أعلنت مصادر مسؤولة في تل أبيب أن إسرائيل ستكون أول دولة تشهد مشروع “سكاي تران” بحلول نهاية هذا العام 2015، حيث سيقام في سماء تل أبيب، وهي المدينة التي تعد أحد أشهر المدن المحتقنة المعروفة بازدحامها في العالم، مثل مومباي والقاهرة وطوكيو.
إسرائيل أول دولة تتبنى “سكاي تران”
في يونيو العام الماضي أُقيم المؤتمر الصحفي الذي أعلنت فيه الشركة الإسرائيلية للصناعات الجوية (IAI) أكبر شركة دفاع إسرائيلية عن إبرامها لاتفاقية تعاون مع القائمين على مشروع سكاي تران الذي طوره المعمل البحثي “آميس” التابع لناسا والموجود في كاليفورنيا، كي تنفذ أول تطبيق لمشروعها على أرض الواقع في إسرائيل، وإذا نجحت هذه التجربة سوف تعمم لتغطي 125 ميلاً من مدن وضواحي إسرائيل، كما ستمتد لتصبح موجودة بشكل تجاري موسع في فرنسا والولايات المتحدة والهند.
وسوف تقيم الشركة 500 متر من مسارات هذه السيارات الطائرة في سماء جامعة تل أبيب، وقد قالت صحيفة التليجراف إن هذه سوف تكون أول تجربة فعلية لهذه السيارات، وإنها سوف تنطلق بسرعة 43 ميلاً في الساعة برغم أن قدراتها أعلى من ذلك بكثير، وسوف تكلف تذكرة الركوب لكل فرد حوالي 5 دولارات فقط، كما أن الإسرائيليين أو السياح هناك يستطيعون حجزها بواسطة الهاتف الذكي.
وقد قال المدير التنفيذي لـ “سكاي تران” جيري ساندرز: “تل أبيب هي مدينة عالمية، الإسرائيليون يحبون التكنولوجيا، ونحن لا نتوقع أي مشاكل من الناس الذين لا يريدون استخدامها، إسرائيل هي مكان مثالي لاختبار هذا الاختراع”.
من الذي يقف خلف “سكاي تران”؟
ولدت هذه الفكرة في مركز “آميس” التابع لناسا في كاليفورنيا، تحديدًا في وادي السيليكون المشهور بشركاته التقنية، ليرأس مجلس إدارتها جيري ساندرز، وهو ضابط إسرائيلي سابق من قوات البحرية الخاصة ومستشار سابق للحكومة الإسرائيلية، تخرج بكلية كوينز مع مرتبة الشرف كما تخرج بكلية الحقوق في جامعة تكساس، يشغل منصب مستشار غرفة باريس للتجارة والصناعة كما أنه مؤسس مشارك في الجمعية الأمريكية الفرنسية لرجال الأعمال، ويقوم حاليًا بجولات ترويجية لهذا المشروع، أحدها كان في الهند حيث عقد مؤتمر لتيدكس شرح فيه فكرة سكاي تران، وحث الناس على التأثير على صنّاع القرار في بلادهم لإدخال هذا النظام، حيث يخطط لتنفيذ هذا المشروع في الهند بعد تل أبيب، لأنه يعتبر أن الهند سوق أفضل من أوروبا مئة مرة، بسبب العملة الواحدة واللغة الواحدة، كما أرجع ذلك لزيادة الطبقة المتوسطة والغنية، وأضاف جيري أنه لا يستهدف بهذا المشروع ركاب المواصلات العامة والأتوبيسات، بل يستهدف أصحاب السيارات الخاصة.
كيف تطفو “سكاي تران” في الهواء؟
السيارات الطائرة “سكاي تران” تعتمد على تقنية التعليق المغناطيسي، كأنها تسير على وسادة مغناطيسية تكونها مجالات كهرومغناطيسية قوية، دون الحاجة إلى عجلات أو محاور وبالتالي دون احتكاك، لذلك تتميز بسرعتها العالية.
العالم قبل وبعد “سكاي تران”: أهم الأسباب التي تجعلك تختار التاكسي الطائر
لنضع في أذهاننا مشهدين متخيلين بشكل متجاور لشارع رئيسي في مدينة القاهرة؛ الأول للمدينة الآن في وقت الذروة، والآخر في المستقبل في نفس الوقت أيضًا لكن مع وجود هذه السيارات الطائرة.
في المشهد الأول، أنت في المقعد المجاور للشباك غير قادر على التحرك، الرجل بجوارك يتشاجر مع آخر يحاول أن يحتل مكانه، طفل يصرخ وبائع ينادي على بضاعته، مجموعة من الأغنام تعبر الطريق، الفتى جامع التذاكر يقف بنصف جسده خارج الميكروباص ليصيح على المحطات متوقفًا كل دقيقتين، سيارة أخرى تكاد تصدم مقدمته، ينهال سيل من الشتائم، سارينة إسعاف لا تتوقف عن الدوي الموتر بجوارك، صوت قائدها في مكبر الصوت يحث الناس على إفساح الطريق دون جدوى.
في المشهد الآخر تجلس مغمضًا عينيك براحة وهدوء حولك السماء الرحبة، لا اختناقات مرورية، لا توقف، لا جداول مواعيد لا إزعاج، لا تلوث ولا حوداث، ولا تكلفة ترهق ميزانيتك، كطلقة نافذة لا يقطع طريقها أي شئ، فقط تحجز تذكرة بهاتفك الذكي وينتهي كل الأمر.
فهذه التاكسيات الطائرة “سكاي تران” تتحرك بسرعة فائقة تصل إلى 150 ميلاً في الساعة، كما أن مساراتها تتمدد بنفس الطريقة التي تتمدد بها شبكة الإنترنت، كأنها شبكة إنترنت مادية متعددة الطبقات، يتحكم فيها الكمبيوتر لذلك يستحيل حدوث اختناق مروري.
وصحيح أنها تسع شخصين، لكن الكمبيوتر يستطيع أن يحرك عدة تاكسيات طائرة معًا في حال انتقال عائلة مثلاً، فتتحرك السيارة الرئيسية للأب والأم مع تسليتهم بقناة للأخبار مثلاً أو للأفلام، بينما يمكن للأطفال أن يشاهدوا قنوات الكرتون ويلعبوا ألعاب الفيديو في السيارات الملحقة.
“سكاي تران” ليست لديها فجوات في تغطية الأماكن، إذ يمكن أن تبنى محطاتها فوق الأرصفة، أو فوق المباني، أو حتى داخل المباني نفسها، فيسري التيار بانسيابية فائقة دون أن يقاطعه أي شيء.
لكن، بمجرد أن يسمع الناس وصناع القرار هذا، فإن الجميع يبدأ على الفور بالقلق بخصوص التكلفة، خاصة أن معظم المدن المحتقنة مثل مومباي دول فقيرة، لكن الأمر المدهش أنها على العكس بالضبط، فهي خفيفة وغير مكلفة في التصنيع أو التركيب او الصيانة، كما أن إقامة طرقها أرخص وأفضل من إقامة وتشييد الطرق التقليدية أو السكك الحديد أو مترو الأنفاق، فتشييدها يستغرق بضعة أسابيع بتكلفة ثلاثة ملايين فقط لكل كيلومتر، لذلك فهي أفضل اختيار للدول الفقيرة.
الأمر الآخر المهم هو الأمان، فهي لا تنقل الناس بشكل كُتلي، وفي دولة مثل إسرائيل فهذا يقلل فرص مهاجمة من تسميهم إسرائيل بـ “الإرهابيين” عبر حوادث تفجير الباصات أو إطلاق النار بداخلها، إذ إن أحدًا لا يستطيع دخولها إلا عندما يتعرف عليه الكمبيوتر، كما لا توجد كتلة من الناس بشكل مجمع تسمح بالكثير من الضحايا، إذ لا تنقل أكثر من شخصين وهي بدون سائق، كما يقل ضرر الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والأعاصير والحرائق، فهي -كما يقول المثل – لا تجمع البيض في سلة الواحدة.
لكن رايان شين المدير الإداري لمبادرة مدينة العلوم في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا انتقدها قائلاً إن أنظمة النقل الشخصية السريعة مثل هذا النظام مفيدة في أماكن محدودة، مثل المطارات أو فوق حرم الجامعة أو المعارض الدولية العالمية حين تقام في مدن مثل شانغهاي أو دبي، كما أنها تشيد منظومة متفرعة إضافية تمثل عبئًا على بيئة الساكنين، وهو بالطبع لا يعتبر رخيصًا من وجهة نظره، فسوف نحتاج أن نبني المحطات التي تقل الركاب من أو إلى المركبة، وفي الأماكن التي لا يوجد فيها كثافة سكانية كبيرة فإن الناس سيضطرون لقطع مسافات كبيرة للوصول إلى المحطات، وسوف يبقون هكذا معتمدين على السيارات الشخصية.
أما جيري ساندرز فقد قال إن الأمور لو سارت حسب الخطة، فسوف يستطيع الركاب في المدن المحتقنة في أنحاء العالم أن يتخلوا عن سياراتهم الشخصية وجداول مواعيدهم، ليستمتعوا بنظام نقل مفصّل على حسب احتياجاتهم ومواعيدهم، إنها توقف الاستهلاك المستمر للأرواح، وتترك لك متسعًا لكل شيء سرقته منك الساعات الطويلة في الطرقات والشوارع.
شاهد كيف تنساب “سكاي تران” غير عابئة بالطرق المشلولة أسفل منها مباشرة: