في ظل الجنون الذي يعيشه الوطن العربي وحالة الحروب وعدم الاستقرار والمآسي التي لا تفارق أقطاره بين حرب واعتقالات ونسب فقر وانتهاكات لحقوق الإنسان والقائمة تطول لتجعل أعين الشباب العربي تتجه صوب الحلم بالهجرة إلى القارة العجوز.
إن الكوارث التي تحدث اليوم في سوريا والعراق بشكل خاص وما يحدث في ليبيا ومصر واليمن بشكل عام جعل الملايين يتوقون إلى الهجرة والبحث عن مكان آمن للعيش بسلام هو وعائلته، فالحرية التي تنعم بها دول أوروبا والرفاهية والحفاظ على حقوق الإنسان جعل الجميع ينظر إليها كأنه حلم مستعد للتضحية في سبيل الوصول إلى ذلك الحلم.
ويبقى السؤال كيف الوصول إلى ذلك الحلم (أوروبا)؟
لعل الجواب البديهي على هذا السؤال أن يقوم الشخص بتقديم أوراقه إلى الأمم المتحدة عن طريق أحد مكاتب المنظمة في أنقرة أو عمان أو القاهرة، لكن هل فعلاً هذا هو الطريق المتبع للوصول إلى أوروبا خاصة إذا علمنا أن وراء أبواب منظمة الـ UN إجراءات معقدة ومواعيد للترحيل تطول لسنوات؛ فقد وصلت المواعيد إلى سنة 2023 وهذا يجعل الأمر شبه مستحيل ويجعل الطريق الشرعي للهجرة مغلق ويُفتح بمعجزة لبعض الأشخاص بين حين وآخر ليبقي أمل هزيل للآخرين فيضطر الكثيرون إلى اختيار الطريق الآخر وهو الهجرة غير الشرعية.
في هذا المقال سنسلِّط الضوء على طرق الهجرة غير الشرعية الموصلة إلى أوروبا، والآلية التي تتبعها المافيا التي تديرها.
أولاً: الطريق البحري
وهو الطريق الأكثر خطورة والأكثر استخدامًا، ويفضل الناس والمهربون طريق البحر لعدة أسباب أهمها قلة التكلفة للفرد والقدرة على الاستيعاب لعدة أشخاص ولوجود أكثر من دولة تمتلك طريقًا بحريًا إلى أوروبا (دول حوض البحر المتوسط)؛ مما جعل الطريق البحري هو الأكثر استخدامًا.
يعد المهربون ومافيا الهجرة غير الشرعية من أكثر الناس ثراءً نتيجة عمليات التهريب التي يقومون بها والتجارة بآلام الناس.
يكون التهريب البحري بجمع عدد من الراغبين بالهجرة في مركب بحري (عادة ما يستخدمون مراكب قديمة) ويتم الإبحار في البحر المتوسط باتجاه دول جنوب أوروبا مثل اليونان وإيطاليا وغيرها، وعادة ما تغرق هذه المراكب في عرض البحر بسبب عدم قدرتها الملاحية، وفي حالة الاقتراب من السواحل للدول الأوروبية يقوم المركب بالتوقف وإنزال المهاجرين في عرض البحر لكي لا يتم احتجازه من قِبل حرس السواحل لتلك الدول، إن نسبة نجاح الوصول قليلة جدًا وحالات الغرق في البحر كثيرة جدًا، لكن مع ذلك تجد الآلاف يجازفون بهذه الطريقة للوصول إلى القارة العجوز.
ثانيًا: الطريق البري
تعد تركيا هي الدولة الوحيدة التي يستخدم المهربون أراضيها لغرض الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، حيث يقوم المهربون ومافيا الهجرة غير الشرعية باستخدام طرق غير معبدة والسير بعدد صغير من الذين يرغبون بالهجرة في مناطق وعرة مثل غابات وأراض غير مأهولة لعدة أيام يتخللها مناطق حدودية، وعادة يتم إلقاء القبض عليهم وترحيلهم إلى بلادهم إلا في حالات نادرة يستطيعون العبور والوصول إلى أوروبا (أرض الاستيطان)، لكن الطريق البري رغم خطورته خاصة في قطع غابات بها الكثير من حيوانات الافتراس، فإن خطورته تبقى أقل من الطريق البحري.
ثالثًا: الطريق الجوي
يعد هذا الطريق الأكثر أمنًا والأصعب من ناحية التطبيق؛ فالفكرة تكمن في إيجاد جواز لشخص أوروبي يُشبهك شكلاً ويقوم بإرسال الجواز لك عن طريق مافيا التهريب ليتم نقلك جوًا باسم الشخص الأوروبي وفي حالة تعرف الشرطة عليك فإنه سيتم إرجاعك وعندها سيقوم الأوروبي بتبليغ السلطات بأن جوازه قد سُرق، ولكن الصعوبة تكمن في إيجاد جواز لشخص يشبهك وقدرتك على العبور من نقطة ختم الجوازات في المطار دون التعرف عليك.
في الحقيقة الخطورة لا تكمن في الطرق الثلاثة التي ذكرناها، ولكن الخطورة في تجار الحروب ومجموعة النصابين الذين عادة ما يقومون بالاتفاق مع عدد من الناس وسرقة أموالهم والهرب بها وهي من أكثر الحالات التي تحدث، فتجد النصابين يقطفون تعب سنوات الكثير من الذين واصلوا العمل في الليل لجمع مبلغ الهجرة إلى أرض تحترم كرامتهم وتحافظ على أمنهم.
إلى أن يختفي الجنون من بلادنا العربية سنبقى بين المطرقة والسندان مطرقة الأرض المجنونة وسندان مافيا التهريب.