تشهد المنطقة تغيرات في الأحلاف السياسية على ما يبدو، فبين قيام أحلاف جديدة وفك أواصر الروابط بين أخرى تدور منطقة الشرق الأوسط التي تمثل كرة اللهب التي يتقاذفها الجميع.
واستكمالاً للنمط السياسي الجديد الذي تتخذه الإدارة السعودية إزاء كافة المعضلات التي تحيط بها، فإن ثمة تأكيدات من الداخل السعودي والداخل التركي نشرتها صحف ومواقع خليجية بأن البلدين يسيران في اتجاه تشكيل قوة عسكرية مشتركة لحسم الأزمة في سوريا.
شددت المصادرالصحفية المقربة من السعودية على أن الاتفاق التركي السعودي تم إنضاجه خلال الزيارة الأخيرة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى المملكة العربية السعودية ولقائه بالملك سلمان.
بينما الداخل التركي يتحدث عن اتجاه تركيا للتدخل عسكريًا في سوريا ضد تنظيم الدولة مع بداية الحرب البرية، ولكن الأمر لن يقف عند هذا الحد بل سيمتد لمواجهات مع النظام السوري لحسم القضية السورية، ولكن كل هذا مرتبط بالانتخابات التشريعية التركية التي ستتحكم نتائجها في كل هذا.
الإعلام السعودي احتفى بزيارة أردوغان رغم تباين العلاقات الخارجية بين الدولتين على صعيد مواجهة الأزمات الإقليمية كالانقلاب العسكري في مصر والموقف من حركة الإخوان المسلمين، لكن يبدو أن السعودية قررت أن تلجأ إلى تركيا كشريك في مواجهة إيران الفترة القادمة وتجاوز مرحلة عداء الجميع بسبب الموقف من الإخوان المسلمين.
أكدت دوائر إعلامية مقربة من النظام السعودي هذا الاتجاه بعدما أعلنت وبوضوح ضرورة إقامة تعاون مشترك بين البلدين خاصة الفترة القادمة لمواجهة تحديات المنطقة المتسارعة، كما أكدت نفس الدوائر المقربة من النظام السعودي ضرورة تجاوز عقبة الإخوان المسلمين وعدم اعتبارمواجهتهم أولوية المرحلة وتبني سياسة بناء حلف سني في الشرق الأوسط هي الأولوية الأهم ويأتي بعد ذلك ما يأتي.
السعودية تعتقد أنها قد قلمت أظافر الإخوان المسلمين لذا لا خطر منهم في هذه اللحظات بل إن الإخوان في حاجة إلى الدعم السعودي، هكذا يفكر صناع السياسة الخارجية في السعودية، فخطوات اتصال مباشرة بالإخوان باتت وشيكة ولكنها مؤجلة الآن لحين الانتهاء من ترتيب البيت الداخلي ومن بعده الإقليمي.
لم يكن هذا الكلام الأوحد الذي يُظهر بادرة تدخل سعودي تركي عسكري في سوريا، بل طفت على السطح منذ أيام تصريحات وتسريبات تؤكد أن دولاً غربية أبرزها فرنسا، وبدعم عربي من عدة دول في مقدمتها قطر والسعودية، قد اتخذت قرار مواجهة الآلة العسكرية لنظام الأسد وتنظيم الدولة في آن واحد، وتغيير المعادلة برمتها في سوريا .
وتتزامن هذه المعلومات أيضًا مع إعلان رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية مارتن ديمبسي، أن الولايات المتحدة مازالت تناقش موضوع توفير الحماية العسكرية لقوات المعارضة السورية، كما أكد أن هناك تنسيقًا بين أمريكيا وبين تركيا بغية التوصل إلى اتفاق، وفرض منطقة حظر للطيران في سوريا كما حدث في ليبيا إبان القذافي.
فيما أكدت قوى معارضة سورية في الخارج أن المملكة العربية السعودية تتخذ موقفًا إيجابيًا فعّالاً من الثورة السورية في هذه الأوقات وبالتحديد بعد تولي الملك سلمان مقاليد الحكم في المملكة، فيبدو أن السعودية أدركت الخطر الإيراني المحدق بعد فوات الأوان، وأدركت أيضًا أن عليها التصدي بجدية للذراع الإيرانية في سوريا بشار الأسد ونظامه.
هذا ما أكده خالد خوجة رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة في تصريحات نوه فيها إلى أن أي تقارب تركي سعودي سينعكس على الثورة السورية بإيجابية، وإذا أثمر هذا التقارب عن وجود دول أخرى ستكون أمام الثورة السورية نافذة كبيرة من الفرص المهمة جدًا للخروج من مأزقها على الأرض.
كل التحالفات الجديدة التي تتشكل على الأرض والتي تضر بالسعودية بشكل مباشر يدعوها إلى التحرك الجدي بشأن حسم القضايا العالقة كالقضية السورية والتي دعمتها السعودية منذ يومها الأول ولكن بشكل غير فعّال لم يؤثر في النتائج على الأرض، لذا فإن السعودية تتجه إلى خطوات عملية فعّالة لتغيير الوضع الميداني في سوريا.
هذا الاتجاه أتى بعد الحصار الإيراني لدول الخليج العربي وامتداد النفوذ الإيراني في كل مجالات السياسة الخارجية السعودية كاليمن والعراق ولبنان وسوريا بالطبع، فكان القرر السعودي المتخذ هو تشكيل حلف سني بقيادة تركية سعودية لحصار التمدد الإيراني الشيعي خاصة في سوريا.