شاهدت إسلام البحيرى لأول مرة على الشاشة مُنذ ثلاث سنوات تقريبًا، كان يتحدث في بدايات برنامجه الناشئ وقتها، استمعت للحظات ووجدت نفسي مع الديكور والإضاءة الخافتة جدًا، المكتب البسيط وأسلوبه الهادئ الوديع، أكاد أغرق من الملل، تابعت الموشر ورحلت ورحل!
اليوم:
المكتب يبدو أكثر فخامة والديكور والإضاءة الخافتين يتحولان لصفار ساطع يصفع العين صفعًا! الأسلوب الوديع تبدل “قليلاً” وأصبح أكثر تحديًا وأكثر إصرارًا مع نغمات صوتية هادئة تبدو لغير الدارسين ثقة كبيرة بالنفس وبما يشرحه. بالأمس كان المشاهدون قلة حائرة بين المحطات، اليوم اصبحت القلة “كثرة” بين مُشجعين ومُتعصبين أو بين ناقمين وحاذقين والجميع في انتظار نهاية الحلقة حتى يأخذ “مقاطع” ينشرها مع تعليقات مثل: “الفاجر إسلام يقول …” أو ببساطة:”المفكر والباحث إسلام يقول ….” يجمعهمها “يقول ” ويفرقهما “الناشر “
•هل أنت شيخ أم داعية؟
أعوذ بالله أنا لست هذا ولا ذاك، أنا مفكر وباحث، والشيخ أو الفقيه أو المفتي هذه مناصب ليس بها أي إبداع حيث لا يملك أي منهم إلا ما قاله وما نطق به “صاحب المذهب” دون إنتاج أو إضافة جديدة.
إسلام يعرف جيدًا أن كلامة ليس جديدًا، الاُطروحات ذاتها تبدو مُتكررة والحديث عن تنقية كُتب التراث تتجاوز حدودها المائتين عام أو يزيد، منهم من قالها لطفًا ومنها من قالها باعًا، إسلام يبدو بأسلوبه الهادئ الواثق من مدرسة روادها فرج فودة، نصر حامد أبو زيد وجمال البنا، هو نفسة لا يُخفي تأثرة بدرجة ما أو لأخرى بهم .
• هل ترى نفسك فرج فودة الثاني؟!
من سبق له الأفضلية دائمًا بعيدًا عن أي مقارنة، وطبعًا الدكتور فرج فودة كان مهتمًا جدًا بالإسلام السياسى والغوص في أعماق التاريخ لأن العيب في تفاسير الدين فب الكتب القديمة التي كتبت عبر التاريخ، وأنا أرى أن ما يتم طرحه اليوم من قِبل السلفيين والجماعات الإسلامية في كتب البخاري ومسلم ليست الإسلام الذي نزل من عند الله على رسوله الكريم، وطبعًا د.فرج فودة ود.حامد أبو زيد كانا يواجهان الأفكار التى تشرحها وتدعيها هذه الكتب، وهؤلاء عظماء لا أقارن نفسي بهم ولكن «أقول أني كمن أقف على أكتافهم» وربما أرى أبعد في نقاط كثيرة وذلك بحكم الزمن والعصر!
أساليب مُختلفة ..والهدف واحد:
بعد وفاة جمال البنا وتوقفة بفترة قبل وفاته عن الدخول في سجال أو فتح مواضيع جديدة بدت الساحة خالية/ فارغة من هذا الأسلوب والمنهج تحديدًا في النقد التفحيصي لأسلاف المسلمين وما كتبوه، لم يتوقف الهجوم بل توقف هذا المنهج تحديدًا، والفرق بين. إبراهيم عيسى مثلاً لة أسلوب استحدثة في نقد كُتب التراث تعتمد على السخرية اللاذعة والكوميديا الهائمة، ولسنوات عديدة ظل يتحدث وظلت برامجه تلقى رواجًا كبيرًا بين المعارضين والمويدين.
إبراهيم كان ذكيًا وفطنًا ويعرف أنه يستطيع تمرير انتقاداته ضمن قالب كوميدي لتسويق أفكاره بشكل أكبر من جهة ولامتصاص أكبر قدر ممكن من الغضب من جهة أخرى.
لكن التاريخ يشهد أن مدرسة فرج فودة ورفاقة كانت أكثر جدلاً/ أكثر جذبًا للرد من جانب السلفيين والجهاديين تحديدًا، فرج فودة تعرض للاغتيال ورفاقة الاثنين لم يسلما من العنف وفتاوى: الحسبة – الردة.
الأسلوب الهادئ الواثق الذي تتبعة المدرسة تراة المؤسسات الدينية يشكل خطرًا كبيرًا وداهمًا على المشاهدين، حيث يتم بث الأفكار بصورة ثابتة وواضحة، والأهم/ الأخطر أنها تتم بثقة كبيرة في الذات وفي المُتلقي، ومهما بلغ “استفزاز” المُناظر يتم الاحتفاظ بالهدوء والرصانة في المواجهة بما يُبرز للمشاهدين ضعف أفكار الطرف المُحاور وتنتهي لصالح مدرسة فرج ورفاقه.
هذة نقطة ومفتاح هام جدًا في فهم إشكالية إثارة إسلام لكل هذا الجدل والنقاش.
• هل لديك إحساس بأنك من الممكن أن يتم قتلك مثلما كانت نهاية فرج فودة”؟!
طبعًا يساورني الشعور من وقت لآخر والحقيقة من قتل فرج فودة هو تخلي الأزهر عن دوره، والأزهر حتى الآن ينكر موضوع “القتل على الهوية” الذي حدث في القرن الثامن حتى يرضى الملك أو الحاكم ولكن لم يأمر الرسول بأي من ذلك، الحقيقة في الأزهر وداخل عقول شيوخه الكثير من الأمور الخاطئة والتي تحتاج إلى مراجعة!! لأنهم يقفون مكتوفي الأيدي بل يجدون أن من يقتل أي شخص مختلف معه في الفكر أو المذهب يجدونه مطبقًا لشرع الله، وبمعرفتي بالإسلاميين والأزهريين أعلم أن المعركة معهم “مش سهلة” وأحملهم مسؤولية قتل فرج فودة وتكفير نصر حامد أبو زيد، واليوم تقوم الدنيا عليَّ لأنني أقول إن “من الممكن أن يدخل الجنة غير المسلم”، الناس ضاعت وتاهت بسبب المنابر التي يعتليها قصيرو الفهم والتفكير أدعياء هذا الزمان! ومن يريدون إسكات صوت التنوير الإسلامي بالقتل والتكفير! وأعرف أنه ليس من طبعهم أن يتركوا صوت مفكر يزعجهم بأى شكل ولكن أطلب منهم ألا يقتلونى قبل أن تصل أفكاري وأكمل طريقي لنهايته!
تطور أسلوب وتطوير النقد:
يعترف إسلام بشكل صريح بأنة “نُسخة أكثر تطورًا وتحديثًا” من رواد مدرسته وأنه يصل اليوم لنقاط هو أسماها بكونها “أبعد وأكثر تطورًا” بحكم الزمن.
المثير أن النقد قد شابه – ليس فقط – من التطوير الكثير من ناحية هدوء الأسلوب، بل انتقلت الانتقادات لمستوى كبير من الحدة والغلظة برؤوس مقالات مثل: “احرقوا كتب البخارى .. انتخبوا الله”، وكلمات مثل “المجرم، القتلة، الفسدة …إلخ”.
في وصف أسلاف المسلمين، يبدو إسلام نسخة أكثر حدة وصراحة في النقد، بل وحتى في مقارنة قصيرة بإسلام الماضي نجد اختلافًا ملموسًا عن الماضي القريب جدًا، حيث كان أكثر هدوءًا ووداعة عن اليوم في حين تزداد الجرعة حلقة عن حلقة وأسبوع عن أسبوع أسخن فأسخن عن السابقة.
الزيادة ذاتها اتبعها إبراهيم عيسى، حيث بدأ هو الآخر في زيادة جرعة السخرية بطريقة غير مألوفة ومثيرة للمُلاحظة عن ذي قبل وأصبحت أكثر حدة وجرأة حتى طال نقده الخليفة الأول بعد وفاة النبى وصديق جُحرة أبي بكر الصديق.
وبينما كان المصريون غارقون في التفاصيل وتفاصيل التفاصيل لحياتهم اليومية ومصيرهم الذي يتحرك على المحك وبينما ينشغل الإسلاميون بشدة جراء الملاحقات الصارمة خلفهم أصبحت حوائط السد والرقابة تداثر يومًا بعد يوم وأصبح رفع الجرعة شيئًا متلازمًا ومطردًا مع نشر داعش لفيديوهاتها الوحشية المصحوبة بمقتطفات مُعللة لأفعالها من كتب السيرة لتبرير دمويتها الهائلة. أصبحت الأرض إذن أكثر “تهيؤًا وقابلية” لزرع أفكار أكثر حدة وجرأة غير مسبوقة بل وحتى تطاول، حتى وصل الأمر لنعت البخاري ذاتة ولأول مرة في التاريخ الإسلامى بكونه “مسخرة”!
• كيف تصف داعش؟
للأسف داعش لا تختلق شيئًا من عندها هي تطبق ما هو موجود في كتب البخاري ومسلم والمذاهب الأربعة، وعندما تقتل الشيعة مثلاً أو طائفة أخرى هي تتخذ ما هو مكتوب في الكتب التي يدرسها الأزهر ويتكلم بها، يجب أن تتم مراجعة دور الأزهر ويجب ألا يختار شيخه رئيس الدولة أو جهاز من أجهزة الدولة، فالأزهر هو مدرسة العلم والعقل، لكن أين هؤلاء والمتنورون في الأزهر!
طريق قصير مُمهد للشهرة:
بينما كانت الشُهرة في الماضى صعبة أصبح سب أسلاف المسلمين أسرع وسيلة للشهرة.
من الشاهد أن إسلام البحيرى كاسم ظل مجهولاً وغير معروف لسنوات رغم أن ملامح تفكيره قد تبلورت وبدأت في الظهور والخروج عام 2002 أي قبل ما يوازي ثلاثة عشرعامًا كاملين.
إسلام قرر أن يتجه لخطة أكثر طريقًا للشهرة والنفاذ وهي “المناظرات” حيث ظلت لسنوات عديدة المناظرات خاصة العقائدية والدينية في مصر هي المحفل الأوسع للنجاح الإعلامي، هذه نقطة أخرى وجب ذكرها.
• متى عرف “إسلام البحيري” الشهرة والذي ظهر فجأة للناس؟!
الناس بدأت تعرفني منذ مناظرتي أو مواجهتي مع السلفي أبو يحيى، ومناظرتي مع محمود شعبان صاحب الجملة الشهيرة “هاتولب راجل”، الاثنان كانا في عز نظام الإخوان سنة 2012 وهذه المناظرات هي السبب في معرفة الناس بي والحقيقة منذ تخرجى سنة 1996 وحتى سنة 2002 لم أكن مقتنعًا أن الناس في مصر تستطيع أن تستوعب فكرًا مختلفًا ينتقد إمامًا أو فكرة أو مذهبًا مثل انتقادي للبخاري ومسلم مثلاً ومازال داخلي إيمان أن مواجهة هذه الجماعات بالحجة والدليل من الكتاب والسنة هو الأقوى وإلى أن وصلت إلى مناظرة “أبو يحيى” السلفي وجدت أن هذه الحلقة وحلقة المناظرة مع محمود شعبان حدث بعدهما صدى وضجة أكثر من كتابتي في الصحافة لعشر سنوات متواصلة، وتركت الكويت وقررت بيني وبين نفسي أني سأحمل علمي وفكري وسأواجهم في عقر دارهم وفي ظل نظامهم، وبالفعل ظهرت في أكثر من برنامج كضيف إلى أن وصلت إلى فبراير سنة 2013 والمناظرة الشهيرة مع محمود شعبان وكنت مقتنعًا بداخلي أننا كتيار مدني لابد أن ننتصر على أفكارهم.
إسلام وجد في هذا الطريق المُمهد فرصة قصيرة لتحقيق شهرة هائلة يعتقد أنها لازمة لكل ذي قضية للوُصول لأكبر عدد ممكن من البشر وهو ما تحقق بالفعل وكان له ما أراد.
إسلام حديث عصرى جدًا:
بينما اضمحلت الساحة الدينية الدعوية بعد وفاة دعاة بارزين كالشيخ الشعراوا وإسماعيل صادق العدوي وغيرهم في العقد الماضي، ومع تحول مصر أكثر فأكثر لنُسخة أكثر تشوهًا/ دراماتيكية من الخليج أصبحت مصر في حاجة ماسة وملحة لأسلوب جديد في الدعوة يحاول رأب الصدع المتواصل في الدعوة.
لم يتاخر الرد كثيرًا بظهور عمرو خالد الداعية الشهير ببداية الألفية بدروس دينية مكثفة تلقى رواجًا هائلاً وقدرة هائلة على إقناع العشرات في كل حلقة بارتداء الحجاب أو العودة للصلاة والدين، نجح عمرو باحتلال مساحة كبيرة في الفكر الديني المصري وجلب المزيد من الحسد والغيرة لعلماء تقليديين ظل نجاحة معادلة غريبة بالنسبة لهم.
مدرسة عمرو خالد وروادها خاصة مصطفي حسني ومعز مسعود تحديدًا تجد نفسها الآن تضمحل وتضمحل وتنكمش بعد مضى عقد ونصف على ظهورها.
إن محاولة تبسيط الدين بصورة أكبر مما ينبغى وتبسيط صورة الشيخ الأثيرة من لحية طويلة وجلباب مُهيب إلى قمصان بولو أمريكية وجينز قد جلبت سخطًا هائلاً لا يتوقف من جانب السلفيين تحديدًا الذين يرون أن هذا ليس إسلامًا بل “تأسيس وتمييع ” خاطئ للدين.
على الطرف الآخر يقف العلمانيون في مصر موقف الساخر من المشهد ككل حيث لا يرون ذاك أو هذا قد يُمثل خيارًا مُلائمًا لفهم الشريعة من وجهة نظرهم وأن كلاً منهم لا يمكن/ يجب تطبيقة في مصر.
لكن أي فهم للشريعة قد يتماثل ويُتقبل في الفكر العلماني؟
• كيف تعيش حياتك الخاصة؟!
أعيش حياتي باتزان وتعقل مثلي مثل أي شاب ولي أصدقائي من الوسط الفني مقربين مثل المطرب الكبير عمرو دياب، ولا أجد أي مشكلة أن أدخل دار السينما وأحضر فيلمًا وأشاهده لأنني أدافع بشدة عن الفن وأقول لكل الجهلاء إن الدين الإسلامي عندما نزل على الرسول لم يدخل في تفاصيل تفاصيل حياتنا مثل “ندخل الحمام بالقدم اليمين ولا الشمال” هذه التفاصيل جاءت بعد وفاة الرسول واختلاط الحابل بالنابل، وأقول لهم إن شيوخ الأزهر في الأربعينيات بمصر كانت بناتهم وزوجاتهم من دون أي غطاء للرأس وكذلك كانت ابنة المرشد، مرشد الجماعة!
من جهة أخرى أنا رجل في منتصف الثلاثينيات لدي وعي تام بالخطوط الحمراء في حياتي الشخصية والعملية، يعني مثلاً ممكن جدًا أترك البلد نهائيًا لو وجدت أن نظام الحاكم يهاجمني أو يحجر على أفكاري، أما من يعارضونني من الإسلاميين فأقول لهم اتركوا الناس تعيش في سلام وإسلام معتدل إذا أردتم للدين الإسلامي أن يعود لأبهى وأزهى عصوره.
في محاولة لتفسير الفهم العلمانى للإسلام سنجد ملاحظة أولية واضحة تتمثل في حذف كبير وواضح لأساسيات ظلت مُتوارثة وثابتة في الفكر الإسلامي. عدم فرضية الحجاب – كمثال – والتشكيك في آيات الحجاب ظل لسنوات مُطولة رُكن ركين في الفهم العلماني للإسلام.
“الحجاب، الحج ، كتب التراث، شرب الخمور والمنتجات الروحية، حرية العقيدة، حرية المثليين، حرية الفن والتمثيل المطلقة وغيرها “، ظلت تلك المواضيع على رأس الفهم العلماني للإسلام ثابتة وراسخة لا تتبدل. على الجانب الآخر لا يبدو الأزهر “بانفتاحة ووسطيتة ” قادرا على تقديم تنازلات في مضمون العقيدة الإسلامية.
“بأكثر مما قدم” قد ينتقد مثلاً النقاب ويصفة بالشريعة اليهودية أو بعدم الإسلام، قد ينفتح أكثر على المعاملات الاقتصادية بنظرياتها الحديثة، قد يُعطي حقوقًا وحريات ملموسة للمرأة وحريات الفكر والفن، لكنه أبدًا لن يتحرك في مواضيع يرى أنها تتماثل مع أصول الدين وبإجماع جمهور العلماء وعليه، من وجهة نظر الأزهر. على المنتقدين ببساطة أن يتوقفوا عن نثر كل هذا الجدل حول هذه المواضيع مجددًا.
هذه الروية تحديدًا جلبت وتجلب وستجلب دومًا قذائف كبيرة ومدوية في مُواجهة الأزهر ويتم وصمه كثيرًا بأنه مُخترق من السلفية/ الجهاد والفكر الراديكالى الوهابي وبفكر الإخوان المسلمين تحديدًا.
هذا الأمر قد يُعطى تُفسيرًا واضحًا حول إشكالية انتقاد الأزهر بهذه القسوة والضراوة، ولماذا يتم اتهامه تارة بالوسطية والتنوير وتارات اُخرى بالرجعية والتخلف. الأزهر يبدو وكأنة يقف على حافة السيف والنار بين تنازل هنا للسلفيين أو تنازل هنالك للعلمانيين أو أن يتمسك “فقط” وببساطة بمنهجة ورؤيتة للدين والحياة. وفي ظل هذه الإشكاليات المتعددة لا احد يعلم متى سيصمد الأزهر تجاه كُل تلك القذائف التى تزداد يومًا عن يوم وبضرواة لا تُخطئها عين.
طارق نور ..نور طارق:
طارق نور شخص موهوب جدًا تتفق أم تختلف ستقف مشدوهًا أمام موهبة قوية وذكية. مُنذ بدايتة جلب طارق بصوته وأفكاره الجديدة والغريبة على الوطن العربي أنماط جديدة من الدعاية والإعلان. طارق يعلم جيدًا كيف يحقق نجاحًا في أي عمل يدخله حتى وصل وبجدارة لقمة العمل الإعلانى في مصر.
بموسسة إعلانات ضخمة وبتعاقدات كُبرى مع دول الخليج وبالوصول للعمل مع الرئاسة المصرية في عهدي مبارك والسيسي، يتحول طارق بشعره المصقوف وصوتة الرخيم لماركة إعلانية مسجلة من جهة وبالطبع ملياردير مصري يصل إلى مجلات فوربس من جهةً اُخرى. طارق يعرف جيدًا كيف يجلب الانتباه إلى قناته المُثيرة للجدل هو يعلم ويعرف ذلك جيدًا.
نشرة الأخبار التقليدية المملة كمثال بملابسها الرسمية المعتادة يستطيع طارق بعقلة الماكر أن يُحولها لجرعة مكثفة من الألوان الفاقعة والأهم بمذيعات فائقات الجمال يستحضرهن من لبنان يحرصن ويتعمدن إبراز العري والإغراء في الملبس والكلام.
مرة أخرى ذكاء طارق يحول نشرة إخبارية بتفاصيلها المملة العادية لوجبة جنسية وبصرية تُحقق أعلى معدلات المشاهدة من الشباب الذي يعلم كيف يلعب على نقاط ضعفه.
طارق يعرف جيدًا كيف يُجلب الانتباه والتركيز وإثارة الجدل وجعل الجميع يتحدث عنة دائمًا ببرامج مثل الراقصة ومقدمين مثل طوني خليفة وغيرهم من برامج الإثارة البالغة، يعرف طارق جيدًا طريق النجاح والأهم بالطبع الإعلانات.
• كيف وصل “إسلام البحيري” لبرنامجه ولقناة القاهرة والناس؟!
جاءني اتصال من طارق نور وكان في لندن وقال لي إنه بيفكر نعمل برنامج نواجه به الأفكار المتطرفة وما يفعله الإخوان في الدولة، وهذه الفتاوى الغريبة والعجيبة التي يخرجون بها علينا، وبالفعل بدأنا نفكر في أفكار حتى وصلنا إلى فكرة وجود مكتب أجلس عليه وأتحدث إلى الناس، وعملت ثلاثين حلقة في رمضان ونجح البرنامج وبعدها حدث فض رابعة في العيد وكانت القاهرة والناس تقوم بإعادة الحلقات تكرارًا ومرارًا وذلك لصعوبة وصولي إلى الإستديوهات والتصوير، لأن كان مجرد التجول في هذا الوقت أمرًا خطيرًا، وبعدها استكملت تصوير البرنامج ومنذ ذلك الوقت وبرنامج “مع إسلام” متواجد والحمد لله وبدأت أشرح ما معنى التنوير، وتحدثت عن الحلال والحرام في الفن وتعاملات البنوك، واليوم أجادل الأزهريين في أكثر المسائل المعقدة في الدين وأقول لهم أمامي عشر سنوات على الأقل ولن انسحب أبدًا!
إسلام البحيري يجلس وخلفة رجل قوي وداعم ماهر لطريقته والأهم أنه يؤمن وبشدة بأفكاره وأفكار سَلَفَ مدرسته. كان من الغريب عند الإعلان الأول لبرنامج إسلام أن تضع القاهرة والناس برنامجًا دينيًا على شاشاتها وهي تبدو صارمة في وجود مُحتوى ديني أو حتى وجود أي شكل إسلامي على شاشاتها “وجود محجبات، رفع الآذان، صلاة الجمعة .. إلخ”.
لكن بعد بث الحلقات الأولى ومعرفة المواضيع التي سيتناولها فقد زال العجب وُوضع الشبك! وضع طارق نور في الصورة خلف إسلام البحيري يضع نُقطة اُخرى هامة ومحورية في تفسير استمرارية وحِدة وقوة منهج إسلام التحليلي والنقدي.
بركان يتحرك
بينما كانت الشُهرة في الماضي صعبة أصبح سب أسلاف المسلمين أسرع وسيلة للشهرة. الانتقادات العنيفة والقوىة لكُتب التراث وكاتبيها أصبح طريق سهل وقصير للشهرة لا تُخطئه عين. إسلام بدأ في سطوع نجمة تحديدًا بعد رفع سقف الانتقادات لشكل غير محدود من النقد صوب علماء المسلمين الأوائل.
في عهد الإخوان المحدود برز العديد ممن يشتمون كتب التراث بعضهم كان يتعمد ذلك “مشاكسةً” واستفزازًا لفكر الاخوان وردًا خلفيًا من الظهر، لكن البعض الآخر وجد أن ثورة المصريين أمام مبارك كانت في باطنها ثورة أخرى تدورحول الدين.
بعد الثلاثين من يونيو تم تعلية السقف أعلى فأعلى وسط زخم إعلامي هائل مدفوع لما أسموة “بثورة دينية” على تجار الدين والأهم على التراث الإسلامي المتطرف. إن إسلام يبدو مشتت الهدف ويصوب مدافعة على الجميع ويتعمد بشكل كبير استفزاز المشاهدين العاديين قبل المختصين بالفكر الإسلامي التقليدي بكلمات حادة وقوية.
إن إسلام ورفاقه يعتقدون أن في انتقاد أسلاف المسلمين وكُتبهم بتلك القوة والدافعية سينفتح أمامهم أبواب “ما” نحو التغير، حالمين بنهضة في التراث أو ببساطة “ثورة ” كالثروة على الكنيسة الأوروبية. على الجانب الآخر يقبع غضب سلفي مُتصاعد ومُلتهب حول الظاهرة بأكملها وبدأت اللهجة ترتفع لمستوى يتطارد مع مقدار النقد وبين ذاك وذاك يقف الأزهر بترقب وحياء خوفًا من نعتة بالتطرف والإخوانية من جهة أو بالتسيب والتصوف من جهة أخرى.
إن رائحة البركان تتصاعد والفوهة تقترب من الانفجار ولا أحد يريد أن يتدخل ليطفئ اللهيب أو ببساطة لا يبدو أن أحدا يكترث!
________________________________
* الاسئلة والأجوبة ضمن مقتطفات من حوارات سابقة مع إسلام البحيري.