التواصل المستمر عبر التكنولوجيا الرقمية يؤثر على ذكائك

3024607-poster-p-1-5-of-the-best-and-worst-social-networking-trends-for-2014

تشير الإحصائيات إلى أن نحو 98% من المراهقين الشباب في المرحلة العمرية بين 14 عامًا و24 عامًا في ألمانيا يستخدمون الإنترنت على الهواتف المحمولة الذكية بشكل مستمر، وذلك  في أنشطة تتنوع بين نشر صورهم على مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك أو الحديث مع الأصدقاء عبر برامج الدردشة المختلفة.

وفي إطار هذه الظاهرة رصد باحثون في إحدى المدارس الثانوية الألمانية تأثير مثل هذا السلوك على التلاميذ داخل المدرسة، أبرز ما لاحظه الباحثون أن المراهق في هذه المدرسة يعاني من انفصام بين عالمين؛ عالم افتراضي وهو رسائله الخاصة في الدردشة والتي ينتظر الرد عليها، وعالمه الواقعي في المدرسة والذي يتأثر بشكل كبير في صورة تأخر عملية التحصيل والتركيز وذلك لوجود ما يطلق عليه علم نفس التعلم “مشتتات الانتباه”.

كما أكد بعض الباحثين وفقًا لموقع “فراون تسيمر” الألماني، أن التواصل المستمر عبر التكنولوجيا الرقمية يؤثرعلى ذكاء الشخص بنسبة كبيرة، لاسيما أنه يفقد مع الوقت الذاكرة البعيدة والقدرة على التركيز، خاصة أن هذه البرامج تتميز عادة بالسهولة البالغة ويمكن لكل مراهق أو حتى طفل استخدامها بكل يسر.

أما في نطاق الاجتماعيات فهذه الوسائل هي مجرد وسيلة للهروب من التعامل المباشر، وإقامة العلاقات الاجتماعية، بادعاء الانشغال بها، وضعف هذه العلاقات وندرة القيام بالزيارات الاجتماعية، يضعف التحاور وتبادل الخبرات والمشاعر، وتُسْتَبدل الرسائل القصيرة بها، وهو ما يفقد الإنسان القدرة على اكتساب خبرات من مجتمعه.

هذا وقد بينت الدراسات النفسية أن أكثر الأفراد تعرضًا لخطر الإصابة بمرض إدمان الإنترنت والتكنولوجيا الرقمية الحديثة، هم الأفراد الذين يُعانون من العزلة الاجتماعية، والفشل في إقامة علاقات إنسانية طبيعية مع الآخرين، والذين يُعَانون من مخاوف غامضة؛ وذلك لأن العالم الإلكتروني قدم لهم مجالاً واسعًا لتفريغ مخاوفهم وقلقهم، وإقامة علاقات غامضة مع الآخرين، تخلق لهم نوعًا من الأُلفة المزيفة، فيصبح هذا العالم الجديد الملاذ الآمن لهم، وهو ما يهدد حياتهم الاجتماعية والشخصية.

ولبيان أهمية العلاقات الاجتماعية التي تؤثر عليها هذه التكنولوجيا الرقمية بشكل مباشر عند الإفراط في استخدامها، توصل فريق بحثي أمريكي من جامعة “يونغ بريغهام” إلى أن قضاء وقت سعيد مع الأهل والأصدقاء، يقلل من خطر الموت المبكر بنسبة 50%، وصرح أعضاء الفريق بأن العلاقات الاجتماعية القوية مفيدة للصحة تمامًا مثل التوقف عن التدخين؛ حيث إن ضعف العلاقات الاجتماعية يوازي تدخين 15 سيجارة في اليوم، وتراجع الحياة الاجتماعية يعادل معاناة إدمان الخمر، وتأتي أهمية العلاقات الاجتماعية في أنها تفيد صحة الإنسان أفضل من اللقاحات التي تمنع الإصابة بالمرض؛ ذلك أن الإنسان خلق كي يعيش مع غيره، وعزلته عن الناس تُسبب له أمراضًا نفسية وصحية، ولذا يحذر منه الباحثون من الإفراط في استخدام وسائل الاتصال الرقمية إلى الحد الذي يقضي على العلاقات الاجتماعية.