نشرت صحيفة “مفاتيح الشرق الأوسط” الفرنسية حوارا صحفيا أجراه الصحفي بيار أندريه مع الباحث المتخصص في شؤون الشرق الأوسط والإسلام السياسي ستيفان لاكروا حول تقييم تجربة الرئيس المصري محمد مرسي وأهم الصعوبات والتحديات التي واجهها الإخوان خلال فترة حكمهم وطريقة تعاملهم معها.
“في واقع الأمر، الجيش المصري لم يتوقف أبدا عن التحكم في المشهد السياسي في مصر، وعلى عكس ما قد يظنه البعض، محمد مرسي لم يعد الجيش إلى ثكناته وإلى دوره العسكري في شهر أغسطس من سنة 2012، وإنما قام بدعم شق جديد من الجيش المصري كان يبدو أنه مستعد للتعامل معه وظن مرسي أنه أقل عداوة من الشق الآخر الذي كان يتزعمه المشير طنطاوي”.
ثم يواصل لاكروا الحديث قائلا: “إذا قمنا بمقارنة ما بين الدستور الذي اعتمده مرسي والدستور المعتمد أيام حسني مبارك، لن نجد اختلافا كبيرا في ما يتعلق بالجيش، فمرسي حاول ادخار الجيش وعدم التصادم معه، وفضل أن يبدأ المواجهة مع الدولة العميقة أولا، ولكن مؤسسات الدولة العميقة في مصر لم تكن أبدا متخفية”.
“فمؤسسات الدولة العميقة في مصر وهي وزارة الداخلية ووزارة الدفاع والمجلس الأعلى للقضاء، لم تقبل أبدا بحكم مرسي، وعداء هذه المؤسسات لجماعة الإخوان المسلمين الذي شكله العسكر عبر عقود ورسخه في ثقافتها، مثل أبرز وأهم الصعوبات التي أدت إلى الإطاحة بمرسي”.
وحول طريقة تعامل مرسي مع الدولة العميقة في مصر، يقول لاكروا: “للتعامل مع هذا العداء الذي وجده مرسي داخل هذه المؤسسات، بدأ مرسي في غرس مقربين منه في مناصب هامة ليكونوا في مواجهة الدولة العميقة، ولكن هذه السياسة أثارت غضب معارضيه الذين تخوفوا من توغل الإخوان المسلمين داخل مؤسسات الدولة”.
“كان هذا فخا نصب للإخوان فوقعوا فيه، وكذلك وقعوا في كل الفخاخ التي أعدت للإطاحة بهم، فالإخوان نصصوا على الشريعة الإسلامية في الدستور لإرضاء القاعدة السلفية الواسعة وكسب دعمها، ولكنهم بتوجههم هذا خسروا ثقة كل القوى غير الإسلامية التي رفضت كلها هذا الدستور”.
“وبينما بدأ الخلاف يشتد داخل الطبقة السياسية، كانت الدولة العميقة تعمل خلف الكواليس على إثارة السخط لدى عامة الشعب، وبنية تعقيد المهمة أمام مرسي، لعب العسكر ورقة التقاعس عن القيام بمسؤولياتهم وحتى أنهم ساهموا أحيانا في التخريب، فاستمرت وتصاعدت أزمات الكهرباء والغاز حتى انتهت صدفة فور عزل محمد مرسي، أضف إلى ذلك حملة الشيطنة الممنهجة لجماعة الإخوان من خلال وسائل الإعلام المصرية”.
وفي ختام كلامه عن الأسباب التي أدت إلى إسقاط مرسي يشير لاكروا إلى أن الإمارات والسعودية أعدت حزم مساعداتها قطعا قبل 30 يونيو، فيقول لاكروا: “يجب أن نشير إلى دور القوى الخارجية وخاصة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والذين أظهروا عداء شديدا للإخوان، وروجوا في دولهم إلى مؤامرات مزعومة يريد الإخوان من خلالها الإطاحة بهم”.
“كما أن إعلان دول الخليج عن حزمة مساعدات بقيمة 12 مليار دولار بعد أربعة أيام فقط من الانقلاب، يدل على أن هذه المساعدات قد تم الإعداد لها بالتأكيد قبل 30 يونيو مع قوى معارضة لمرسي وبالتزامن مع الإعداد لمظاهرات 30 يونيو وللانقلاب”.
“على كل حال، كما أنه لا يمكن لأحد أن ينكر أن ما حدث كان انقلابا، فإنه لا يمكن لأحد أن ينكر أن مظاهرات 30 يونيو كانت ضخمة وامتلئ فيها الميدان بمعارضي مرسي من الليبراليين وحتى من الإسلاميين، ويجب أن لا يُنسى أن الإخوان ارتكبوا أخطاء جعلتهم وحيدين في لحظة حرجة كيوم 3 يوليو”.