العالم، الهدف من الطائرة هو نشر الوعي حول الطاقة البديلة، حيث إن هذه الطائرة تعمل بالطاقة الشمسية دون استخدام قطرة واحدة من الوقود الأحفوري، ويأمل المنظمون أن تستطيع الطائرة البدء في جولتها حول العالم اليوم، ولكنهم يشيرون إلى أن الأمور ستبقى رهن حالة الطقس، حتى في منطقة الخليج التي تتميز بطقس صافٍ نسبيًا.
كانت الرحلة التجريبية التي استمرت لساعة من الزمن، هي التجربة الثالثة للطائرة، حيث انطلقت من مطار صغير يدعى البطين يقع في العاصمة الإماراتية أبوظبي، ولكن هذه الرحلة كانت الأولى بالنسبة لمؤسس (Solar Impulse) برتران بيكار، وهو سليل عائلة من العلماء السويسريين المغامرين، وقد أفاد الطيار بأن الرحلة لم تواجه أي مشاكل.
في حديث لبيكار مع وكالة فرانس برس، أشار إلى أنه إذا كان الطقس مناسبًا، فإنهم سينطلقون في رحلتهم حول العالم في نهاية هذا الأسبوع وسيحلقون شرقًا لمسافة 35000 كيلومتر وبعدها سيعودون مجددًا إلى الإمارات بعد مدة تصل إلى خمسة أشهر يتخللها 25 يومًا من الطيران.
يأتي هذا المشروع كثمرة لجهود من البحث والاختبارات التي استمرت على مدى 13 عامًا من قبل بيكارد وزميله أندريه بروشبيرغ، وهما الطياران السويسريان صاحبا الفكرة التي كانت تبدو مثيرة للسخرية في البداية لمصنعي الطائرات.
يتم توفير الطاقة لهذه الطائرة التي تصل سرعتها نهارًا ما بين 50 و100 كيلومتر في الساعة، عن طريق أكثر من 17.000 خلية شمسية تم تثبيتها على أجنحتها التي يصل طولها إلى حوالي 72 مترًا، وهو ما يقارب طول أجنحة طائرة الإيرباص A380 العملاقة، أما في الليل فإن سرعتها تصبح أبطأ لمنع البطاريات من استنزاف طاقتها بسرعة كبيرة جدًا، كما أن وزن الطائرة المصنعة من ألياف الكربون لا يتجاوز الـ 2.3 طن، وهو يماثل تقريبًا وزن سيارة دفع رباعي.
سيتولى كل من بروشبيرغ وبيكار قيادة الطائرة بالتناوب، وذلك لأنها لا يمكن أن تتسع إلّا لشخص واحد فقط، وبالتالي فإن الطيارين سيتناوبان على قيادتها في كل محطة.
ويهدف الطياران السويسريان من خلال هذه الطائرة إلى إثبات أن التكنولوجيا النظيفة والطاقة المتجددة يمكن أن تحقق المستحيل.
ستتضمن الرحلة حول العالم التحليق من أبو ظبي إلى مسقط في سلطنة عمان في الخليج المجاور قبل عبورها لبحر العرب إلى الهند، ومن ثم ستتوجه إلى ميانمار والصين وهاواي ونيويورك، كما سيكون هناك محطات للهبوط في الغرب الأوسط من الولايات المتحدة وجنوب أوروبا أو شمال أفريقيا وذلك تبعًا للحالة المناخية، ومن المقرر أن تعود الطائرة مرة أخرى إلى أبوظبي في شهر يوليو.
يشير بروشبيرغ أنه من وجهة النظر التشغيلية، فإن هذا الجزء من العالم والشرق الأوسط هو أفضل مكان بالنسبة للانطلاق في هذه الرحلة لأنه يوفر إمكانية التحليق فوق الهند والصين في وقت مبكر من هذا الموسم، كما أنه يتيح إمكانية العودة في فترة الصيف عندما يكون الطقس جيد نسبيًا.
تعتبر هذه الطائرة خليفة لطائرة (Solar Impulse)، وهي طائرة أصغر حجمًا استطاعت القيام برحلة استمرت لـ 26 ساعة في عام 2010، وأثبتت بذلك قدرتها على تخزين ما يكفي من الطاقة في مخازن بطاريات الليثيوم المثبتة فيها خلال اليوم لتحافظ على قدرتها على الطيران خلال الليل.
سيحظى الطياران بدعم من مركز التحكم في موناكو يضم 65 شخصًا من مراقبي الأرصاد الجوية والحركة الجوية والمهندسين، كما أنه سيرافقها فريق يتألف من 65 موظفًا سيسافرون مع الطائرة الشمسية في طائرة عادية.
كانت الطائرات الجديدة قد قامت بأول رحلة تجريبية لها في سويسرا في يونيو الماضي، وبعد ذلك تم تفكيكها في نوفمبر وشحنها إلى أبو ظبي، حيث تم إجراء المزيد من التجارب.
الجدير بالذكر بأن الرحلة حول العالم ستتطلب الكثير من التمارين الجسدية التي تحاكي قدرة الإنسان للبقاء في مكان صغير نسبيًا (الطائرة) لعدة أيام متواصلة، وفي هذا السياق يشير بيكار، إلى أنه وأندريه أصبحا مستعدان جسديًا، وحتى إن اندريه يستعد من خلال اليوغا ومن خلال التنويم المغناطيسي الذاتي الذي يسمح له بأن يغط في سبات قصير نسبيًا لكنه يعطي انطباعًا للشخص بأنه غفا لفترة طويلة.
من المؤكد أن ما يقوم به الطياران هو أمر صعب جدًا ومليء بالتحديات، ولكنه أيضًا سابقة تاريخية لم يقم بها أحد من قبل.