في ظل التسارع في الخطوات التي تجري بنا إلى الغربة من كل البلاد العربية لتستقر الخطوات في أرض لا تتكلم العربية غير بعض الحناجر التي كان قدرها مشابه لقدري في الهجرة من الأرض العربية لعدة أسباب بين باحث عن الحرية أو عن لقمة العيش أو هربًا من الجنون الذي أصاب أرضنا.
عند الاجتماع بالعرب من الأقطار المختلفة من المغاربة والمصريين والسوريين من أقطار الوطن العربي نجد أن اللهجتين المصرية والسورية مفهومة رغم بعدها بصورة كبيرة عن العربية الفصحى، بينما تجد صعوبة في فهم المغربي (أقصد أقطار المغرب العربي) أو العراقي رغم أنها لهجات عربية أيضًا، فما هو السبب!
رغم كل ما يقال عن السينما المصرية فإن أهم ما حققته هو فهم العرب للهجة المصرية، حيث يفهم العرب بشكل عام كثير من مصطلحات اللهجة المصرية ويعود السبب في ذلك إلى النجاح الكبير للسينما المصرية في الوصول للجمهور العربي بشكل عام وخلق حالة من التواصل جعلت المصري يخاطب أي من الأشقاء العرب دون أن يجد صعوبة حقيقية في تغير لهجته إلى الفصحى.
في العقد الأخير قفزت الدراما السورية إلى هرم الشاشة الصغيرة بالمسلسل الشهير (باب الحارة) الذي أصبح من علامات شهر رمضان خلال السنوات الأخيرة؛ الأمر الذي نشر اللهجة الشامية بشكل كبير جدًا لدى المتابع العربي وجعل الشامي لا يجد صعوبة بالتواصل أيضًا بلهجته المحلية مع أبناء الوطن العربي.
بينما يجد العراقي صعوبة في التحدث بلهجته العامية فيلاقي مجموعة من علامات التعجب على الوجوه العربية التي يحدثها عن معنى الكلمات التي طرحها من لهجته المحلية؛ الأمر الذي يدفعه للهرولة إلى الفصحى ليستطيع إيصال ما يريد، بينما يشق الأمر جدًا عندما نتكلم عن المغرب العربي فلهجاتهم السريعة التي تأثرت بشكل كبير باللغة الفرنسية جعلت السامع يعتقد أن المتكلم غير عربي أصلاً لذلك يضطر المغاربي للعودة للفصحى.
هذا الأمر يجعلنا نفكر بحجم تأثير الإعلام على الشعوب وقدرته على طرح ثقافات البلدان وزرع أواصر التواصل وإدراك أهمية الفصحى التي تجمعنا إن عز علينا الإعلام بطرح اللهجات المحلية وإيصالها إلى البلدان العربية.
ويبقى السؤال الأهم هل سنجد من يسوق لهجات بقية الأقطار العربية أم سنرجع للفصحى على أنها الجامع الأكبر للهجات العربية؟
إلى ذلك الحين سوف أبقى أهرول إلى الفصحى عند كل نقاش مع أخ عربي لن يفهم لهجتي المحلية.