بعد قيام “الدولة الإسلامية في العراق والشام””داعش” بالسيطرة علي مدينة الموصل في شمال العراق وبعض المناطق الشمالية لسوريا وخاصة مدينة الرقة في شهر حزيران من السنة الماضية، أصبح باستطاعتنا مشاهدة أفلام أكشن تحتوي علي مشاهد قتل وذبح مرعبة ورهيبة لم نشهد لها مثيل حتي في أفلام الهوليوود. وتتالت هذه المشاهد الخارجة عن مبادئ الدين والإنسانية والرحمة مرات عديدة، كان الهدف من نشر داعش لمثل هذه المشاهد، كما هو معلوم، قذف الرعب في قلوب أعدائها وجعلهم يخافون ويهربون من مواجهتها، كما أن استخدام داعش للجانب الإعلامي بشكل نشط ينبع من كونها حركة إرهابية تعلم أنه من غير الوسائل الإعلام لا يمكنها إيصال فكرتها ولا يمكنها إرعاب أعدائها و و لا يمكن لها كسب تعاطف الأخرين، كثير من المسلمين المضطهدين أصبحوا من عشاق داعش بعد هذه الفيديوهات. وكما قالت رئيسة الورزاء البريطانية السابقة مارجارت تيتشار” يُعد الإعلام هو الأكسجين الذي من خلاله تعيش وتستمر الجماعات الإرهابية”. لا داعي لإطالة الحديث عن أهمية وسائل الإعلام بالنسبة لأي حركة إرهابية ولكن أحببت أن أوجز الأسبباب الرئيسية التي تجعل داعش تسخدم وسائل الإعلام بشكل محترف ونشط.
بعد قيام داعش بهذه الجرائم المشينة، شعرت الدول المجاورة والدول الكبري وعلي رأسها الولايات المتحدة بضرورة القضاء علي هذا التنظيم الذي ممكن أن يشكل تهديد خطير علي جميع دول العالم ولا سيما اكتسابه تعاطف ضخم من قبل الجماهير الإسلامية في جميع أنحاء العالم، من أجل ذلك كثفت الولايات المتحدة نشاطاتها لإنشاء تحالف دولي ضخم للقضاء علي تنظيم داعش قبل أن ينتشر في العالم، وبالفعل نجحت الولايات المتحدة بإنشاء تحالف دولي ضخم تتضمن ميثاقه القضاء علي داعش من خلال القصف الجوي. وبعد إثبات هذه الضربات عدم فائدتها اتجهت الولايات المتحدة لإجراء محادثات مع إيران، صاحبة شعار “الموت لأمريكا”!!!، وتركيا لإقناعهم بإرسال جنود برية تحارب تنظيم داعش وجهاٌ لوجه.
علي الرغم من إختلاف جميع الإيدولوجيات والإستراتيجيات الشرق أوسطية لهذا الثلاثي[التركي الأمريكي الإيراني] إلا أنهم اتفقوا بعد عدة محادثات علي قيام إيران بإرسال جنود برية وعلي رأسهم الجنرال قاسم سليمان قائد فيلق القدس في الجيش الإيراني وتعهدت تركيا بتزويد الجيش العراق بالعتاد الازم، وبدأت العملية العسكرية ضد داعش في أول يوم من الشهر الجاري بدأت من محافظة صلاح الدين ومازالت مستمرة.
حوالي 30 ألف جندي عراقي إيراني انضموا لهذا التحالف البري مما جعل قوات داعش ومناصريها من عشائر سنية يتقهقروا أمامها ويتراجعوا مما سهل علي هذا التحالف إسترجاع أجزاء كبيرة من محافظة صلاح الدين[تكريت]، بعد سيطرة الجيش العراقي ومليشيات الحشد الشيعي علي قري ونواحي عدة في المحافظة قاموا بإرتكاب نفس جرائم داعش بل وأبشعها حيث قاموا بحرق قري كاملة فوق أهليها وقاموا بحرق الأطفال دون أي رأفة، ليثبتوا لنا أنهم الوجه الأخر لنفس العملة الداعشية الإرهابية وإنهم مجموعات طائفية إرهابية تذبح وتقتل أبناء الطائفات الأخري دون أي شفقة أو رحمة.
كما أن قيام جنود هذا التحالف بتصوير جرائمهم وبثها لا تُعتبر رجولية إطلاقاً بل هي منظمة ومنسقة ليتم تداولها علي المواقع المؤيدة لذلك التحالف لرفع معنوايات مؤيديه، لو قمتم بالتصفح ببعض المواقع الشيعية ستجدون روح المعنوية العالية التي سيطرت علي مؤيدين هذا التحالف بعد مشاهدتهم لتلك المشاهد الإجرامية، وتوجيه رسالة رعب إلي القبائل السنية المتحالفة مع داعش لتحذيرهم من نفس المصير الذي يمكن أن يؤولو إليه جراء دعمهم لداعش، وهنا يتضح نفس الأسلوب الإرهابي الإعلامي الذي تستعمله داعش لردع أعدائها.
في النهاية كما رأينا الأساليب الإجرامية التي قامت بها داعش، تُترجم بشكل أقوي وأشنع علي أيدي التحالف والحشد الشيعي ضد المواطنين العزل في المناطق السنية التي سيطرت عليها بعد المعارك الجارية، أيضاً وإن كانت تقنيتهم التصويرية أقل جودة من التقنية التصويرية الداعشية إلا أن قيامهم بتصوير جرائمهم وبثها يدل علي أنهم الوجه الأخر للعملة الإجرامية الداعشية.
وياحسرة علي عراق المجد الذي سقط بين أيدي صعاليك و إرهابيين مجرمين مُسيارين بأجندة خارجية تخدم أهداف ومصالح دول أجنبية!.