مازال الوضع الحقوقي في السعودية مثير للجدل دون أية تنازلات أو تغييرات مقدمة من السعودية بالرغم من الانتقاد المستمر الذي تتعرض له، أكثر ما يُنتقد داخل السعودية هو وضع المرأة حيث تُعتبر المرأة مواطنة من الدرجة الثانية في السعودية، وهناك أيضًا مشكلة التعبير عن الرأي الذي يمكن أن يتلقى صاحبها حكم بالسجن دون محاكمة لعدة سنوات، ولا يوجد عدد مؤكد للأشخاص المسجونين بلا تهمة في السجون السعودية إلا أن الإحصاءات من الناشطين السعوديين ترجح أن يكون العدد عشرات الألاف، وبالإضافة إلى ذلك هناك الأحكام القانونية المتشددة التي تطبقها السعودية باسم تطبيق الشريعة الإسلامية، مثل قضية جلد رائف بدوي.
وكون السعودية حليف لبعض دول الغرب ولديها علاقات دبلوماسية مع دول الغرب يضعها تحت المجهر، فالوضع الحقوقي في السعودية يسبب حرجًا لحلفاء السعودية من الغرب كونهم يدعمون دولة لديها سجل سيء في حقوق الإنسان، ولذلك تقدمت بعض الدول الحليفة مثل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا باستمرار للسعودية لمحاولة إقناعها بتحسين الوضع الحقوقي والإنساني والعمل على فتح مزيد من الحقوق والحريات للمواطنين، إلا أن السعودية لم تستجب لهذه المطالب إلا في الأمور البسيطة التي لا تؤثر على هيمنتها وسلطتها.
وكان آخر أمر مثير للجدل هو الحكم على رائف بدوي، المدون والناشط الحقوقي، بالسجن 10 سنوات والجلد 1000 مرة لاتهامه بإنشاء موقع مسيء للدين وللمملكة، وأثار هذا الأمر غضبًا كبيرًا حول العالم حيث تناقلت جميع وكالات الأنباء الخبر، وقامت بعض الدول الغربية بالتواصل مع السعودية تطلب منها الإفراج عن رائف بدوي.
وسبَب موضوع رائف بدوي ضجة غير مسبوقة لدرجة أن علاقة السعودية ببعض دول الغرب تأثرت نتيجة هذا الأمر، فقد أنكرت معظم الدول الأوروبية الحكم المصدر على رائف بدوي، وقامت بعض الدول باتخاذ إجراءات ضد السعودية لإجبارها على الإفراج عن رائف بدوي.
انتقدت وزيرة الخارجية السويدية، مارغوت والستروم، السعودية خلال خطابها أمام البرلمان السويدي بعد إصدار الحكم على رائف بدوي، ووصفت السعودية بالدكتاتورية وبانتهاك حقوق النساء، وقامت السعودية بالرد على ذلك بإلغاء خطاب وزيرة الخارجية خلال الرابطة العربية في القاهرة، وقد تمت دعوة وزيرة الخارجية كضيف شرف تقديرًا لقرار الحكومة السويدية بالاعتراف بفلسطين كدولة.
وكانت ردة فعل السويد أن قامت بإلغاء صفقة أسلحة مع السعودية كان من المفترض أن يُعاد تجديدها هذه السنة، وقامت السعودية بعد ذلك باستدعاء سفيرها من السويد متهمة الحكومة السويدية بالتدخل في الشؤون الداخلية للسعودية، وقال متحدث في وزارة الخارجية السعودية “إن الشريعة الإسلامية لا تحتاج الموافقة من السويد أو من أي دولة أخرى”.
في ألمانيا أبدى وزير الاقتصاد الألماني، زيجمار غابرييل، معارضته لصفقة توريد 800 دبابة بقيمة 18 مليار يورو للسعودية العالم الماضي بسبب انتهاك حقوق الإنسان في السعودية، وقال هذه السنة أن قضية رائف بدوي قد تؤثر على صفقات مستقبلية مع السعودية، وأوضحت نتائج الاستطلاع أن غالبية الشعب الألماني يقف ضد أي نوع من التبادل الاقتصادي مع السعودية، وغالبية كبرى تقف ضد توريد الأسلحة أيضًا.
وأبدت النمسا استياءها أيضًا، حيث احتج وزير الخارجية النمساوي على الحكم المصدر على رائف بدوي واستدعى السفير السعودي لإبلاغه بذلك، وهدد بسحب الدعم من مركز الملك عبدالله العالمي للحوار بين الأديان والثقافات، الذي فُتح عام 2012 في النمسا ويمول من السعودية، إذا لم يقم المركز بإدانة الحكم الصادر على رائف بدوي، وأيدت احتجاجات شعبية من قِبل جمعيات حقوقية في النمسا إغلاق المركز.
وقد تم تأجيل الجلدات المتبقية لرائف بدوي بسبب حالته الصحية، ولا توجد أنباء عن الإفراج عنه أو عن إلغاء عقوبة الجلد.
وترد السعودية على هذه الانتقادات باتهامات توجهها لهذه الدول بأنها تتدخل في شؤونها الداخلية، وأن دستورها قائم على القرآن والسنة الذان يكفلان حق الإنسان وكرامته.