الصورة: خديجة دير، وزوجها السويدي أبو بكر، كتبت على تويتر تتوعد بقتل الكفار.
أم خطاب مغردة على موقع تويتر، تستخدم حسابها لوضع عدد من وصفات كعكة الشوكولا، تضع وصفة دجاج فيتنامية لذيذة، وتتحدث عن الطعام كمثل العديد من الفتيات في العشرينات من عمرهن، لكنها ليست مثل العديدات منهن!
فعندما تتنقل بين تغريدات أم خطاب وأخواتها، تجد صورة لكلاشنكوف بجانب مصحف، وفتيات يتدربن على حمل السلاح، وإعادة تغريد لصور رؤوس مقطوعة، وتغريدات أخرى لا تختلف كثيرًا، بعضها إعلان عن انتصار لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) وبعضها صور لفتيات منتقبات يبدون سعيدات، وبعضها صور لقطط جميلة، أو حتى صور لشخص ذي لحية مشذبة يتزوج فتاة محجبة، مع تمنيات باللحاق بالمتزوجات.
الأمر يبدو غريبًا، لكنه لا يختلف كثيرًا عما اعتدنا أن نراه من المنتمين إلى تنظيم الدولة.
تُقدر أعداد النساء الأجانب اللواتي انضممن لداعش بأكثر من 15% من عدد الأجانب المنضمين إلى “الدولة”، هناك على الأقل 300 امرأة من 14 دولة على الأقل.
الفتاة “أقصى محمود”، التي تعلمت في جلاسجو في إنجلترا، تركت منزلها في نوفمبر 2013 بحقيبة ظهرها، لتتزوج أحد مقاتلي داعش في سوريا، يُعتقد أن أقصى تكتب تحت اسم “أم ليث”، كانت آخر الكلمات التي قالتها لوالدتها، وهي على الحدود السورية: “سأراك يوم الحساب، سأمسك بيديك لنذهب معًا إلى الجنة”، مضيفة “أريد أن أصبح شهيدة”.
المركز العالمي لدراسة التطرف تحدث عن ثلاثة أسماء لجهاديات بريطانيات هن: أم حارثة، وأم عبيدة، وأم وقاص، ويعتقد المركز أن لواء الخنساء يضم حوالي 60 بريطانية تتراوح أعمارهن بين 18-24 عامًا، سافرن إلى سوريا للجهاد.
أم وقاص التي تدعو إلى القتل مثلما تفعل داعش، وضعت صورة زوج من الأحذية الجذابة وتمنت لو امتلكتهما!
أم ليث تكتب في مدونتها تتحدث عن الجهاد، وعن الإسلام، وكيف يمكن الانضمام لداعش، والعديد من الأشياء الأخرى.
تدعو أم ليث النساء الغربيات ليحذون حذوها، وينضممن للتنظيم، وتنصحهن بعدم الاهتمام بما يقوله العالم عنهن حول جهاد النكاح، بل تشجعهن على أن يكن زوجات للشهداء.
والبريطانية أم ليث متزوجة من أحد مقاتلى التنظيم، كان يتابعها أكثر من ألفي متابع على تويتر قبل أن تغلق إدارة تويتر حسابها، وهي في ذلك لا تختلف عن معظم من ذُكرن في هذا التقرير اللاتي أُغلقت حساباتهن على تويتر، وكانت تقدّم النصائح والمشورة عبر دليل على شبكة الإنترنت، مركزة على مباهج الحياة الأسرية الجهادية، وشرف إنجاب مقاتلين جدد لخدمة التنظيم وقضيته، والسعادة التي تشعر بها المرأة مع تقديم الحياة الأسرية التي يحتاجها المجاهد المحارب لخدمة الإسلام.
“أم حارثة” صديقة “أم ليث” لها صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي وتكتب بالإنجليزية كما أنها عضوة بكتيبة “الخنساء”، وتحرص على نشر صور انتصارات “داعش” واستيلائها على سوريا، منها صور فصل رؤوس الجنود عن أجسامهم في عيد الفطر.
هناك أيضًا من النساء المؤثرات في التنظيم، أم المقداد والمعروفة بـ “أميرة نساء داعش”، وهي المسؤولة عن تجنيد الفتيات والسيدات في محافظة الأنبار العراقية، سعودية الجنسية، تبلغ من العمر 45 عامًا، وتمكّنت القوات الأمنية العراقية من القبض عليها في يناير الماضي.
وإلى جانب أم المقداد، هناك أم مهاجر، التونسية التي انتقلت من العراق إلى سوريا مع زوجها، لتتولى مسؤولية قيادة كتيبة “الخنساء” النسائية في الرقة بسوريا، وهذه الكتيبة تشتهر بتغطية النساء فيها وجوههن باللثام، وبحملهن أسلحة فتاكة، وزوّجت أم مهاجر بناتها لكبار المسؤولين في التنظيم، لتكون قريبة من دائرة القرار فيه، حسب مصادر.
وتتقاضى كل سيدة في لواء الخنساء حوالي 35 ألف ليرة سورية شهريًا، أي ما يعادل 160 دولار أمريكي، وذلك لقاء فرض اللباس الإسلامي الشرعي بطريقة صارمة، وكذلك تفتيش النساء اللواتي يلبسن البرقع والتأكد من أنهن لسن متنكرات بهذا الزي لشن أي اعتداء على التنظيم.
سلمى وزهرة حالاني (16 عامًا) توأمتان بريطانيتا الجنسية صوماليتا الأصل، انتقلتا إلى سوريا للانضمام إلى التنظيم والزواج من رجاله، وكشفت صحيفة ديلي ميل البريطانية أن التوأمتين تعهدتا بعدم عودتهما إلى بريطانيا، وهما تتدربان على استخدام القنابل اليدوية وبنادق كلاشنيكوف، معترفتين بأنهما سعيدتان بلقبهما “التوأمتان الإرهابيتان”، وقد أطلقت إحداهما اسم “أم جعفر” على نفسها وغيرته لاحقًا ليصبح أم عبدالله.
هذه إحدى تغريدات أم عبدالله:
وتبقى ندى معيض القحطاني، أو أخت جليبيب، أول مقاتلة سعودية في تنظيم الدولة الإسلامية، انضمت إليه مع أخيها تاركة زوجها وأطفالها بسبب تخاذل الرجال كما نقل عنها عبر تغريداتها على صفحتها الخاصة بموقع تويتر، حيث قالت: “تخاذل أكثر الرجال، فلا يجب أن نتخاذل نحن أيضًا، لا خير فينا إن فسدت الشام”.
وحين وصلت إلى سوريا، غرّدت قائلة إنها وصلت إلى أرض الشام سالمة غانمة، حامدة الله على أن جمعها بشقيقها جليبيب بعد عام من الفراق.
وتصف القحطاني نفسها بأنها “ابنة رجل عظيم وزوجة شيخ فاضل من خريجات جامعة يوسف عليه السلام، وشقيقة مُجاهدٍ دولاوي (نسبة إلى تنظيم الدولة)”، كما أعلنت نيتها القيام بعملية انتحارية، لتكون أول انتحارية في التنظيم، وغردت: “دعواتكم لي بالعملية الاستشهادية، وأن يثبتني الله”.
وأثار وصولها إلى سوريا للانضمام إلى التنظيم جدلًا على المواقع الجهادية، ورأى فيه البعض دليلًا على شجاعة والتزام بأحكام الشريعة، فيما انتقده البعض الآخر، واعتبروه انتهاكًا لأحكام الدين وأعراف المجتمع التي لا تجيز للمرأة السفر من دون محرم.
أم خطاب تطلق على نفسها اسم البريطانية، واسم مهاجرة في الشام، في إحدى تغريداتها تضع صورة غروب الشمس في منبج وتتحدث عن صديقاتها أم ليث والخنساء وأم يوسف، خديجة دير هو اسمها الحقيقي، وقد غادرت إلى سوريا من بريطانيا مع زوجها السويدي.
صديقتها الخنساء تكتب تحت اسم أم عبيدة، وتقول إنها تتبع خطى والدها الذي تركهم من أجل الجهاد.
صديقتهما أم أنور، كانت تكتب سابقًا تحت اسم أم فارس، وتضع علم الدولة الأسود، تكتب تحت اسمها أنها متزوجة، لذلك لا ترغب من أي من “الإخوة” أن يتحدث إليها، كما أنها متشددة إلى الحد الذي تقول فيه إنها لا تؤمن بالإعذار بالجهل.
أما أختي بي، فهي تكتب على تويتر وتخاطب الجميع، هي صديقة أخرى لأم أنور، تتحدث عن شرب المرطبات والأطعمة اللذيذ وتكتب عن ذلك، والعديد من تغريداتها هي إعادة تغريدات لمقاتلي الدولة، وقد ألمحت مرة إلى أن أهلها يرفضون وجودها في سوريا:
أم طالب، هي “أخت” أخرى من الرقة، تطلق على معرفها على تويتر اسم “قد أفلح الشهداء”، ويُعتقد أنها من لندن أو من جنوب إنجلترا، تتحدث أيضًا عن وصفات الأطعمة وما إلى ذلك، هذه الصورة من الرقة تقول فيها إنها تعرف ما تفعل، وأن الجنة غالية، وهي ترجو أن يكون هذا هو ثمنها:
هناك العديدات الأخريات، أم عثمان تقول إنها جاءت من لندن وأنها تعمل لكي يسود الإسلام كل العالم، تتحدث بشكل مطول عن السياسة البريطانية وتنشر تعليقاتها على فيديوهات تحوي تحليلات غربية تخص داعش.
أم عبدالله، هي أخت أخرى تتحدث عن الشيوخ وكيف يجب احترامهم عند الاختلاف معهم، لم تذكر أن الفصيل الذي تدعمه يقتل من يختلف معه شيخًا كان أو من العوام.
الأخيرة هي سالي جونز، أو أم حسين البريطاني، وهي موسيقية سابقة، كانت تشارك في فرقة لموسيقى الروك، ويُعتقد أنها اعتنقت الإسلام وتزوجت جنيد حسين، أحد مقاتلي داعش البريطانيين، سالي هي أم لطفلين وتبلغ من العمر 45 عامًا، هذه إحدى تغريداتها التي تتوعد بها الكفار.
وقد نشرت صحيفة ديلي ميل صورًا لها أثناء عملها كمغنية روك، بالإضافة إلى الصورة التي اختارتها لحسابها على تويتر قبل أن يتم حذفه.
جدير بالذكر أنه خلال الأسابيع التي تلت سيطرة داعش على الموصل، ظهرت الآلاف من الحسابات الجديدة، أو تحولت حسابات قديمة لدعم الدولة، طبقا لإحصاء قامت به شبكة سكاي نيوز فإن قرابة 30 ألف حساب على تويتر تم إنشاءه في الشهرين اللذين تليا قتل الصحفي الأمريكي جيمس فولي.
وتحدثت مصادر أخرى عن أكثر من 60 ألف حساب قاموا بدعم داعش خلال الفترة الماضية، وبعد مقتل فولي قام تويتر بحذف مئات أو ربما الآلاف من الحسابات، وشارك المغردون في حملات لإغلاق حسابات مؤيدي داعش تحت هاشتاج #ISISMediaBlackout.
لكن إعلاميات داعش ونساء التنظيم على قلة أعدادهن قد استطعن التأثير بشكل مباشر أو غير مباشر في الملايين من النساء حول العالم، خاصة في تلك المناطق التي يسيطر عليها التنظيم.
فالنساء في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم يعانين أشد المعاناة، بحسب الزميل الكاتب أحمد الملاح، فبُعيد سيطرة تنظيم الدولة على الموصل، بدأ رجاله بفرض مجموعة من القرارات المتشددة وخاصة فيما يتعلق بالنساء؛ ففي الأسابيع الأولى منع التنظيم خروج النساء بدون تغطية شعر الرأس، ثم تطور الأمر ليشمل الوجه والكفين، ليتطور الأمر فيما بعد برداء أسود يحتوي على علامات مميزة منها أن يكون الخمار المغطي للوجه بطول جسم المرأة وأن تغطى منطقة العيون وغيرها من التعقيدات، ومن لا تلتزم بتلك المعايير في لباسها، فإن التنظيم يقوم بتعزير الرجل المسؤول عن المرأة ومعاقبتها بعقوبات شاذة من ضمنها “العض”!، كذلك قرر التنظيم حرمان الفتيات والنساء من التعليم، وبحسب مصدر عراقي فإن الآلاف من الفتيات توقفن عن الدراسة في ظل سيطرة داعش على مناطق شرق سوريا وغرب العراق.
من ناحية أخرى فإن سيطرة التنظيم على جميع مناحي الحياة أدى إلى اضطرار مئات الآلاف من العراقيين والسوريين إلى النزوح خارج مناطق سيطرة التنظيم؛ وهو ما أدى إلى تأثر عدد من القطاعات بغياب المرأة، من ذلك القطاع الطبي والقطاع التعليمي.