ترجمة وتحرير نون بوست
تسعى إدارة أوباما إلى طمأنة حلفاء الولايات المتحدة والمشككين في الكونغرس أن الاتفاق النووي الذي تتم مناقشته مع إيران لن يؤدي إلى انفراج أوسع في العلاقات مع الجمهورية الإسلامية، حيث قال وزير الخارجية جون كيري خلال زيارته إلى الرياض الأسبوع الماضي “نحن لا نسعى إلى صفقة كبرى”، والهدف الواضح من هذه الزيارة هو طمأنة الشريك السعودي الذي يرى أن أمريكا تسعى للتصالح مع إيران العدو الأكبر للسعودية، حيث شدد كيري على أن الولايات المتحدة “لن تتهاون مع ممارسات إيران الأخرى التي تعمل على زعزعة الاستقرار في أماكن مثل سوريا ولبنان والعراق وشبه الجزيرة العربية”.
من السهل فهم الدافع السياسي خلف هذا التوضيح الأمريكي، ففي الأشهر الأخيرة، انتشرت فكرة استعداد الرئيس أوباما للانقلاب على السياسة التي تتبعها الولايات المتحدة منذ 35 عامًا والرامية إلى احتواء النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط، حيث تم تداول هذه الفكرة على نطاق واسع من قِبل المسؤولين العرب والإسرائيليين والمتابعين داخل الولايات المتحدة، ومعارضة هذا التغيير والانقلاب هو أحد الأسباب التي تولّد قلق حزبيّ الكونغرس حول الاتفاق النووي المحتمل مع إيران.
في الحقيقة يمكن القول إن أوباما ذاته قام بتغذية هذه الشائعات، فوفقًا لتقارير إخبارية، أرسل أوباما أربع رسائل خاصة إلى المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، آية الله علي خامنئي، ووفقًا لصحيفة وول ستريت جورنال، كانت أحدث رسالة في أكتوبر، تؤكد لآية الله أن الولايات المتحدة لن تهاجم القوات الإيرانية أو حلفائها السوريين في العمليات الجوية التي يقوم بها التحالف الدولي ضد الدولة الإسلامية، وعلى الصعيد العلني، قال أوباما في مقابلة له في ديسمبر من العام الماضي إنه يأمل في أن الاتفاق النووي “سيكون بمثابة أساس بالنسبة لنا لتحسين العلاقات مع إيران مع مرور الوقت”، وأضاف أنه إذا وافقت إيران على الاتفاق يمكن أن تصبح “قوة إقليمية ناجحة للغاية”.
يمكننا أن نفهم سبب انزعاج وقلق زعماء الشرق الأوسط من هذه التصريحات، لأن طهران تضطلع بما أسماه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “مسيرة الغزو والقهر والإرهاب”، وتهاون الولايات المتحدة في مقاومة محاولات الهيمنة الإيرانية الإقليمية، سيكون له نتائج إستراتيجية كارثية بالنسبة لإسرائيل ودول الخليج الفارسي، حيث صرّح وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل بعد لقائه كيري بأن التوسع الإيراني هو مصدر القلق الرئيسي والأساسي لدول مجلس التعاون الخليجي.
ولكن للأسف، تأكيدات الإدارة الأمريكية تتناقض مع أفعالها، ففي الوقت الذي استمرت فيه المفاوضات النووية مع إيران، رفض أوباما دعم العمل العسكري ضد نظام بشار الأسد في سوريا، بما يتوافق مع الوعد الذي التزم به في رسالته إلى آية الله، كما باركت الإدارة الأمريكية ضمنيًا الهجوم المستمر الذي تقوده إيران على معاقل السنة في العراق، فضلاً عن أن هذه الإدارة بقيت متفرجة خلال الإطاحة بنظام الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي الموالي لها من قِبل مليشيات الحوثي المدعومة إيرانيًا، زد على ذلك أن الإدارة الأمريكية لم تأتِ بأي رد فعل لمواجهة نشر إيران للآلاف من المقاتلين الشيعة في جنوب سوريا بالقرب من مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل.
هذا السجل الحافل لإدارة أوباما، يثير التساؤل حول ماهية ردة فعل الإدارة الأمريكية في حال واصلت إيران سياساتها الجريئة عقب توقيع الاتفاق النووي، هل ستساعد أمريكا حلفائها؟ أم أنها سوف تتبع سياسة ضبط النفس منعًا من انهيار الاتفاق النووي ولـ “تحسين العلاقات مع مرور الوقت”؟
في الأسبوع الماضي أشار أوباما أنه إذا حصلت إيران على أسلحة نووية فإنها ستصبح أخطر بكثير، وهذا سوف يعطيها مجالاً للتحرك بشكل أكبر في المنطقة، وهذا بالطبع مبدأ وجيه، ولكن مثار القلق هنا هو أن تعمل سياسات أوباما الحالية بالتناغم مع رفع العقوبات عن إيران، على تحقيق ذات النتيجة.
المصدر: افتتاحية واشنطن بوست