القصة بدأت من حيث هناك، العنف، القتل، بل الإبادة، إنها داعش الجاهلية، ولعلني أظلم الجاهلية ورجالاتها، فما كان يحكم وقتها: قيم ومبادئ ومعايير، لا يتم تجاوزها، واليوم شريعة الغاب هي من تحكم، لازالت تلك البقايا النائمة، التي تتحرك باسم الدين وهو منها براء، تقعد وتأمر وتنهي، حيث الظلم والقهر والإبعاد والإقصاء، هنا داعش.
ثلة ممن لبسوا ثوب الدين، وتاجروا به، فهم لمن يدفع أكثر، حيث لا قانون يحكمهم، ناهيك عن ضمير كبرنا عليه، وشيعناه إلى مقبرة اللارحمة، ممارسات حيوانية، وهنا أقدم اعتذاري للحيوان، فدم صديقي المسيحي، والإيزيدي، والصابئي، في رقبتهم، حتى (…..) ابن الـ 18 ربيعًا وهو إعلامي من نينوى شمال العراق أعدموه بتهمة التواصل مع وسائل الإعلام الخارجية، ما لكم كيف تحكمون؟
لباسهم أسود كما قلبهم، فلا مجال للرحمة عندهم، يتغنون بالدم، ويمازح بعضهم الآخر بالذبح، ويغني أحدهم لمقتوله، فلا غابة ولا جاهلية، هنا داعش.
تتنوع لهجاتهم، وتختلف لغاتهم، ويجمعهم لثام أسود، يحمل في طياته حقدًا أسود، يمني النفس القضاء على كل معاني ما تبقى من إنسانية إلا شريعة اللاشريعة، فلا ترى خلالهم وبينهم، إلا مغول يحرقون ويقتلون، ويسومون الناس سوء العذاب، يفجرون وينتهكون الحرمات، فلا حاجز أمام إجرامهم الأهوج.
أتوقع أن الحل لقصة داعش الطويلة يمر بثلاث مراحل:
الأولى: المواجهة المسلحة وينبغي أن تكون متكافئة، وهذا جهد حكومي بالدرجة الأولى مع التحالف الدولي وتزويد العشائر بما يمكّنها من مواجهة الدبابة بالدبابة والمدفع بالمدفع.
والثانية: معركة فكرية، فإن بذور الفكر الداعشي يتمثل في أشكال عديدة من التعصب الأعمى والتشويه للفكر السياسي الإسلامي واعتقاد مجموعة سياسية بأنها أكثر إيمانًا من مجتمعها أو اعتقادها بأنها تمتلك الوصاية على تفسير النصوص الدينية، وهذا يشكل مساحة مهمة وعدم إغفالها يؤدي إلى نتائج جيدة، فداعش لازالت تقوم بغسيل دماغ للشباب من الطلبة وغيرهم في المدارس والمواقع العامة بغية كسبهم فكريًا ومن ثم الزج بهم في معارك الخلاص منهم، وهنا يبرز دور المؤسسة الدينية في مقارعة الحجة بالحجة.
الثالثة: احتواء تنظيم داعش ربما يكون إستراتيجية أكثر واقعية من هزيمته، بالإضافة إلى لعب دور أكبر في القتال ضدهم في العراق وسوريا، وهذه نقطة غاية في الأهمية وقد تكون من الجرأة إثارتها الآن في ظل وضع مضطرب، لكنها قد تكون جزءًا من الحل وهذا ما صرحت به بريطانيا على سبيل المثال.
داعش إلى نهاية قريبة، وسيلحق الندم أتباعها أو من تعاطف معها، أو حتى من مارس الإنكار القلبي، لأن القضية تجاوزت الحدود والمواجهة لازمة.