بالقرب من المقر العام للأمم المتحدة في مدينة نيويورك الأميركية، التقى واجتمع عدد من المعارضين السوريين والإيرانيين والأمريكيين حول هتافات مناهضة لسياسات كل من الرئيس الأميركي باراك أوباما، والإيراني حسن روحاني، والسوري بشار الأسد، وأما داخل المبنى الرئيسي للمقر، وإن لم يحدث لقاء مباشر بين أوباما وروحاني، فإن خطاباتهم تقاربت وغابت عنها تهم قديمة كان زعماء البلدين يتبادلانها في كل محفل.
روحاني، الوجه الجديد للسياسة الإيرانية، حاول تقديم صورة جديدة لدولة إيران، دولة قال عنها أنها “لا تشكل أبدا تهديدا للعالم أو لمنطقتها”، داعيا العالم وفي مقدمته أمريكا ورئيسها باراك أوباما إلى عدم الإصغاء إلى “مجموعات الضغط المؤيدة للحرب”، مؤكدا أن بلاده لا تسعى إلى امتلاك السلاح النووي وأن برنامج بلاده النووي مخصص للأغراض السلمية فقط.
وأما باراك أوباما فقد سبق خطابُه خطابَ نظيره الإيراني، وكانت كلماته إيجابية متلائمة مع تصريحات روحاني، حيث أقر أوباما للمرة الأولى بحق إيران في امتلاك واستخدام الطاقة النووية السلمية، مؤكدا على ضرورة إتباع الخيار الدبلوماسي مع إيران للتعامل مع ملف برنامجها النووي، حيث قال أوباما: “يجب أن يثق العالم بأن البرنامج النووي الايراني سلمي”، مشيرا إلى أن إيران مطالبة بإثبات ذلك عبر “أفعال” تقنع الجميع.
وأبدى أوباما ترحيب بلاده بانتخاب حسن روحاني رئيسا لإيران، معتبرا أن الشعب الإيراني فوض روحاني ليسلك “طريقا اكثر اعتدالا” من الطريق الذي سلكه سلفه أحمدي نجاد، ثم تابع قائلا: “بما أن الرئيس روحاني التزم التوصل إلى اتفاق، طلبت من (وزير الخارجية) جون كيري إدارة هذه الآلية مع الحكومة الإيرانية بتعاون وثيق مع الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين” ثم أضاف: “قد يبدو من الصعب جدا تجاوز العقبات الا انني مقتنع بأنه لا بد من تجربة الطريق الدبلوماسية”.
ورغم هذا التواد غير المسبوق الظاهر في خطابات روحاني وأوباما، لم تُرِد الدبلوماسية الإيرانية أن تظهر لشعبها المزيد من الانفتاح تجاه أمريكا المسماة ب”الشيطان الأكبر” في إيران، ففي تعليقه على عدم حصول لقاء مباشر بين الرئيسين وعدم حصول مصافحة بينهما خلال مأدبة العشاء كما كان متوقعا، قال مسؤول أمريكي رفيع المستوى لوكالة الأناضول أن الجانب الإيراني أبلغهم بأنهم لن يتمكنوا من مصافحة الجانب الأمريكي لأن هذا سيسبب لهم إحراجات كثيرة خلال الفترة الحالية.
أوباما وروحاني، تركا خط رجعة للخطاب العدائي القديم في حال فشل الخطاب الانفتاحي الجديد، فبينما عمل روحاني على استفزاز الطرف الأمريكي بالإشادة بخطوة حليفه السوري بالانضمام إلى معاهدة حظر الأسلحة الكيماوية وبإدانة الهجمات التي تشنها الطائرات من دون طيار على “الأبرياء” قائلا: “استخدام الطائرات من دون طيار ضد أبرياء باسم مكافحة الإرهاب يستوجب الإدانة أيضا”، ربط أوباما موقفه المتراجع حول بشار الأسد، الذي لم يعد فيه ذكر لضرورة رحيل الأسد، بشرط التزام بشار بتعهداته مشيرا إلى أن “بلاده مستعدة لاستخدام كافة عناصر القوة بما في ذلك القوة العسكرية”.