ترجمة وتحرير نون بوست
شهدت القمة الحكومية التي عُقدت مؤخرًا في دبي حضور أربع شخصيات قيادية رئيسية عربية أنثوية، عملن على تعزيز وتشجيع المرأة في الشرق الأوسط لتصبح قائدة في مجالات تخصصها وللدخول في غمار الأدوار الريادية، وباعتباري إحدى المؤمنات بشكل راسخ بضرورة تمكين دور المرأة العربية، كانت هذه القمة بالنسبة لي حدثًا رائعًا.
غالبًا ما تقع النساء في الشرق الأوسط عرضة للّغط الدائر حول ما إذا كن مضطهدات أم لا، وفي خضم هذا النقاش يتناسى الكثير من الأشخاص أنه تاريخيًا كانت هناك أمثلة عديدة عن نساء رائدات في منطقة الشرق الأوسط تحررن ومارسن دورًا رياديًا مهمًا، ومن الأمثلة الكبرى المؤرخة التي تعود إلى الفترة المكية في المملكة العربية السعودية، هي عندما تحدت زوجة النبي أم المؤمنين خديجة الصورة النمطية التقليدية للمرأة وأصبحت حينها سيدة أعمال ناجحة ومحترمة.
ولكن بعد أكثر من ألف سنة على هذه الواقعة التاريخية، ما هو الوضع الحقيقي للمرأة في الشرق الأوسط؟ وهل يمكن أن تشكل المرأة حقًا آلية للتغيير؟
باعتباري امرأة، لديّ قناعة خالصة وراسخة أن المرأة في الشرق الأوسط يمكنها أن تسهم بشكل إيجابي في الإصلاحات داخل بلادها، وأن تشارك برسم الخطط السياسية الجديدة التي يمكن أن تستفيد منها بلادها، وأن تستخدم مواهبها في حياتها المهنية لمواصلة تفوقها ولتساهم في تفوق المجتمع ككل.
على مر السنين – خاصةً مؤخرًا – عملت الحكومات الديكتاتورية على فرض تحديات بمواجهة المرأة في الشرق الأوسط، كما هو الحال في المملكة العربية السعودية، حيث لاتزال القوانين لا تسمح للمرأة بقيادة السيارات، ولكن على الرغم من أن ممارسات الحكومات تعمل على حرمان المرأة من القيام بأنشطة معينة، إلا أن النساء استخدمن وسائل الاعلام الاجتماعي لتمهيد الطريق للتعبير عن حقوقهن؛ فعلى سبيل المثال، عملت مجموعة من النساء السعوديات المنظمات لحملة قيادة النساء “Women2Drive” على تشجيع النساء على تجاهل القوانين وتصوير أنفسهن وهن يقمن بقيادة السيارات ونشر هذه الصور أو مقاطع الفيديو على وسائل الإعلام الاجتماعي لزيادة الوعي بهذه القضية والدفع نحو التغيير الإيجابي للقانون.
في حال ألقينا نظرة إلى الوراء على ثورات الربيع العربي، يمكننا ملاحظة أن النساء كن قوة دافعة مهمة، حيث عملن على إيصال صوتهن من خلال الاحتجاجات وخلق تأثير غير مسبوق لتحويل الوضع الراهن في الشرق الأوسط، وفي المرحلة الأولى من الربيع العربي، لعبت المرأة دورًا محوريًا في دعم الاحتجاجات ضد الاستبداد وضمنت لنفسها دورًا نشطًا خلال الاحتجاجات، ولكن مع ذلك، وفي مرحلة ما بعد الربيع العربي، لاحظنا عودة ظهور التمييز ضد المرأة ودورها في المجتمع، وبناء عليه، يوجد حاجة ملحة للاستثمار في مجالات التعليم وريادة الأعمال ودعم حقوق المرأة، حتى تتمكن المرأة من تمهيد الطريق لمستقبل ناجح في العالم العربي، ويمكن تحقيق ذلك من خلال دعم المبادرات التي تسعى في المقام الأول إلى تحسين الحقوق الاجتماعية والقانونية للمرأة في العالم العربي.
حاليًا تبرز الحاجة لإجراء إصلاحات عاجلة في العديد من مناطق الشرق الأوسط وفي العديد من المجالات، ابتداءً من ضمان حقوق المرأة ومرورًا باستثمار الموارد في مجال التعليم وانتهاءً بتحقيق المساواة القانونية بين الرجل والمرأة.
إن الاستثمار في مجال التعليم يلعب دورًا محوريًا في جسر الهوة ما بين الجنسين، فحاليًا نسبة النساء المسجلات في المؤسسات التعليمية من مجمل عدد النساء في الشرق الأوسط لايزال أقل من عدد الرجال، وإزالة الحواجز التي تحول دون تعليم المرأة يلعب دورًا مهمًا في مساعدتها للحصول على التدريب الذي تحتاجه لمواصلة تحقيق أهدافها.
القمة الحكومية التي تم عقدها في الإمارات العربية المتحدة بعنوان “المرأة العربية: من الرؤية إلى القيادة” شهدت كلمة رائعة للأميرة السعودية أميرة الطويل حيث جاء فيها: “في تاريخ العالم العربي، عمل الرجال والنساء جنبًا إلى جنب؛ وراء كل رجل عظيم امرأة عظيمة؟ كلا، إلى جانب كل رجل عظيم امرأة عظيمة”، وهذا هو الصحيح ، كون النساء الآن يستلمن زمام المبادرة في مختلف القطاعات من الإعلام إلى النشاط الحقوقي.
أما الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، التي كانت حاضرة أيضًا في هذا الحدث، أشارت إلى أننا اليوم بحاجة إلى قيادات نسائية ونماذج يحتذى بها للتعامل مع المشاكل الاجتماعية والاقتصادية في العالم، وأوضحت أنه وفقًا للأرقام الصادرة عن الأمم المتحدة، فإن الشرق الأوسط يتميز بنسبة ضعيفة في المشاركة النسائية في البرلمانات بنسبة 12% فقط، بالمقارنة مع عدد القيادات النسائية في الحياة السياسية في جميع أنحاء العالم، وإن تنفيذ المقترحات حول زيادة الحصة النسائية في المجال السياسي في الشرق الأوسط، يمكن أن يساعد على جعل المزيد من النساء يعبرن عن آرائهن ويتولين أدوارًا في المراكز القيادية.
من الرائع حقًا أن نشهد ارتفاعًا متزايدًا في عدد النساء العربيات المتمكنات واللواتي يرفعن أصواتهن للمناداة بحقوق المرأة؛ فالناشطات مثل أسما منصور المؤسسة المشاركة في المركز التونسي لريادة الأعمال، ومصممة الأزياء الفلسطينية الناجحة دانا التاجي، وغيرهن الكثيرات، هؤلاء النساء يفتحن الطريق أمام تحقيق تغيير إيجابي في الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي يمكن أن يمهد الطريق لتمكين المرأة في الشرق الأوسط وتحويل الرؤية إلى واقع.
المصدر: ميدل إيست آي
هذا المقال المترجم يأتيكم ضمن تغطية نون بوست لملف نون النسوة